x

ما هى أسباب دعم جامعة النيل وإهمال الجامعات الحكومية؟

الثلاثاء 01-09-2009 23:00 |

ولو نحن أردنا الإشارة إلى الوقائع التى تنشرها الصحف الحكومية وتكشف عن الصراعات بين أجنحة النظام والحزب الوطنى، وتعدد مراكز إصدار القرارات وتضاربها، للدرجة التى أوصلنا فيها هذا النظام إلى الاعتقاد بأن مصر تحولت إلى دولة فيدرالية وتكاد تفقد وحدتها السياسية، فلن ننتهى من كثرة الأدلة وتواليها، إذ لاتزال أصداء المعركة التى نشبت حول جامعة النيل الأهلية، ودور رئيس الوزراء فيها، وما نشر عن المبالغ الهائلة التى دفعتها الحكومة للجمعية التى تشكلت وأنشأت الجامعة عندما كان الدكتور أحمد نظيف وزيراً للاتصالات ثم رئيساً للوزارة، وعدم تعيين رئيس لها حتى الآن، والاكتفاء بتعيين العالم المصرى - الأمريكى الكبير الدكتور طارق خليل قائماً بالرئاسة، مما دفع الذين قادوا الحملة ضد نظيف لاتهامه بأنه يحجز المنصب لنفسه عندما يترك الوزارة، ويتمتع بما يوفره من رواتب ومكافآت هائلة، فى وقت تم فيه إفشال مشروع إنشاء جامعة الدكتور أحمد زويل للتكنولوجيا، ونحن لن نغرق فى التفاصيل، لأنها لا تضيف جديداً،

لكن ما يهمنا هو أن من دافعوا عن الدكتور نظيف اتهموا صراحة عدداً من الوزراء بأنهم وراء الحملات التى تسىء إليه أملاً فى إقالته، وتولى المنصب بدلاً منه دون تحديد لأسمائهم، واتهام عدد من رجال الأعمال وأصحاب الجامعات الخاصة بالمشاركة فى الحملة، لأن جامعة النيل تهددهم بعد أن قررت قبول الطلاب الحاصلين على الثانوية العامة هذا العام، بعد أن كانت تقتصر على الذين يعدون الماجستير والدكتوراه، وطبعاً الغالبية الساحقة من أصحاب الجامعات الخاصة هم من العناصر القيادية فى الحزب الوطنى، وزاد من البلبلة أن رئيس الوزراء نتيجة التساؤل عن عرقلة مشروع جامعة زويل، أصدر قراراً بتخصيص أرض لها فى مدينة 6 أكتوبر، على أن يقوم زويل باستخدام اتصالاته الواسعة بجمع التبرعات لها، كما تعرض زويل لهجمات بأنه كان قد طلب تخصيص ألف مليون جنيه من الدكتور عاطف عبيد عندما كان رئيساً للوزراء لإنشاء الجامعة إلا أنه رفض.

وفى حقيقة الأمر، فإن كل هذا يجب تنحيته، ولتكن المعلومات التى ذكرها المتحدث باسم مجلس الوزراء الدكتور مجدى راضى، ووزير الاتصالات الدكتور طارق كامل صحيحة، وأن المشروع هو جامعة أهلية لا تهدف للربح وتحقق قفزة هائلة فى التعليم، وبالتالى فإن قاعدة الحساب هنا ستكون مختلفة، ونتساءل: أيهما كان الأولى بتقديم الدعم والجهد الهائل، إنشاء جامعة أهلية جديدة وتوفير الدولة كل الإمكانيات المالية لها، أم إنقاذ الجامعات القائمة والعريقة من مشاكلها وتطويرها لتنافس الجامعات العالمية؟

ذلك أنه بينما الحكومة تقدم كل الدعم لجامعة النيل التى تنشأ حديثاً، فإنها قامت منذ حوالى سنة فقط بالإقدام على جريمة لا يمكن غفرانها لها لو كنا فى دولة حقيقية، مهما كان نظامها - ديمقراطى أو ديكتاتورى، اشتراكى أو رأسمالى - عندما طرحت للبيع أمام المستثمرين بواسطة الشركة القابضة للسياحة التابعة لوزارة الاستثمار الأرض الفضاء الملاصقة لجامعة القاهرة ورفضت بعجرفة طلباتها ترك الأرض لها، لحاجتها للتوسعات، وكأنها جامعة تل أبيب أو حيفا،

ولم يوقف جريمة الحكومة إلا الحملة التى بدأتها جريدة «الأهرام» ونداءاتها لرجال الأعمال والأغنياء المصريين والعرب من خريجى الجامعة للتبرع لها لشراء الأرض من الحكومة، وقد أسرع الأمير طلال بن عبدالعزيز بالتبرع بمليون جنيه، وكبرت الحملة وسط دهشة غير معقولة من تصرف الحكومة، وأحس وزير الاستثمار الدكتور محمود محيى الدين بالإحراج، فأعلن أنه سيتم التبرع بالأرض للجامعة،

 وبدأنا نسمع عن معزوفة الحب للجامعة العريقة التى خَرجت أجيالاً وأجيالاً، وكان الأشد عجباً هو موقف رئيس الوزراء نفسه وهو خريج كلية الهندسة، وعمل أستاذاً بها، وكان بإمكانه أن يعطى الأوامر من البداية لوزير الاستثمار بأن يطلب من شركته وقف المهزلة، وإصدار قرار ضم الأرض للجامعة، وتقديم الدعم المالى لها للقيام بتوسعاتها، مثلما كان هو ووزراء المالية والاتصالات يقدمون كل الدعم لجامعة النيل.

بل الذى يثير الدهشة أكثر، أنه لم يهتم، ولو من باب التخصص، بمنح تسهيلات وأموال أكبر لكليات الهندسة فى الجامعات الحكومية، وتطويرها بسرعة، خاصة أن هناك قسماً نووياً فى الإسكندرية، مادام حريصاً هو وحكومته إلى هذه الدرجة على تطوير التعليم التكنولوجى، فأيهما الأسهل والأولى، ما هو قائم فعلاً ويمتلك الإمكانيات والأساتذة ويحتاج للمال فقط، أم إهماله وتركه يفشل وإقامة جامعات جديدة وبديلة؟!

والأغرب من موقف الوزارة هو موقف لجان التعليم فى الحزب الحاكم وأمانة السياسات وخطة جودة التعليم، التى لم تسرع بالتحرك ووقف عملية حرمان الجامعة من قطعة الأرض والتوسع فيها.

فإذا لم تكن هذه الأحداث العلنية أدلة على تفكك مصر إلى إمارات وإقطاعيات لكل منها سياساتها المستقلة، وتحولها إلى دولة فيدرالية، فماذا تكون إذن؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية