أصدر حزب «التجمع الوطني للإصلاح والتنمية» الإسلامي في موريتانيا، وثيقة حول الوحدة الوطنية، تتضمن رؤية الحزب لـ «التأسيس لأرضية تضمن التعايش السلمي بين مختلف مكونات الشعب الموريتاني».
وذكرت الوثيقة، التي تم توزيعها أثناء ندوة نظمها الحزب، مساء الأربعاء، أن «البلاد بحاجة إلى رؤية شاملة لمعالجة الإشكالات الكبرى التي تتهدد لحمة ووحدة الموريتانيين».
واعتبرت الوثيقة أن الوحدة الوطنية «عنوان يشمل مختلف القضايا ذات الصلة بوحدة البلاد أرضاً ومواطنين، وبالتالي كل العناوين التي تمس الموضوع العرقي والثقافي أو الموضوع الاجتماعي والحقوقي أو الموضوع الفئوي أو الموضوع الجهوي والمناطقي».
وأشارت الوثيقة في مجال التشخيص لإشكالية الرق، إلى أن موضوعه «يظل مطروحا في كل المكونات الوطنية ويظل تحديد الموقف والسلوك في شأنه مطلوباً من الجميع لمعالجة هذه الإشكالية المعقدة».
واستعرضت 21 نقطة أساسية، باعتبارها مرتكز الحلول المنشودة لمعوقات الوحدة الوطنية، مشيرة إلى أن «إحياء القيم والتعاليم الإسلامية القائمة على التقوى والمساواة بين الناس، ونشر الخطاب الإسلامي الصحيح المحقق لأداء حقوق الأخوة والتكافل، هي أمور يجب أن تكون منطلقا لتصور عملي لمواجهة هذه الإشكالات».
ودعا الحزب في وثيقته العلماء والدعاة والأئمة، إلى القيام بدورهم في «نزع غطاء الشرعية عن الممارسات الاسترقاقية بكل مظاهرها».
وطالبت الوثيقة بإطلاق مشروع المصالحة الوطنية «القائم على الحوار الشامل والقاصد نتائج تجبر الماضي جبراً حقيقياً وتفتح الآفاق أمام إعادة بناء الدولة والعقد الوطني بناء صحيحا».
كما أوصت الوثيقة بضرورة «سنّ قانون يجرم العنصرية ويعاقب عليها، على غرار قانون تجريم الممارسات الاسترقاقية».
واعتبرت الوثيقة أن البلاد «بحاجة لبلورة تصور شامل لإصلاح التعليم قائم على الثقافة الإسلامية الجامعة ومؤسس على اللغة الرسمية واللغات الوطنية المختلفة ومنفتح على اللغات العالمية ومستوعب لمقتضيات التطور وخادم لمتطلبات التنمية».
وينقسم المجتمع الموريتاني عرقيا إلى مجموعتين: عرب وزنوج، وتنقسم المجموعة العربية إلى عرب بيض (البيظان) وعرب سمر (الحراطين)، وتضم المجموعة الزنجية 3 مكونات هي البولار والسونيكي والولف.
وتعتبر شريحة الزنوج أنها تعيش تهميشا من قبل الأغلبية العربية الحاكمة، لذا تطرح بعض الأطر السياسية المحسوبة عليها مطلب الحكم الذاتي لزنوج موريتانيا في منطقة الضفة، جنوبي البلاد.
فيما يعود تاريخ الجدل حول الرق في موريتانيا إلى السنوات الأولى لاستقلال البلاد بداية ستينيات القرن الماضي، حينما كانت العبودية تنتشر بشكل علني، بين كافة فئات المجتمع الموريتاني، سواء تعلق الأمر بالأغلبية العربية، أو الأقلية الأفريقية.
وجاء أول إلغاء حقيقي للعبودية، في 1982، خلال حكم الرئيس الأسبق محمد خونا ولد هيدالة.
لكن وبعد مرور سنوات، يقول نشطاء حقوق الإنسان، إن حالات عديدة من العبودية ظلت قائمة، وممارسة بشكل فعلي في أنحاء موريتانيا، فيما تؤكد السلطات أنها تبذل جهودًا مكثفة لعدم عودة هذه الظاهرة مرة أخرى.
وتتهم المنظمات الحقوقية السلطات الموريتانية والمجتمع التقليدي برعاية الرق والتستر على ممارساته.
وقبل عدة أشهر، اتخذت الحكومة الموريتانية التي يتولي رئاستها يحيي ولد حدمين سلسلة من الإجراء للقضاء على مخلفات العبودية تحت اسم «خارطة الطريق» التي تتضمن تطبيق 29 توصية خاصة بمحاربة «الرق».
واعتبر مراقبون أن خارطة الطريق تطال مجالات قانونية، واقتصادية، واجتماعية، وتشكل خطوة أكثر عملية، في محاربة هذه الظاهرة.