بالتأكيد لدينا من نجمات ونجوم الفن والسينما بشكل خاص الكثير. أثروا عالمنا العربى بإبداعاتهم وفنونهم. إلا أنها كانت فاتن حمامة واحدة التى توقفنا أمامها كثيرا. وسوف نظل نتوقف أمامها أيضا رغم الرحيل. لقد تركت من البصمات المؤثرة ما سيظل يلقى بظلاله عقودا أخرى عديدة. لهذا تحديدا يجب أن نبحث فى ذلك التأثير. الذى تركته فاتن حمامة. أسبابه. كيف تحقق. كيف وصل إلى الناس. أعتقد أن ذلك كله عبرت عنه مشاهد جنازة الراحلة. مشاهد الوداع. لقد كنا أمام جنازة شعبية لشخصية وطنية. قل أن تتكرر. فقط نشاهدها فى وداع الزعماء. بل أحيانا مع الزعماء تكون مصطنعة. مع فاتن حمامة كانت طبيعية.
■ ■ ■
أعتقد بصفة شخصية أن السبب فى كل ذلك. كان عاملين مهمين إلى حد كبير فى حياة فاتن حمامة الفنية. الأول منهما هو الصدق فى الأداء، بمعنى الإيمان بالقضية التى اختارت التعبير عنها. الثانى منهما هو اختيار قضايا حقيقية يعانى منها المجتمع، أو هى ظواهر حقيقية فى المجتمع. الإغراء لم يكن موجودا فى سيرتها الفنية. كما أفلام المقاولات لا وجود لها فى ذلك الرصيد الممتد. بالتالى كنا دائماً أمام أداء صادق فى قضايا جادة. ليس أولاها دعاء الكروان. كما لم يكن آخرها ضمير أبلة حكمت. ارتبطت صورة فاتن حمامة فى أذهان الجماهير دائماً وأبدا بالأدوار الهادفة. لم تفلح محاولات المخرجين فى زحزحتها هى أيضا عن هذه العقيدة.
■ ■ ■
هى رسالة إذن من فاتن حمامة،. ليس إلى أهل الفن فقط. هى للإعلاميين أيضا. للسياسيين. ربما لكل الطوائف. الصدق فى العمل هو الأساس. الإيمان بالقضية لا يقل أهمية. الذين هم بلا ضمير لن ينتبه أحد إلى جنازاتهم. أو إلى رحيلهم. المتحولون والذين لا ينتصرون لقضايا المجتمع لن يجدوا من يترحم عليهم. هذه هى الحقيقة التى قد ندركها جيدا. إلا أن جنازة فاتن حمامة أكدت عليها. كانت جنازة للتذكرة. للموعظة. أكدت أننا شعب محب للفن. لكن ليس أى فن. محب للفنانين. لكن ليس أى فنانين. ما تركته تلك الفنانة الراحلة من تراث فنى عظيم يجعلنا نترحم عليها طويلا. تصوروا. هكذا يمكن أن يكون الفن سببا للرحمة لم لا؟.. دعوات الناس ليس بينها وبين السماء حجاب.
■ ■ ■
السؤال هو: كم فاتن حمامة فى عالم الفن. وكم فاتن حمامة فى عالم الإعلام. وكم منها فى عالم السياسة. وكم فى عالم الأعمال. وكم فى عالم العمل العام. كم فى مصر بصفة عامة؟.. أسئلة أطرحها للنقاش.
رحم الله الفنانة الراحلة بقدر ما تركت لنا من رسالة أخلاقية عظيمة فى محتوى فنى متميز.