ضاعت أحلام الشباب فى أسوان بحثًا عن وحدة سكنية منخفضة التكاليف، رغم تعدد أنماط الإسكان الحكومى، فجميع المشروعات السكنية التى شرعت فى إنشائها الدولة لم تحقق أهدافها حيث وصل سعر الوحدة إلى 160 ألف جنيه بإسكان الشباب الذى يمثل أقل درجة فى الإسكان الاقتصادي بعد تأخر تسليم الوحدات السكنية بالمشروع للحاجزين منذ 2008، وتغيير مسمياته حسب كل مرحلة قبل وبعد الثورة، فى حين أن المشروع واحد، إلى جانب بطء عمليات الإنشاء، التى تقدم لها الآلاف من الشباب الذى بنى آماله فى الحصول على وحدة سكنية بسعر اقتصادى.
وفتحت المحافظة الباب للحجز فى مشروعى إسكان الشباب، والأوقاف بنظام الإيجار، حتى تجاوز عدد المتقدمين أعداد الوحدات التى يتم تنفيذها وحصلت منهم على مقدمات حجز، حتى إن قوائم انتظار مشروع إسكان الشباب بالصداقة الجديدة وصل إلى نحو 15 ألف حاجز لم يصبهم الدور بعد 6 سنوات قضوها فى انتظار الحصول على وحدة سكنية، وتسديدهم مبلغ 5 آلاف جنيه مقدم الحجز، إلى جانب الإسكان المتميز شبه المتوقف، بالإضافة لإسكان الأوقاف بالصداقة الجديدة.
ويقول الدكتور محمود المطيرى، عضو لجنة الحاجزين بالإسكان المتميز بمنطقة العقاد: عندما أنشأت المحافظة مشروع إسكان الشباب، الذى كان يسمى إسكان مبارك ثم تحول بعد ثورة يناير إلى إسكان الشباب، سمى جزء منه بالإسكان الاجتماعى، ليتم تغيير المسميات على نفس المشروع وذات العدد من الوحدات بعد أن أعلن الرئيس الأسبق مبارك عن مشروع المليون وحدة سكنية عام 2005 بمساحة 63 مترًا، والتى تم توزيعها على كل المحافظات، حيث انتهت جميع المحافظات من تنفيذ مراحلها إلا أسوان، فتحت باب التقديم لحجز الوحدات بالمشروع فى عام 2008 بمقدم 5 آلاف جنيه، تم تحصيلها من المتقدمين، وتم تقسيمها إلى 5 مراحل وبالفعل بدأ تسليم الوحدات على مراحل حتى المرحلة الخامسة، وتبقى هناك نحو (15) ألف حاجز لهذه الوحدات ضمن قوائم الانتظار لم يصبهم الدور منذ 2008 ولم يتسلموا وحداتهم حتى الآن نتيجة قيام المحافظة بفتح باب التقديم العشوائى أمام المواطنين، بما لا يتناسب مع عدد الوحدات المعلنة.
ويوضح المطيرى أن تكلفة الوحدة بلغت 45 ألف جنيه، بعد أن كان سعرها 35، على أن تتحمل الدولة باقى قيمة الوحدة، وتقوم المحافظة بتسليم الحاجزين الوحدة خلال 5 أو 10 سنوات على مراحل، ومنذ 2008 حتى هذه اللحظة وأموال الحاجزين تم إيداعها لدى المحافظة كمقدم حجز منذ 6 سنوات، وكان من المفترض قيام المحافظة بتقسيط باقى المبلغ المتبقى بعد دفع المقدم وهو 40 ألف جنيه، واستغلال هذه المدة لسداد قيمة الوحدة بالتقسيط خلال تلك السنوات، لحين تسليم الوحدة، لكن المحافظة نفضت يدها، وتم إسناد الوحدات للبنك الأهلى ووصل سعرها بالفوائد البنكية إلى 160 ألف جنيه، لأنه عند التسليم إما أن يتم سداد باقى قيمة الوحدة وقدرها 40 ألف جنيه دفعة واحدة، أو تقسيطها عن طريق البنك الذى يتعامل مع الأقساط على أنها قرض وأدخل عليها فائدة، حيت يتم سداد 200 جنيه أقساط شهرية، بضمان الوحدة التى من الأساس ليست ملك الحاجز.
وتابع المطيرى: المحافظة وقعت فى خطأ كبير، عندما قامت بتحصيل مقدم الحجز من جميع المتقدمين فى 2008، لأن بعض الحاجزين دفعوا بازدواجية فى أكثر من مشروع إسكان، ما أدى لارتفاع عدد المقيدين فى قوائم الانتظار وكان من المفترض تحصيل عدد معين طبقًا لعدد الوحدات المنفذة، لكنه تم أخذ أعداد أضعاف الوحدات المقررة.
أما إسكان الأوقاف بالصداقة الجديدة، فتقدم له نحو 22 ألفًا، قاموا بسداد مبلغ 1000 جنيه للحجز، فى حين الوحدات المستهدف تنفيذها 4800 وحدة، وبعد 6 سنوات لم ينفذ سوى نصف المشروع.
ويضيف المطيرى، بالنسبة لمشروع الإسكان المتميز بمنطقة العقاد، فكان عبارة عن 125 عمارة سكنية تضم 3 آلاف وحدة، تم التخصيص لـ 1466 حاجزا كمرحلة أولى، وسددوا أقل من 30% من قيمة الوحدة، والمرحلة الثانية تم تخصيص 385 وحدة، ما يعنى أن عدد الحاجزين لم يصل إلى النصف، مضيفًا تلقينا من قبل عدة وعود بتسليم الوحدات فى الأول من 2010، و30 يونيو 2012، ويناير 2014، ثم 30 يونيو المقبل، وتبين أن ما نفذ من مبانى بالمشروع حوالى 50% بدون أى مرافق.
ويضيف المطيرى حدث خلاف بين الحاجزين بالمشروع والمحافظة فيما يخص سعر الوحدة الذى وصل لأسعار خيالية بسبب البنود التى وضعت ضمن تكلفة الوحدة.
اللافت أنه تم تخصيص الوحدات بالمشروع عن طريق الإنترنت، وهذا غير قانونى، لأن التعاقدات يجب أن تتم بعقود رسمية بين صاحب التخصيص والمحافظة.
ويقول محمد رمضان، أحد الحاجزين للوحدات السكنية بالصداقة، إن أسوان تعانى من مشكلة فى إسكان التعاونيات، الذى يفترض أن يساهم مع الدولة فى حل مشاكل الإسكان، لكنه للأسف حتى هذه اللحظة لا يقل عن 400 جمعية لم يخصص لها أراض وعندما يتم التخصيص يكون فى أسوان الجديدة على بعد 20 كيلو، رغم المساحات الشاسعة من الأراضى بمدينة أسوان، لافتًا إلى أن مشاكل الإسكان فى المحافظة ذات طبيعة خاصة نظراً لطبيعة الجو الحار والعمالة المكلفة والمناطق الجبلية المرتفعة والمنخفضة، فيصعب على الأهالى إنشاء إسكان بالجهود الذاتية، لذا يلجأ المواطنون دوماً إلى الإسكان الحكومى أو من خلال المشروعات التى تنفذها وزارة الإسكان.
ويقول محمود عبدالله، أحد الحاجزين بوحدات إسكان الأوقاف بالصداقة الجديدة، تم الإعلان عن المشروع الذى تنفذه الأوقاف منذ 6 سنوات وتقدم الآلاف، الذين سددوا ألف جنيه مقدم حجز وحتى هذه اللحظة لم تسلم أى وحدة، بسبب عدم اكتمال المرافق، فيما انتهت الأوقاف خلال 6 شهور فقط من مشروع إسكان سما أسوان الذى طرحته المحافظة بالنظام الاستثمارى، وتنفذه الأوقاف على كورنيش النيل بعد استقطاع أراض من نادى أسوان الرياضى لإقامته، ويصل فيه سعر الوحدة إلى نحو مليون جنيه فى حين إسكان الغلابة لم يكتمل بعد، ما يضع علامات استفهام حول سرعة تنفيذ هذا المشروع، ويضيف عبدالله: مشروعات الإسكان بالمحافظة تعانى من مشكلة فى المرافق، لأن المرافق الموجودة لا تتحمل مشاريع جديدة.
ويقول على توفيق، من مواطنى أسوان، أن مدينة أسوان الجديدة لم نستفد منها شيئاً حيث تعمل فى جزيرة منعزلة ولا نشعر أنها فى أسوان ونسمع عن مشروعاتها منذ سنوات ولم نر شيئاً لأنها تتبع وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة ولا تتبع المحافظة والعمل بمشروعات الإسكان بها يسير ببطء شديد كما أنها تفتقر إلى المرافق ولا يوجد أمن أو مستشفى أو مواصلات، ومن الصعب أن تأخذ أحدا وتلقى به فى الصحراء وتطلب منه أن يعيش هناك.
وتسببت القيود المفروضة على ارتفاعات المبانى بالمدينة فى زيادة قيمة الوحدات السكنية بصورة خيالية، نتيجة محدودية المساحات المخصصة للبناء بوسط المدينة، ليصل سعر الوحدة إلى مليون جنيه ووصل سعر متر الأرض إلى 30 ألف جنيه للمتر الواحد، مما ترتب عليه ارتفاع أسعار الوحدات فى أنحاء المدينة والمجتمعات العمرانية الجديدة، كما تسبب اختلاف شروط البناء فى تشويه شكل كورنيش أسوان فالارتفاعات بين الأحياء السكنية تختلف من مكان إلى آخر، فارتفاعات حى جنوب تختلف عن شمال وشرق وغرب أسوان على حسب الاشتراطات التى تتلخص فى عدة شروط، أولها وجود فراغات حول المبنى يسمح بوجود ارتفاعات أكبر، والحصول على موافقات الطيران المدنى وعرض الشارع والمخطط الاستراتيجى، مما تسبب فى تشويه منظر البنايات فى المدينة.