مع أذان الفجر، يستيقظ أهالى شارع التعاون بمنطقة فيصل، محافظة الجيزة، على أصوات ارتطام أسطوانات الغاز الفارغة، يجرّها أصحابها بسرعة أمامهم لحجز أماكنهم فى طابور طويل يبدأ من باب مستودع الأنابيب فى بداية الشارع حتى نهايته، لا يهمهم برودة الطقس الشديدة أو الوقوف لساعات طويلة على أقدامهم، قدر ما يشغلهم كيفية إعداد وجبة ساخنة لأبنائهم بعد أن نفد الغاز من الأسطوانات.
دياب حسن، حارس عقار بشارع فيصل، لا يمتلك خمسين جنيها لشراء أسطوانة غاز، فاضطر إلى تناول الخبز الجاف والجبن طوال ثلاثة أيام كاملة - حسب قوله - «مصر قام فيها ثورتين ولسه الحكومة مش قادرة توفر أسطوانة غاز لكل مواطن، 3 أيام مش عارفين ناكل فيها لقمة سخنة تدفى أولادى فى عز السقعة، ومش عارفين نشتكى لمين. الأزمة بتحصل كل سنة فى نفس التوقيت، ياريت حد من المسؤولين ييجى يقف فى الطابور علشان يشوف البهدلة اللى بتحصل».
حالة من الهرج والمرج لحظة دخول سيارة أسطوانات الغاز، تصل إلى حد الاشتباك بالأيدى بين الأهالى فى سبيل أولوية الحصول على أسطوانة غاز، رغم محاولات القائمين على المستودع الفصل بين الأهالى.
أرجع محمد على، صاحب المستودع، أزمة نقص البوتاجاز إلى إقدام حراس العقارات على شراء أكثر من أسطوانة غاز يوميا لبيعها فى السوق السوداء بأضعاف ثمنها.
لا يقتصر مستودع الأنابيب فى فيصل على أهالى منطقتها فقط، وإنما إلى المناطق المجاورة. ميرفت سعيد، السيدة الأربعينية، خرجت من منزلها فى بولاق الدكرور فى الرابعة صباحا مع عدد من جيرانها، استأجروا سيارة نصف نقل لتغيير أسطوانة الغاز الفارغة فى المستودع، وقالت: «اتفقت مع 3 من جيرانى على الخروج الفجر علشان نغير الأنابيب فى فيصل، وبنأجر عربية نصف نقل علشان نحمل الأنابيب عليها، وبندفع لها 30 جنيه، وده أرخص من تمن الأنبوبة فى السوق السوداء».
تساءل محمد رضوان، أحد أهالى الجيزة، عن مشروع الأنبوبة «الديليفيري» التى طالما تحدث عنها وزير التموين العام قبل الماضى للحد من أزمة أسطوانات الغاز، وطالب بزيارة الوزير ليرى بعينيه «المهزلة» - على حد وصفه - وقال: «طول عمرنا بنسمع من الحكومة كلام فى الهوا.. فين الحكومة اللى نادت براحة المواطن من خلال توصيل الأنبوبة من المستودع لغاية بابه عن طريق رقم ساخن؟، وده أكبر دليل على أن الحكومة فى وادى، والحقيقة والواقع فى وادى تاني».
اتهم محمود عبدالعال، أحد سكان فيصل، أصحاب مستودعات الغاز ببيع الأسطوانات إلى تجار التجزئة، الذين استغلوا أزمة نقص البوتاجاز، لتباع الواحدة فى السوق السوداء مقابل 50 جنيها. «أول ما تيجى عربية الأنابيب يهجم عمال التجزئة عليها ويحمّلوا الأسطوانات على عربات الكارو أمام عنينا، ولما نتكلم مع صاحب المستودع يتعارك معانا، وممكن نقف فى الطابور 6 ساعات ولما الدور ييجى علينا تخلص الأسطوانات، ويكون الحل إما شراء الأنبوبة بأضعاف سعرها أو الانتظار لليوم التالى» هكذا يقول عبدالعال.
فيما أكد محمد على، صاحب مستودع الأنابيب، أن عمال المخزن ممن يحملون الكارنيهات هم من لهم حق الأولوية فى الحصول على حصته من أسطوانات الغاز. ونفى «على» إعطاءه الأولوية لتجار التجزئة على حساب المواطن. «عند حضور سيارة الأنابيب، يحصل كل مواطن على اسطوانته فى نفس الوقت الذى يحصل فيه تاجر التجزئة على حصته أيضا، ولا نأتى على حساب المواطن البسيط» هكذا يقول صاحب المستودع. وأكد «على» انفراج أزمة الأنابيب خلال الأيام القادمة، وهو ما ظهرت بوادره فى رفع حصته من أسطوانات الغاز لتصل إلى 1200 أسطوانة يوميا منذ صباح أمس الأول.