تنشر صحيفة «شارلى إيبدو» الفرنسية الساخرة، الأربعاء، أول أعدادها، بعد الهجوم الذي أودى بحياة عدد من صحفييها، الأربعاء الماضى، متضمنًا رسمًا كاريكاتيريًا جديدًا على غلافها للنبى محمد (ص)، الأمر الذي أثار غضب عدد من المنظمات الإسلامية في فرنسا وأوروبا إلا أنها دعت المسلمين إلى «الهدوء».
وتظهر صورة غلاف الصحيفة، التي تعرضت من قبل لانتقادات من مسلمين لنشرها رسومًا مسيئة للنبى محمد، رجلًا معممًا يُقصد به أن يكون النبى محمد، وهو يبكى وتحته كلمات تقول بالفرنسية: «كل شيء قد غُفر»، بينما يمسك بلافتة مدون عليها «أنا شارلى»، في إشارة إلى عبارة باتت رمزًا للتضامن مع الصحيفة ضد الهجوم الذي تعرضت له، وذلك وفقًا لنسخة أولية من المجلة نشرتها صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية على موقعها الإلكترونى، الثلاثاء.
وحسب «ليبراسيون»، التي تستضيف المقر المؤقت لـ«شارلى إيبدو»، يتكون العدد الذي يحمل الرقم «1178» من 8 صفحات، ويحمل اسم «عدد الأحياء». وقررت إدارة «شارلى إبدو» أن يصدر من العدد الجديد 3 ملايين نسخة، مقابل 60 ألفًا في المعتاد، على أن يُباع في 25 بلدًا، مترجمًا إلى 16 لغة.
وتلقى الناشر سيلًا من الطلبات في فرنسا والخارج، ما جعله يقرر، الاثنين، الصدور بهذا الرقم الاستثنائى بـ3 ملايين نسخة بدلا من مليون نسخة، كما كان مقررًا.
وفى محاولة منه لتبرير نشر رسم كاريكاتيرى للنبى محمد (ص) في العدد الجديد، قال المحامى والناطق باسم الصحيفة، ريشار مالكا، إن رسوم النبى محمد (ص) وشخصيات أخرى من كل الديانات «أمر عادى في الصحيفة منذ أعوام».
وأضاف: «فى كل عدد من شارلى إبدو، ومنذ 22 عامًا، لم يصدر أي عدد دون رسوم كاريكاتيرية للبابا وليسوع ولكهنة أو حاخامات وأئمة ومحمد (ص)».
وتابع قائلاً: «إن روحية (أنا شارلى) تعني أيضًا الحق في الإساءة إلى الأديان»، على حد زعمه.
وقبيل يوم من صدور عدد «شارلى إبدو»، دعت أكبر منظمتين لمسلمى فرنسا، «المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية»، و«اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا»، الاثنين، المسلمين إلى «التحلى بالهدوء وتفادى الردود الانفعالية».
وقال مستشار رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، إن «شارلى تستفز المسلمين بإعادة رسم كاريكاتير للرسول»، لكنه حذر مسلمى العالم من هذا «الفخ»، فيما قال رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، عبدالله بن منصور: «سنتألم، ولكننا سنصبر كما صبرنا من قبل، ولا نتوقع ردود فعل حمقاء.. هم يريدون استفزاز المسلمين، وهو ما لن يحدث.. سنكون أعقل منهم بكثير، مثلما كنا في السابق».
وتابع قائلا: «بالنسبة للرسومات التي نشرت والتى ستنشر فيما بعد، نحن نقول إن الله تكفل بالدفاع عن النبى (ص)»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن «الاتحاد سيقوم بأنشطة مختلفة خلال الأيام المقبلة لمواجهة الإسلاموفوبيا (الخوف من الإسلام)، سيحددها مثقفون في اجتماعات تخرج بأفكار لتحسين صورة المجتمع الإسلامى في الغرب».
من جهتها، أدانت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) «نشر صحف فرنسية (لم تحددها) رسومًا مسيئة» للنبى محمد (ص)، ووصفت الأمر بـ«التصرف العنصرى غير الأخلاقى المستفز لمشاعر الملايين من المسلمين»، معتبرة أن ذلك «بعيد عن حرية الرأى والتعبير، ويعد إصرارًا على احتقار مقدسات المسلمين».
جاء ذلك، فيما أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أثناء حفل تكريم رسمى للشرطيين الـ3 الذين قتلوا في اعتداءات باريس، أن «فرنسا لا تنحني أبدًا، إنها تواجه» المحن، فيما اعتبر أن الأعمال المعادية للمسلمين تعد إساءة للجمهورية الفرنسية.
وأضاف: «الجنون ليس له دين، بل قناع يحمل كراهية لقيم فرنسا».
وفى الوقت ذاته، أكد المجلس الإسلامى في فرنسا أن «الإسلاموفوبيا تتصاعد ضد الأقلية المسلمة في البلاد»، وذلك منذ الهجوم الذي استهدف مجلة «شارلى إبدو».
وقال العضو في المجلس الإسلامى، المسؤول عن مراقبة «الإسلاموفوبيا»، عبدالله ذكرى، لصحيفة «لوفيجارو» الفرنسية: «وفقًا لإحصائيات وزارة الداخلية الفرنسية، وقع نحو 54 اعتداءً ضد مساجد ومؤسسات إسلامية في أنحاء مختلفة بالبلاد».
كان 12 شخصًا قتلوا، بينهم رجلا شرطة، و8 صحفيين، وأصيب 11 آخرون، الأربعاء الماضى، في هجوم استهدف مقر صحيفة «شارلى إبدو» الأسبوعية الساخرة في باريس، وأعقبته هجمات أخرى أودت بحياة 5 أشخاص خلال الأيام الماضية، فضلًا عن مصرع 3 مشتبه بهم في تنفيذ تلك الهجمات.