x

المستشار هشام البسطويسى يستكمل حواره الساخن: التنظيم السرى لايزال موجودا بالقضاء والدولة تمارس عملية إفساد للقضاة(2-2)

الثلاثاء 18-08-2009 00:00 |
تصوير : other

يكشف المستشار هشام البسطويسى نائب رئيس محكمة النقض المعار حاليا للكويت، فى الجزء الثانى من حواره، عن جانب خفى من فترة سميت «الحراك السياسى» الذى شهدته مصر قبل 4 سنوات مضت، وتحديدا خلال عامى 2005 و2006، أثناء التعديلات الدستورية والانتخابات الرئاسية والتشريعية، وهى معلومات تكشف عن كيفية تعامل الدولة مع المعارضين للنظام، أيا كانت مطالبهم أو أسماؤهم أو انتماءاتهم، ومنهم البسطويسى الذى يدافع مع زملائه من القضاة المنتمين للتيار الإصلاحى، عن «استقلال القضاء ونزاهة الانتخابات»، يكشف البسطويسى عن معلومات موثقة اتصل علمه بها حول تلفيق قضية تخابر له مع جهات أجنبية.

كما كشف عن أن مسؤولا كبيرا فى النظام أكد لهم أن مطالبهم - يقصد التيار الإصلاحى فى القضاء - سواء مطالب استقلال القضاء أو نزاهة الانتخابات هى مطالب عادلة، لكنها ستؤدى للانقلاب على النظام الحاكم.

وأكد البسطويسى أن قطار الإصلاح توقف تماما، وأصبح ملف التوريث يسيطر ويحرك شؤون البلد، مشيرا إلى أن التوريث لن يتم إلا فى حياة الرئيس مبارك، لأن المعارضين لهذا التوجه داخل النظام أكثر من خارجه، لافتا إلى أنه من حق جمال مبارك الترشح للرئاسة، لكن المهم هو مدى ارتباط برنامجه بالدفاع عن مصالح الفقراء وحقوق الإنسان واستقلال القضاء.

واعتبر القاضى البارز أن إلغاء الإشراف القضائى فى الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة ستكون له آثار وخيمة أسوأ من نكسة 67 التى تجرعتها مصر، كما تحدث البسطويسى عما يسمى «عملية إفساد القضاء» قائلا قبل أن نتحدث عن فساد بعض القضاة، علينا فتح ملف إفساد الدولة للقضاة بوسائل عديدة، وإلى نص الحوار.

■ سيادة المستشار تحدثت عن منظومة الفساد المتغلغلة بكل مكان فى البلد. وهنا لا يجب أن نتجاهل فساد بعض القضاة مع الأسف؟

- لا يمكن أن نتجاهل ذلك والدليل أننا كتيار الاستقلال نحارب الفساد داخل القضاء ونقوم بفضحه فى كل مناسبة ولا تنس أزمة الانتخابات البرلمانية الأخيرة التى فضحنا فيها تلاعب بعض رؤساء اللجان العامة فى النتائج. لكن إذا تكلمنا عن الفساد فى القضاء، فيجب أن نتكلم أولا عمن وراء هؤلاء القضاة الذين زوروا الانتخابات، من يحميهم؟، ومن يدافع عنهم؟، بالتأكيد النظام وحكومته، هما من يدافعان عنهم، وهذا برأيى هو عين الفساد، كما أن سلطات وصلاحيات وزير العدل الممنوحة له فى القانون والتى تسمح له بالتدخل فى شؤون القضاء والقضاة، من نقل وندب وإعارة وتأديب، فهذا فساد أو بمعنى أدق إفساد للقضاء والقضاة، هى باب لإفساد القضاء، فالوزير يقرر تعيين رئيس محكمة، لضمان وضع قضايا معينة أمام قضاة بأعينهم، وهذا خطير على العدالة،

وبالتأكيد هذا ما كان ليحدث لولا السلطات الممنوحة للوزير عن قصد فى القانون، بالإضافة إلى التفويض الممنوح لرؤساء المحاكم من الجمعيات العمومية للقضاة لاتخاذ قرارات لصالح الوزير، وهذا التفويض يتم استخدامه فى مسائل كثيرة بدون العرض على القضاة فى جمعياتهم العمومية، وأؤكد لك أنه لا وجود للتفويض فى القضاة فهذا تزوير، ولا يجوز للقضاة تفويض غيرهم فى قرارات، وإذا تم عرض التفويض على الجمعيات العمومية فهو باطل، وعن طريق هذا التفويض «الباطل» أو «المزور» فيتم اختيار قاض معين لنظر قضية معينة، عندما يأمر الوزير بذلك.

■ ولماذا لا يعترض القضاة على التفويض؟

- القضاة مع الأسف محكومون بإرادة الوزير ويده فى المنح والمنع سواء فى البدلات والحوافز والمزايا المادية، أو قرارات النقل والندب والإعارة، أو الإحالة للتأديب والمحاكمة، لذلك لا يستطيع كل قاض الوقوف ضد إرادة الوزير أو المطالبة بأى تغيير أو إصلاح، وهذا مع الأسف يحدث فى كل القطاعات فى مصر.

■ لكن هناك قضاة يقفون ويقولون كلمة حق؟

- بالفعل لكن كم عددهم فى كل محكمة، وللعلم فإن القضاة الذين يطالبون بالإصلاح والاستقلال فيما يعرف بتيار «استقلال القضاء» يتم توزيعهم على المحاكم بطريقة تجعلهم غير فاعلين كما أن دورهم يبقى غير مؤثر.

■ هل يعنى أن القضاة المنتمين لتيار الاستقلال أقلية؟

- لا بالطبع، ولا أقصد ذلك فالقضاة المؤمنون باستقلال القضاء كثيرون وأغلبية داخل القضاء وفى جميع المحاكم، لكنهم لا يتحدثون ولا يعترضون.

■ كم هى نسبتهم بالتحديد؟

- 80% من القضاة مستقلون.

■ والـ 20 % الباقون؟

- هؤلاء مع الأسف يدافعون عن مصالحهم، ومناصبهم وهم يعرفون أن القاضى الحقيقى لا يباع أو يشترى، ولا يأخذ تعليمات من أى جهة مهما كانت، وليس له رئيس يأتمر بأمره، والدولة استطاعت أن تحول 20% من القضاة إلى موالين لها.

■ ما معنى موالاة بعض القضاة للدولة؟

- بمعنى أن الدولة تجعلهم يأتمرون بأمرها وينفذون كلامها، وأعتقد أن التنظيم الطليعى فى القضاء، مازال موجودا حتى الآن، فالتنظيم الطليعى نشأ بفكرة أن القضاة يعيشون فى برج عاجى منفصل عن الشعب، والدولة لها توجهات سياسية واجتماعية يجب أن يلم بها القضاة، حتى تصدر أحكامهم متوافقة مع هذه السياسات للدفاع عن مصالح الفقراء ورعاية مصالح الدولة، وعلى هذا الأساس تم تجنيد بعض القضاة بالانضمام لهذا التنظيم، ويبدو أن تلك الفكرة «البراقة» كان يراد بها باطل لأن القضاة الذين انضموا بشكل سرى للتنظيم، كانت لديهم تطلعات فى المناصب والثراء، ورغم أن القضاء غير أى مؤسسة يجب أن يكون بعيدا عن السياسة ولا ينخرط فى السياسة، ترتب عليها انقسام فى القضاء، قضاة يقبلون الانضمام، فى مقابل قضاة يرفضون الانضمام، بعدها تمت مذبحة القضاء على هذا الأساس، لكن الدولة لم تتخل عن تلك الفكرة «البراقة» حتى بعد أن انتهى ذلك التنظيم، لم ينس الحزب الحاكم أن يجند قضاة للتعاون معه لتنفيذ سياسته ومصالحه،

وبالفعل بدأ هذا التيار فى إنشاء جمعيات فئوية داخل القضاة مثل جمعية مستشارى الاستئناف التى أنشأها ممدوح مرعى، وجمعية مستشارى محكمة النقض التى أنشأها مقبل شاكر، وهدفها إضعاف والقضاء على دور الجمعيات العمومية للمحاكم، كما تم إنشاء نواد فرعية للقضاة بالأقاليم، وذلك بهدف إضعاف دور نادى قضاة الأمة، وهذا التيار يلقى كل الاهتمام والرعاية من الدولة والوزارة، سواء الدعم المالى والإغداق عليهم بالوظائف والمناصب ذات المقابل المادى المتميز، كما أصبح هؤلاء وسيلة لإغراء القضاة خصوصا الشباب منهم، بأن يحذوا حذوهم، وبدأ ما يمكن أن يسمى نوعا من إفساد القضاء، ولا يمكن أن نتلافى ذلك إلا باستقلال القضاء.

■ لكن الدولة لن توافق على استقلال قضائى كامل، كما أنها تعلن أن الانتخابات تمت بنزاهة وشفافية؟

- ما تشيعه الدولة عن أن الانتخابات تمت بشفافية ونزاهة وحياد، كلام للاستهلاك المحلى والدولى، والجميع يعرفون حقيقة ما يحدث، ومع الأسف يستخدم القضاة كورقة التوت التى يغطى بها النظام تزوير الانتخابات حتى يدعوا أن الانتخابات تمت تحت الإشراف القضائى، واتفق معك على أن الدولة لن توافق على استقلال كامل للقضاء، لأنه يهدد النظام الحاكم، وأحد كبار المسؤولين بالحزب الوطنى أفضى لى بأن مطالبنا عن استقلال القضاء ونزاهة الانتخابات، هى مطالب عادلة، لكنها باختصار تعتبر مطالب لتغيير النظام الحاكم، وقال باختصار ما تطالبون به هو انقلاب وهذا لن يحدث ومستحيل، ولن يوافق عليه أحد، كما أن ذلك المسؤول طالبنا بتخفيض السقف «شوية».

■ هـل لديك أصدقاء داخل النظام وأجهزته المسيطرة؟

- نعم لدى أصدقاء عديدون فى الأجهزة الأمنية بالإضافة إلى مسؤولين فى نظام الحكم، وكانوا يتطوعون بإخبارى بما كان يحاك ضدى.

■ ولماذا يفعلون ذلك؟

- لأنهم مصريون يحبون بلدهم، فمثلا أحد الذين كانوا يراقبوننى خلال الفترة الماضية قبل إعارتى، حذرنى بأن لديهم معلومات عنى ويعدون ملفا كاملا لى، إلا أننى لا أشعر بالخوف أو ترهبنى هذه الأمور، خصوصا أننى لا أتحدث فى أماكن سرية بل كل كلامى سواء فى وسائل الإعلام أو المؤتمرات المتخصصة، وبشكل علنى، فعرفت منه أنه يحيكون لى «قضية تخابر والتعاون مع جهات أجنبية» بسبب أننى التقيت مع السفير الأمريكى فرانسيس ريتشاردونى فى إحدى المناسبات وتحدثنا فى موضوعات متفرقة، كما أننى التقى فى بيتى بالكثير من وكالات الأنباء ووسائل الإعلام والصحفيين الأجانب.

■ إذا كان هذا قد يحدث مع قاض بارز وكبير مثلك. فما الحال بالنسبة للناس العاديين؟

- بصراحة شديدة. الجو العام فى البلد أصبح غير مريح، وهاجس وملف التوريث أصبحا يسيطران على كل شىء ويحركان شؤون البلد، مع توقف وغياب الإصلاح، كما أصبح أى حديث عن الإصلاح أو التغيير، يجعلنا نفقد الأمل فى إمكانية تحقيقه، رغم إيمانى الكامل بأن الأمور ستتحسن ورهانى هنا على الناس.

■ لكن الانتخابات المقبلة ستخلو من الإشراف القضائى على الانتخابات !!

- أعتقد أن الانتخابات المقبلة الرئاسية أو التشريعية، إذا تمت بدون إشراف قضائى بمعنى وجود قاض على كل صندوق، بالإضافة إلى تقييد حرية الترشح والانتخاب، ستكون كارثة ستجر مصر إلى كوارث أشد وأسوأ من آثار نكسة 67، وسنظل لسنوات طويلة نعانى آثارها، وعندما حدثت الأزمة مع القضاة المطالبين بإصلاح واستقلال القضاة مع الحكومة والنظام الحاكم، كان السبب الحقيقى هو رفضهم استقلالا حقيقيا للقضاة فتمت محاصرة النادى، والعمل على تغيير مجلس إدارته بأى صورة، وتشويهنا معنويا ومحاصرتنا إعلاميا لإسكاتنا عن المطالبة باستقلال القضاء ونزاهة الانتخابات، وأعتقد أنه بغير تلك الإصلاحات فإن مصر «رايحة» إلى الأسوأ، لكن مع ذلك لدى أحساس بأن الانتخابات ستكون مختلفة.

■ هل تعنى «انتخابات مختلفة» بمعنى ترشح عناصر مقبولة شعبيا وقادرة على المنافسة مثل البسطويسى مثلا؟

- لم أقل فى أى وقت أننى أريد ترشيح نفسى للانتخابات الرئاسية، أو أى انتخابات أخرى، كما أن الدولة لن تسمح لأى شخص عنده شعبية بخوض أى انتخابات وليس الانتخابات الرئاسية فقط، كما أن الحديث عن أى أسماء بعينها للترشح للرئاسة، هو أمر غير واقعى فى ظل الظروف الراهنة، لأن التعديلات الدستورية الأخيرة ضيقت الأمر وجعلته شبه مستحيل.

■ ولماذا لا تفكر فى ترشيح نفسك؟

- من حيث المبدأ أنا أرفض أن أتولى منصبا قيادياً، ولم أخض تجربة الانتخابات سوى مرتين فى حياتى، الأولى، عندما ترشحت لانتخابات مجلس إدارة نادى قضاة الإسكندرية، ونجحت وقضيت فيه عاما واحدا، لأنى نقلت إلى المحكمة بالقاهرة، أما المرة الثانية، فنزلت انتخابات نادى قضاة مصر، تحت ضغط وإلحاح من بعض الزملاء، ورسبت فيها مع جميع مرشحى قائمة تيار الاستقلال أمام قائمة المستشار مقبل شاكر.

■ لكنك من الأشخاص القلائل الذين أصبحت لهم شعبية فى الشارع؟

- بشكل عام، المناصب القيادية، تفرض قيودا على من يشغلها، وأرى أن دورى يكون دائما مهما وفاعلا عندما أكون مع الناس وبينهم، وأنا أشعر بالسعادة فى عملى الذى أعشقه وهو منصة القضاء، والمكان الوحيد الذى كنت أشعر فيه بالسعادة، بعد منصة القضاء، هو فى التدريس بمركز الدراسات القضائية، الذى حرمت منه، وهذا الدور كان لدى أهم من رئاسة نادى القضاة مثلا، لأنى أُفيد وأستفيد باحتكاكى بالأجيال الجديدة من أعضاء النيابة العامة وشباب القضاة.

■ ملف التوريث؟

- أعتقد أن ملف التوريث لن يستمر بسبب الحكمة التى تقتضى وقف هذا المشروع فى أى وقت، خصوصا أن الفكرة لا تلقى قبولا وارتياحا شعبيا، مما سيؤدى لمزيد من الاحتقانات، ومزيد من التنازلات لصالح طبقة الأغنياء ورجال الأعمال، ومؤسسة الفساد على حساب مصالح الشعب ومقدراته، وسيؤدى هذا المشروع إلى كارثة فى نهاية الأمر.

■ هناك كثيرون يدفعون فى اتجاه التوريث؟

- أعتقد أن الذين يدفعون فى اتجاه التوريث هم طبقة المنتفعين من بقاء الأوضاع كما هى عليه، ومؤسسة الفساد، فضلا عن البابا شنودة الذى أعلن رأيه صراحة أكثر من مرة، وأخيرا إسرائيل.

■ لم تتحدث عن الحزب الوطنى؟

- بعكس ما قد يتصور البعض فهناك قيادات بالحزب لا توافق على ملف التوريث، إلا فى حياة الرئيس مبارك، لأن الحزب يضم الكثير من العناصر الوطنية التى تحرص على الصالح العام، وتعرف جيدا مغبة وخطورة آثار ذلك، وبالطبع هناك أطراف فى الحزب مستفيدة من استمرار الأوضاع على ما هى عليه، لكن أعتقد أن تلك الأوضاع التى يريدون استمرارها ستتغير عقب التوريث للأسوأ وبأكثر مما يتصورون.

■ كيف لمست ذلك؟

- عن طريق عدد كبير من القيادات صرحوا لى شخصيا برفضهم التوريث، لكنهم لا يستطيعون المجاهرة برأيهم هذا، حتى لا تضيع مصالحهم، ومناصبهم، وأعتقد أن ملف التوريث لن يتم إلا فى حياة الرئيس مبارك فقط.

■ ما موقفك من جمال مبارك؟

- كمواطن مصرى. لا أعترض على جمال مبارك، فمن حقه ومن حق أى شخص آخر، أن يتقدم لترشيح نفسه على الرئاسة، لكن ما يهمنى أكثر من الشخص الذى يطرح نفسه، هو برنامجه وأفكاره، فإذا كان برنامجه مرتبطا بالدفاع عن مصالح الفقراء والطبقات المعدومة وهم الأغلبية من الشعب، فأرى أنه يستحق الترشح والانتخاب، بالإضافة إلى تقديمه رؤية حقيقية لإصلاح حال التعليم والصحة، وحقوق الإنسان والحفاظ على كرامة المواطن بالداخل والخارج، والدفاع عن استقلال القضاء كضمانة لبقائه وشرعيته وقوته.

■ هل كلامك هذا يندرج تحت الحديث فى المسائل السياسية المحظور على القاضى الخوض فيها؟

- قلنا عشرات المرات، القانون لا يمنع القاضى من التحدث فى السياسة، أو أن يبدى رأيه فى المسائل السياسية المتعلقة بشؤون بلده، والمحظور فقط على القضاة، ألا يتحدثوا فى السياسة وهم على منصة القضاء، أو الانضمام للأحزاب السياسية، وللعلم فإن الوقفات الاحتجاجية للقضاة للتعبير عن رأيهم ولنيل مطالبهم المشروعة، ليست بدعة، فوقفاتنا الاحتجاجية التى تم تشويهنا بسببها حتى من داخل القضاء، حدثت فى دول عديدة كفرنسا وأسبانيا وإيطاليا، كما أن قضاة هناك ساروا فى مسيرة بالأوسمة احتجاجا على ممارسات الدولة، كما أن قضاة مصر قاموا بمسيرة احتجاجية بالأوسمة قبل الثورة، إذن ما قمنا به هو إحياء لسنة حميدة لممارسة القضاة لدورهم فى الدفاع عن المواطنين ومصالحهم وحرياتهم، يجب أن نقول قولة حق لهم وألا نخون الشعب الذى نحصل منه على رواتبنا.

■ سعادة المستشار هل ترى أن وزير العدل الحالى نجح فى المهمة التى عين من أجلها؟

- بشكل عام لا أحب أن أتحدث عن أشخاص وأسماء، لكن عن سياسات وأفكار، وأعتقد أن وزير العدل الحالى، فشل فى مهمته بجدارة، لأنه لم يحقق مزيدا من الاستقلال للقضاء، كما أن أوضاع العدالة فى ترد متواصل، ولاتزال هناك محاكمات استثنائية، كما أن الحكومة تستطيع بطرق معينة أن تجعل نظر قضية معينة أمام قاض بعينه، ولاتزال الدولة تتدخل بقوة فى شؤون القضاء والعدالة عن طريق وزير العدل فى التعيينات والتنقلات والندب والإعارة، وأيضا محاسبة القضاة ومحاكمتهم، وأيضا المسائل المالية لهم.

■ لكن مجلس القضاء الأعلى هو من يتحكم حاليا فى ميزانيته المستقلة كما كنتم تطالبون به دائما؟

- الكلام عن ميزانية مستقلة كلام خيالى لأن وزير المالية هو من يحدد لمجلس القضاء، أموال ميزانيته المستقلة، كما أن الدولة لن تترك من يدها الشؤون المالية للقضاة، وهى وسيلة للترغيب والترهيب، وأثبتت نجاحها فى مواقف عديدة مع الأسف.

■ لكن قانون السلطة القضائية تم تعديله أكثر من مرة؟

- تعديل القانون خطوة غير مكتملة، فنحن نطالب بسد جميع الثغرات فى القانون، ويجب أن يكون مجلس القضاء الأعلى، بميزانية وموارد محددة، وأن يكون التفتيش القضائى تابعا لمجلس القضاء الأعلى، وليس للوزارة، كما يجب أن يشكل المجلس، من أعضاء منتخبين من الجمعيات العمومية لمحاكمهم، وهذا هو أفضل طريق لضمان مجلس قضاء أعلى قوى وليس تابعا، بعيدا عن نظامه الحالى بأعضاء مختارين طبقا للأقدميات المطلقة لهم، أو نظام التعيين، لأن الرهان دائما على المبادئ ونصوص القانون له ضماناته، ولا يجب أن نعول على أشخاص مهما كانوا وأضرب لك مثالا: أحد كبار المستشارين، كان مؤمنا بأفكار استقلال القضاء، لكنه حدث لديه تحول كامل بمجرد أن شغل مناصبه القيادية، وتقلد منصب رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى.

■ نحن تحدثنا عن وزير العدل المصرى، فما هى صلاحيات وسلطات وزير العدل الكويتى؟

- دور وزير العدل الكويتى، هو توفير الأدوات اللازمة لعمل القضاة والتى تعينهم على شؤون عملهم، مثل الأعمال المكتبية، ومهمته الرئيسية هى إدارة شؤون المحاكم من أبنية ومكاتب وأدوات وموظفين وإداريين، وليس له علاقة من قريب أو بعيد بالقضاة وعملهم القضائى، وأستطيع أن أقول لك أيضا أن الديوان الأميرى، لم يتدخل لدى قاض رغم أنه أصدر حكما قضائيا بإغلاق بورصة الكويت، ورغم أنه تم إلغاؤه فى الدرجة القضائية الأعلى، ورغم أنه كان حكما شديد الخطورة على الدولة، ولم يتدخل أى مسؤول عند القاضى الذى أصدر الحكم، لكن كانت هناك أسباب لنقض الحكم فتم إلغاؤه فى الدرجة الأعلى.

■ هل تعتقد أن دور القضاة المصريين تراجع فى دول الخليج؟

- لا أعتقد ذلك ولم ألمس ذلك فى الكويت التى أعرت إليه، وتتم الاستعانة بالقضاة المصريين فقط، وهناك أكثر من300 قاض مصرى، مقابل 200 قاض كويتى، والكويت يطلب من القضاة المصريين تقديم استقالاتهم للاستمرار فى العمل هناك، والاستفادة من خبرتهم، وهناك نحو 25 قاضيا قدموا استقالاتهم بالفعل، كما أن القضاة المصريين هم من نقلوا مفهوم وفكر الاستقلال إلى تلك الدول العربية، ودولة الكويت أدركت أن استقلال القضاء ضمانة لاستقرار الدولة والحفاظ على شرعيتها، والحفاظ على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فأعطت لمجلس القضاء الأعلى جميع صلاحياته واستقلاله الكامل، وأصبح هناك استقلال كامل للقضاء فى دول الخليج، وعلى رأسها الكويت التى لا تتدخل فى أى شأن من شؤون العدالة أو القضاء كتعيينات القضاة أو نقلهم أو ندبهم، فضلا عن رواتبهم والمزايا والجوانب المالية لهم، وذلك بفضل القضاة المصريين المعارين هناك الذين نقلوا فكر وجوهر الاستقلال إلى هناك، بالإضافة إلى الإرادة السياسية للدولة، فأصبح كل شىء فى يد مجلس القضاء الأعلى المستقل فعليا عن الدولة.

■ ولماذا تحقق ذلك بالكويت ولم يتحقق فى مصر؟

- الملاحظ أن دور مصر الإقليمى هو الذى تراجع تماما وبالتالى فكل الأدوار التى كانت تلعبها تراجعت فى جميع المجالات والمستويات، والدليل أنه فى الماضى كانت مصر هى التى تدفع رواتب قضاتها المعارين إلى الدول العربية بالخليج، لكن بعد أن فقدت مصر دورها، وفقدت وعيها أصبح القضاة يتقاضون رواتبهم من دول الخليج.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية