x

أسامة خليل مؤمن زكريا.. الهدف الذى أحرزه الزمالك فى نفسه أسامة خليل الخميس 08-01-2015 21:17


من عادتى عند عرض وجهة نظرى فى أى قضية أو موضوع، أن أسرد المبررات والحجج والأسانيد، لأصل فى النهاية إلى النتيجة التى أظن أنها الصواب، لكن هذه المرة سأقلب الحال، وأبدأ بالنتيجة، لأنها تستحق الأولوية فى التقديم عن غيرها،

وأقول إن النادى الأهلى أدار عملية التفاوض والتعاقد مع اللاعب مؤمن زكريا باحترافية، وحرفية، وقواعد، ومبادئ أخلاقية ورياضية غاية فى الاحترام، كانت تستوجب من الفريق المنافس، وهو الزمالك، وأعضاء المنظومة الكروية، أن يرفعوا له قبعة الاحترام والتقدير والثناء، لأنها تكاد تكون المرة الأولى فى تاريخ صراع الناديين على اللاعبين، التى لم ينسق إليها الأهلى لدوافع الغيرة والانتقام والحقد والخطف والمزايدة والتباهى والتفاخر، ولم ينسق للدخول فى مزايدة مجنونة، أو صراع أحمق، أو تهافت أعمى على سرقة اللاعب من الزمالك، بل كان تحركه منذ البداية خارج سياق هذه الرغبات، منطلقاً من مبدأين أو قاعدتين: الأولى أن الزمالك هو الأحق باللاعب، وأن التدخل وخطفه بالإغراءات المالية لـ«مؤمن» و«إنبى» فيه خسارة مادية للنادى، ورفع سعر اللاعب بما لا يستحقه، وهو ما ينطوى على إفساد للنظام التعاقدى، وخسارة أخلاقية من شأنها إشعال الفتنة بين جماهير الناديين، وزيادة الاحتقان بينهما، خاصة أن «مؤمن» لاعب مهم ومحورى لفريق الزمالك، وخطفه سيزيد الغل والحقد فى نفوس جماهيره، والقاعدة الثانية هى رغبة اللاعب إذا توفرت الظروف الصحية للتفاوض معه، وما أقوله هنا ليس جديداً أو تحليلاً للحدث بعد وقوعه، بل معلومات سبق أن ذكرتها فى نفس المكان قبل ثلاثة أسابيع، حيث كتبت فى «المصرى اليوم»، صباح الخميس ١٧ ديسمبر الماضى، تحت عنوان «إحنا بتوع الأتوبيس»، ما نصه: (قبل أن يتحول مؤمن زكريا لاعب إنبى الذى تنتهى إعارته للزمالك فى يناير القادم إلى قضية الساعة ومعركة الشتاء بين الأهلى والزمالك، حسمت إدارة الأهلى موقفها مبكراً، وأبلغت نادى إنبى رسمياً أنها لن تدخل فى مزايدة على شراء اللاعب، ولا تمانع التفاوض مع إدارة النادى البترولى فى حال ما إذا فشل الزمالك فى شرائه).

والأهلى وهو يتخذ هذا القرار العاقل برفع يده عن التفاوض مع إنبى، وهو يملك كل مفاتيح التدخل السريع لخطف اللاعب الذى تألق مع الزمالك فى الدورى، يهدف إلى تخفيف حدة الاحتقان والاشتباك مع إدارة الزمالك وجمهوره فى هذا الوقت، خاصة أن المزايدة فيها خسارة مادية لخزينة النادى بشراء لاعب بسعر أعلى مما يستحقه.

وهذا بالفعل ما حدث، فالأهلى لم يزاحم الزمالك على شراء اللاعب، ولم يعبث فى رأسه، بل انتظر حتى أبلغت إدارة نادى إنبى الأهلى أن مفاوضاتها مع الزمالك توقفت، حيث عجز النادى الأبيض عن تلبية رغبة إنبى فى الحصول على كامل مستحقاته من بيع مؤمن زكريا، وحقوقه المتبقية من اللاعب إسلام عوض، حيث لم يكن يستطيع النادى البترولى أن يقسط مليماً واحداً لناد لم يف بالتزاماته السابقة، وإلا تعرضوا للمساءلة القانونية، لذا كانت نقطة انطلاقة مع النادى الأهلى فى المفاوضات الرسمية، التى بدأت وانتهت يوم ٣٠ ديسمبر، أن يدفع الأهلى نفس المبلغ الذى عرضه الزمالك، ٥ ملايين جنيه، وأن يكون الدفع «كاش»، ولأن فى الأهلى إدارة مالية حكيمة نجحت على الفور فى توفير المبلغ بعد أن أكد جهاز الكرة والمدير الفنى رغبتهما فى التعاقد مع اللاعب، وأنه لن يأتى لمجرد إغاظة الفريق المنافس، أو إضعاف الخصم، بسحب أفضل لاعبيه ومفتاح فوزه فى الدور الأول، بل سيأتى لأنه أفضل لاعب جاهز فنياً وبدنياً فى مركزه، وسيحل مشاكل فنية داخل الفريق، وللأمانة فهو بالفعل كذلك، ووجوده سيخلق أمام الجهاز الفنى البدائل، وسيثير الغيرة فى نفوس الآخرين.

ومن أهم الملاحظات التى استوقفتنى فى أداء الأهلى خلال هذه الصفقة السريعة الخاطفة الصادمة، السرعة والجماعية والسرية وعدم وجود أب لهذه الصفقة سوى الإدارة، فلو تذكرون فى كل مرة كان الأهلى يتعاقد مع لاعب كبير أو صغير، كنت تسمع عن بطولة ملك التعاقدات، وعضو الصفقات، وأستاذ الحركات، وغيرهم من المسؤولين الذين يتبارون فى تسريب المعلومات عن بطولاتهم، أما هذه المرة فكل فرد قام بدوره ولم يزايد على الجماهير أو الإدارة.

ننتقل إلى الأزمة التى وقعت بعد إعلان التعاقد، فبدلاً من أن يعترف الزمالك أمام جماهيره بأنه فشل، وأن خزينته لا يوجد فيها ما يؤمّن له قوت يومه، قرر أن يصرف النظر عن جريمته فى حق الفريق فى هذا التوقيت الحساس بخسارة لاعب بهذا الوزن، ليطلق بالونة توقيع مؤمن زكريا للزمالك والمطالبة بإيقافه، وهى بالونة تدينه ولا تبرّئه، فلو أن مؤمن زكريا وقّع، وسأفترض أنه وقّع، فلماذا لم يدفع الزمالك لإنبى مستحقاته، ويحصل على خدماته، خاصة أن النادى البترولى علّق مفاوضاته مع الأندية الأخرى، ومنها وادى دجلة، حتى ينتهى الزمالك من تدبير الفلوس ولكنه فشل، فلماذا تريد إدارة الزمالك من الأندية الأخرى والجماهير والرأى العام أن يدفعوا فاتورة فشلها؟

والمصيبة أن إدارة الزمالك وهى ترتكب هذه الحماقة بتقديم شكوى لإيقاف اللاعب، لا تعى أنها ستضر نفسها قبل الأهلى، فمحمود طاهر، الذى سبق أن أعمل المبادئ الأخلاقية، ورفض الاستجابة لرغبة جهاز الكرة فى بداية الموسم، ولم يبادل إساءة الزمالك بتقديم شكوى ضد اللاعب باسم على، ويشكو كلاً من معروف يوسف، وخالد قمر، وأيمن حفنى، والثلاثة لهم عقود ورغبات دامغة للعب فى الأهلى، أما وأن إدارة الزمالك لا تقدر من يتعامل معها باحترام، ومن يترفع عن مبادلة إساءتها بإساءة أخرى، ولا تبذل جهداً لوأد الفتن، لم يكن أمام إدارة الأهلى سوى التعامل مع الزمالك بنفس طريقته، حتى يعتبر من أخطائه، ولا يقدم على تصرفات تؤذيه قبل الآخرين، فإيقاف مؤمن زكريا شهراً أو ستة أشهر، سيقابله إيقاف بنفس المدة لثلاثة من لاعبى الزمالك، يعتمد الفريق على اثنين منهم بشكل أساسى، فإذا أضفنا إليهم خسارته «مؤمن»، يكون الزمالك خسر أربعة لاعبين، بينما لم يخسر الأهلى شيئاً، لأن مؤمن لم يكن لاعبا أساسياً أو محورياً فى الفريق، بل مجرد لاعب سيقف فى الطابور ليأخذ فرصته.

والله لو أن هناك أهلاويا متعصباً يملك فى قلبه حقد الدنيا على الزمالك، لم يكن سيفعل فيه ما تفعله هذه الإدارة، فبدلاً من أن تحل الأزمة الفنية التى سببتها للفريق بضياع «مؤمن» راحت تحرم الفريق من جهود ثلاثة آخرين.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية