x

دفء الترانيم القبطية يتحدى صقيع المقطم

الأربعاء 07-01-2015 18:04 | كتب: الأناضول |
تصوير : أحمد طرانة

ترانيم قبطية تتراقص فوق مدرجات علوية جبلية متحدية موجة الصقيع في ليلة عيد الميلاد بدير الأنبا سمعان جنوب شرقى القاهرة والذى يعتبر من الكنوز المعمارية الدينية في مصر، ويصنف عالميا باعتباره أول دار عبادة كنسية يتم نحتها بالكامل داخل صخور.

دوت ترنيمة «المجد لله في الأعالى وعلى الأرض السلام وفى الناس المسرة» مدوية في جنبات الدير الذي تميز قداسه بحضور لافت لراهبات الدير ممن اعتلين المدرجات الجبلية العلوية وضممن أكفهن إلى صدورهن متبتلات وكأنهن أعضاء فرقة موسيقية. ولأن يوم القداس تصادف مع موجة سقيع تجتاح البلاد، فضلت إدارة الدير إقامة القداس بقاعة محوطة بصخور جبل المقطم من كل اتجاه ما منحها دفئا خاصا وذلك بدلا من قاعة الكنيسة الكبرى التي لا يفصلها عن السماء شىء وتعتلى قمة الجبل ما يجعل درجة الحرارة بها شديدة الانخفاض.

وبالرغم من الظروف المناخية غير الملائمة، فقد توافد المسيحيون على الدير بأعداد كبيرة وكانت الأعداد تتضاعف كلما مر الوقت واقترب القداس من الختام. أما الأطفال من الحضور فكان يلفت نظرهم وجود الراهبات بزيهن المعهود، وكانوا يحرصون على التبرك بهن والوقوف للصلاة بجوارهن. وبحسب أدهم رفعت، مرشد الدير، فإن «اختيار الزى الأبيض لمن يؤدون الترانيم في القداس يرمز إلى الملائكة الذين يسبحون الرب في السماوات». كما لفت إلى أن «قداس عيد الميلاد المجيد يتميز عن غيره من القداسات بتراتيله وألحانه المبهجة على خلاف الترانيم الحزينة التي يرتلها المسيحيون في أسبوع الآلام».

وهذه الترانيم الكنسية المبهجة توارثها المسيحيون عن أجدادهم الذين وضعوها في الفترة من القرن الأول وحتى القرن الخامس الميلادى، لذلك لا يمكن التعديل أو الحذف أو حتى تطوير هذه الترانيم والألحان وإنما تتم تأديتها بنفس الشكل الذي كانت تؤدى به في هذه القرون الأولى التي شهدت ميلاد المسيحية، بحسب رفعت. ووفقا للمصدر ذاته، فإن التعديل الوحيد الذي سُمح بإجرائه على تلك الترانيم هو ترجمة بعضها إلى اللغة العربية، لأن الأجداد المسيحيين وضعوها باللغة القبطية التي تعتبر آخر تطور للغة الهيروغليفية التي كانت تتحدث بها مصر الفرعونية. يقول رفعت «ومع ذلك يرتل المسيحيون في قداسهم تلك الترانيم باللغة القبطية دون صعوبة تذكر، ويفهمون جيدا المعنى الروحانى المراد إبلاغه عبرها».

واعتبر المرشد السياحى قداس عيد الميلاد المجيد أشبه بالمسرحية الغنائية التي يقدم فيها ألحان فنية أزلية تحكى قصة المسيح منذ الميلاد وحتى النهاية. ويتميز دير الأنبا سمعان عن غيره من دور العبادة المسيحية في مصر بأنه يضم أكبر كنيسة في مصر تسع آلاف المصلين، بحسب تصريحات المرشد السياحى للدير.

أما ما يميزه على المستوى العالمى فهو أنه أول دار عبادة كنسية يتم نحتها بالكامل داخل صخور جبل المقطم، بحسب المصدر ذاته. والقديس سمعان عاش في مصر في أواخر القرن العاشر الميلادى في عهد الخليفة الفاطمى المعز بدين الله وعهد البطريرك إبرام السريانى. يروى عنه التراث القبطى أنه كان يعمل بدباغة الجلود وصناعة وتصليح الأحذية، جاءت إلى محل عمله امرأة لتصلح حذاءها وبينما هي تخلعه وقعت عينا سمعان على ساقها فاشتهاها، فقام بخلع عينه بالمخراز تنفيذا لإحدى وصايا المسيح التي قال فيها: «إن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية