في مصر والعالم العربي، مثلت العاصفة «هدى» مادة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، فقط كل ما عليك فعله البقاء في المنزل ملتحفا بملابسك الشتوية نائما على سريرك الوثير، ذو الأغطية السميكة، ومشعلا مدفئتك، وتليفزيونك، ممسكا في يديك قفازين وهاتفك المحمول المتصل بالإنترنت، ولكن هناك أخرون، مثلت لهم «هدى» غول يقترب ويزأر معلنا قدومه الوحشي لاقتلاع خيامهم البلاستيكية والقماشية، المنصوبة في قلب صحراء غابرة، بعدما شردتهم الأطماع السياسية أحيانا والنازعات الطائفية أحايين أخري.
«هبة» طفلة سورية جميلة، عشر سنوات، لم يحتمل جسدها النحيل، رياح «هدي» العاتية فلقت مصرعها متجمدة في خيمة تكشف أكثر مما تستر، في مخيم لجوء بمنطقة البقاع شرقي لبنان، «هبة» ليست الأولى التي تلقى مصرعها بفعل البرد القارس، لكنها جعلت صوت الاستغاثة وطلب العون يعلو ليسمع أذان صماء بفعل موت الإنسانية، فقبل بدء الشتاء، قال محللو الأرصاد، إنه سيكون أسوأ من سابقه، وتسارعت ندءات جمع التبرعات والإعانات المادية والعينية لحماية اللاجئين سكان الصحراء شديدة القيظ صيفا، وشديدة البرودة شتاء، ولكن علي حد قول الشاعر القديم، «لقد اسمعت لو ناديت حيا لكن لا حياة لمن تنادي».
الطفلة الشهيدة هبه (10 سنوات)
الصور المتداولة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، تبين فداحة الموقف، حيث حولت الأمطار الثلجية الأراضي المحيطة بمخيمات اللجوء إلى برك من المياه، وحوصر اللاجئون بالأمطار من الأعلي والمياه من الأسفل، والرياح العاتية القارسة من الاتجاهات الأربع.
تأتي العاصفة «هدى» بالتزامن مع إعلان الأمم المتحدة في تقرير، الأربعاء، أن عدد اللاجئين السوريين ارتفع إلي حوالي 704 آلاف شخص في الأشهر الستة الأولى من السنة الماضية، وأنهم يُعتبرون حالياً أكبر مجموعة تتابعها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وتوقعت المفوضية أن يصل عددهم إلى 4.3 مليون شخص بحلول ديسمبر المقبل، فيما يبلغ حالياً أكثر من 3 ملايين، ما يعصب مهام منظمات تحارب طواحين الهواء للوصول إليهم ومساعدتهم.
أطلق مستخدمو بـ«تويتر» هاشتاج #سوريا_تتجمد_والعالم_يتفرج، لفضح تقصير الحكومات العربية في حق اللاجئين، وكتب أحدهم: «نصف مليار دولار أنفقتها الإمارات على المفرقعات رأس السنة، أليس الأجدى إنفاقها على طفل يتجمد من البرد في مخيمات الموت؟».
فيما جاء الرد الإماراتي سريعا، بتقديم الإمارات جسرا جويا عاجلا، لإغاثة السوريين المنكوبين في مخيمات اللجوء، وكذلك حملة إغاثة داخل الإمارات، ودعا حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، المنظمات الدولية والإنسانية والحكومات العربية وغير العربية، للوقوف مع أطفال ونساء مخيمات اللاجئين لمواجهة «هدى».
وقال مغرد عبر تويتر، «إن سماكة الثلج في مخيمات عرسال بلبنان، بلغت أكثر من متر في بعض المناطق»، وأضاف آخر، «ضحايا موجة البرد في المناطق السورية بلغ عشرة أطفال وأثنان في مخيمات الخارج.
يستصرخ أطفالهم العالم فهل من منادي؟، يستغيثون: «لو ضلينا بالضرب أهون من التلج هون».