جون كاسن - السفير البريطانى فى مصر _ يكتب:
لقد خسر بالفعل ما يسمَّى بتنظيم داعش معركة الفوز بقلوب وعقول المسلمين، ومعًا سوف نلحق الهزيمة به.
مع اقتراب عام 2014 من نهايته واستعراضنا لأحداث العام المنصرم، نجد أن أبرزها أفعال داعش الوحشيّة البربريّة التى أثارت صدمة العديدين منا.
وعلى نحو مماثل، صُدِمنا جميعًا هنا فى مصر من الأعمال الوحشيّة المُرتكَبة فى شمال سيناء وفى أنحاء أخرى من مصر على يد تنظيم أنصار بيت المقدس الذى أعلن مؤخَّرًا مبايعته لداعش. وعبر الحدود، يقوم الليبيّون بمكافحة نفس النوع من التطرُّف المتمثِّل فى تنظيم أنصار الشريعة، وهو تنظيم إرهابى مرتبط بالقاعدة.
إنَّ هذه التنظيمات الشِرّيرة تقوم بتحريف تعاليم الدين الإسلامى - هذا الدين الذى يمارس شعائره بشكل مسالم ما يفوق المليار شخص حول العالم يومياً - لتبرير أعمالها البربريّة من قتل وتعذيب واغتصاب واستعباد.
لقد استهدفت هذه التنظيمات أتباع كافة الأديان والأعراق: من مسلمين ومسيحيّين ويزيديّين وعرب وأكراد.
وهى ليست حربًا مقدّسة فى سبيل الإسلام، بل هى ممارسة مُشَوَّشة لعبادة الموت تقوم بتضليل ذوى النفوس الضعيفة وجذبهم إلى حياة بَربريّة.
وقد تكاتف السُّنة والشيعة من أنحاء العالم للدفاع عن دينهم، وكُلّهم عزم وإصرار على ضرورة التصدى للأيديولوجيّة المُسمَّمة لتنظيمات داعش، وأنصار بيت المقدس، وأنصار الشريعة والتنظيمات المماثِلة.
إنّ نطاق الردّ الدولى المتمثِّل فى تحالف يضمّ ما يربو على 60 دولة، ومن بينها مصر، يُبيِّن أن العالم لن يقف موقف المتفرِّج من هذه الأفعال الشنيعة. وقد استضافت كل من البحرين والكويت وبلجيكا مؤتمرات لبحث مختلف أوجه جهود التحالف، كما انضمّت قوّات جويّة من أنحاء المنطقة لمشاركة طائرات أوروبية وأمريكية شمالية وأسترالية فى توجيه ضربات جويّة ضد داعش.
وقد التزمت المملكة المتحدة بدور أساسى فى ذلك. وبناء على طلب من الحكومة العراقية، نقوم بتوجيه ضربات عسكريّة، وبتوفير دورات تدريبيّة ومعدّات للقوات العراقية المسلّحة، بما فيها قوات البشمركة، لوقف تقدُّم داعش. إلا أنّ الجهود العسكريّة وحدها لا تكفى، بل إن هناك حاجة أيضا لحلّ شامل لهذه المشكلة.
وهذا ما دعانا فى الشهور الماضية إلى قيادة الجهود الرامية إلى إصدار قرارات عن مجلس الأمن الدولى لحظر تدفق الأسلحة والمقاتلين إلى تنظيم داعش وإلى غيره من الجماعات المتطرِّفة. وفى شهر تشرين الثانى/ نوفمبر، قادت المملكة المتّحدة جهود وضع أنصار بيت المقدس كمنظّمة إرهابيّة على قائمة الجزاءات الصادرة عن الأمم المتّحدة.
وفى العراق دعمنا الجهود الرامية للحثّ على أن يكون الحكم خاضعا للمساءلة وممثّلاً لجميع أطياف المجتمع العراقى.
كما تقوم المملكة المتّحدة بدور أساسى فى دعم مصر.
إننا نعلم أن الأمن يمثِّل أمرًا حيويًّا بالنسبة لمصر لجذب السياحة والاستثمار. لذا نتعاون بشكل وثيق مع مصر من أجل حماية المنتجعات السياحيّة ومكافحة التهديد الإرهابى المحتمَل من سيناء وليبيا وخارجها.
ونقوم بتوفير إمدادات معدّات تقنيّة أمنيّة وتوفير التدريب من أجل مساعدة القوات المصريّة على حماية أنفسها من العبوّات الناسفة الارتجاليّة.
وفى المملكة المتّحدة، فرضنا حظرًا على دعاة الكراهية وعلى من يقومون بالتحريض على الإرهاب فى مدارسنا وجامعاتنا وسجوننا، واتّخذنا إجراءات صارمة ضد إساءة استغلال الجمعيّات الخيريّة، وحذفنا من شبكة الإنترنت مواد تروّج للإرهاب.
ولدينا الآن تشريعات مَحلّية جديدة لمكافحة الإرهاب تُمكننا من حجز جوازات السفر لمنع مقاتلين محتمَلين من مغادرة المملكة المتّحدة، وتتيح لنا أن نلاحق قضائيا أى مواطن بريطانى يرتكب أعمال إرهاب فى أى مكان من العالم.
علينا ألا ننسى أن أعمال داعش الوحشيّة ترتكب فى وقت بات فيه ملايين الناس نازحين فى أنحاء المنطقة. ووفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن عدد النازحين فى عام 2014 أكبر من أى وقت مضى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ويقع عبء استضافة أكبر عدد من اللاجئين على عاتق كل من لبنان والأردن وتركيا، بالرغم من الضغط الكبيرالذى يشكِّله هذا الأمر على مجتمعات هذه الدول والخدمات العامة فيها. وبالتالى لا بد للمجتمع الدولى من مواصلة دعم صمود هذه الدول وقدرتها على تحمل هذا العبء. والمملكة المتحدة هى الآن ثانى أكبر دولة مانحة بشكل ثنائى استجابة لأزمة اللاجئين السوريين. حيث نقدِّم ما يفوق 700 مليون جنيه إسترلينى من المساعدات الإنسانية لتوفير المواد الغذائية ومياه الشرب والرعاية الصحية والمأوى وغير ذلك من الخدمات الأساسية للمحتاجين فى أنحاء سوريا والمنطقة. وتُعَدّ هذه أكبر استجابة إنسانية فى تاريخ بريطانيا، وهى دليل على التزامنا المستمرّ تجاه شعوب المنطقة.
تبيّن أحداث العام الماضى أن تهديد السلام والاستقرار فى أى مكان من عالمنا المترابط هذا يمتدّ أثره ليشملنا جميعا. ولهذا يجب أن نتصدى معا لتنظيم داعش، وبعملنا معا سوف ننجح.