x

التعليم فى مصر.. قرارات مفاجئة متضاربة و«سرور» النموذج الواضح

الخميس 13-08-2009 00:00 |
تصوير : other

«السمة المميزة لعملية اتخاذ القرار التربوى فى مصر هى التضارب والتناقض والعودة دائما إلى المربع الأول، وهو ما يعد إهدارا للوقت والجهد ويؤدى إلى إضعاف ثقة المجتمع فى التعليم وفيما يتخذ فيه من قرارات».. نتيجة خلص إليها كتاب «صنع القرار فى السياسة التعليمية .. الأطراف الفاعلة والآليات التعليمية» الصادر حديثا عن الدار المصرية اللبنانية، ويسعى للتعرف على أسلوب صنع القرار فى السياسة التعليمية، والأطراف الفاعلة والآليات التى تستخدم فيه.

ترى الدكتورة نهى حامد عبدالكريم مؤلفة الكتاب أن التعليم أحد العناصر الاساسية فى تنمية الموارد البشرية، لكن السمات الأساسية فى عملية صنع القرار التربوى فى مصر أن السلبيات مثل سياسة الفرد ومركزية السلطة والتخطيط وعدم استقرار السياسة التعليمية وتهميش دور المؤسسات التربوية، تفوق الإيجابيات التى تتمثل فى نقطة واحدة وهى اهتمام القيادة السياسية بالتعليم، خاصة أن عملية صنع القرار فى السياسة التعليمية يكتنفها التردد والتضارب والمركزية وعدم المشاركة مما يستدعى المراجعة وإعادة التقويم من أجل التوصل فى نهاية المطاف إلى قرارات رشيدة تخدم المصلحة العامة وتلبى مطالب التلاميذ.

 كما أن شخصية صانع قرار العملية التعليمية لا تنتهج أسلوبا ديمقراطيا حقيقيا بل تميل إلى إصدار التصريحات الإعلامية، بل إن بعض القرارات الوزارية التى يتخذها وزير التربية والتعليم تركز فى شؤون منصبه إداريا وتنفيذيا مثل القرار الوزارى الخاص بتعديل نظام الثانوية العامة إلى عامين، وقرار إلغاء الصف السادس الابتدائى عام 1988 فى فترة تولى الدكتور فتحى سرور لوزارة التعليم، وقرار عودة الصف السادس بقرار من رئاسة الوزراء عام 1999.

ويؤكد المؤلف أن فترتى الثمانينيات والتسعينيات شهدتا اهتماما كبيرا بالتعليم من قبل الرئيس مبارك الذى وضعه فى قائمة أولوياته، باعتباره يمثل جزءا من الأمن القومى لمصر، الأمر الذى جعله المشروع القومى لمصر طوال حقبة التسعينيات، وزاد من مخصصات التعليم المالية من 2.6 مليار جنيه عام 1988 إلى 12 مليارا عام 1992، إلا أن مركزية القرار فى السياسة التعليمية والتسرع فى التنفيذ والتطبيق بصورة عشوائية كانت لها تشوهات واضحة فى جميع جوانب منظومة التعليم، تشوهات أو جروح لا تزول بظهور قرارات جديدة نتيجة الصراعات الداخلية بين المسؤولين والضغوط غير المتوازنة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية.

وكان من نتائج مركزية السلطة والتخطيط فى التعليم والانفراد باتخاذ القرارت المصيرية التى تمس حياة الملايين من الطلاب وأسرهم دون دراسات وافية وتدرج محسوب، أن استمر الهبوط فى المستوى العام فى المرحلة الإعدادية وامتد إلى الثانوية وانكشفت أغواره فى مرحلة التعليم الجامعى والمحصلة النهائية تخريج طلاب أنصاف متعلمين لا يلبون طموحاتهم الشخصية ولا يخدمون برامج التنمية القومية.

وفى إطار التحليل النظرى لأسلوب الدكتور فتحى سرور كأحد وزراء التعليم الذين أثاروا جدلا واسعا بعد إلغائه الصف السادس الابتدائى، أشادت المؤلفة بسياسته، على اعتبار أنه كان يسعى لوضع سياسة تعليمية ثابتة، لكن بعض قراراته اتسم بالتسرع والصدور دون دراسة، والميل إلى إصدار قرارات فجائية غير متوقعة.

كما لجأ إلى تهميش دور المؤسسات المسؤولة عن صنع القرار فى التعليم رغم تحركه الشرعى والقانونى واتباع الأسلوب الديمقراطى شكليا، لذا تميزت فترة وزارته بأنها لم تتبع منهجا واضح المعالم أو معايير فلسفية أو مؤسسية تحد من حريته فى التصرف وإصدار القرارات الفجائية، فكانت السياسة التعليمية فى عهده غير مستقرة بسبب التضارب فى القرارات والتعجل فى إصدارها ثم البحث عن حلول لتدارك سلبياتها وتفادى أخطائها وتراكماتها السلبية.

وعن قرار إلغاء الصف السادس الابتدائى كواحد من القرارات المؤثرة على العملية التعليمية قالت المؤلفة إن إلغاء الصف السادس كان قرارا سياسيا يسعى لاكتساب تعاطف الرأى العام بإلغاء سنة دراسية ورفع العبء المادى عن الأسرة والدولة، وساهم هذا القرار فى تدفق دفعة مزدوجة بأعداد غير مسبوقة وحدوث اضطراب فى عدد الفصول وقصور فى أعداد المعلمين وكفاءة العملية التعليمية، الأمر الذى انعكس على صعوبة الفهم والتحصيل، وتردى المستوى العام للتعليم، لذلك يعد التراجع فى قرار إلغاء الصف السادس خطوة مهمة لتصحيح أوضاع المرحلة الابتدائية ومحاولة للنهوض بالتعليم وتحسين مستوى الثروة البشرية المصرية وتنميتها بصورة تخدم الخطة القومية.

بعد أن أكد استبيان أجرته المؤلفة على مجموعة من الطلاب والمدرسين والمديرين أن إلغاء الصف السادس عام 1988 لم يحقق الأهداف التربوية التى صدر من أجلها القرار والتى كان أهمها وفر فى نفقات التعليم إذ التهمت الدفعة المزدوجة وتدفقها عبر مراحل التعليم التى تم توفيرها والمعلمين مخصصات ميزانية الصف السادس، كما ساءت أحوال التعليم وتراجع المستوى العلمى للطلاب وظهرت بوادر الضعف وزاد توتر أولياء الأمور وزادت الدروس الخصوصية.

«صنع القرار فى السياسة التعليمية.. الأطراف الفاعلة والآليات»

المؤلف: د. نهى حامد عبدالكريم

تقديم: د. حامد عمار

عدد الصفحات: 240

الناشر: الدار المصرية اللبنانية

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية