x

أحمد حلمى.. ألف مبروك وألف شكر

الأربعاء 12-08-2009 00:00 |

راهنت على أحمد حلمى العام الماضى كأفضل ممثل وكسبت الرهان فى «آسف على الإزعاج»، وفى هذا العام أراهن عليه كممثل وفنان، والأهم كمحب لفن السينما فى فيلم «ألف مبروك»، فهذا الممثل قد تخطى صورة النمط الكوميدى التقليدى، وتجاوز قالب نجم الشباك الذى يلبى رغبات الزبون، وصار يحمل على كاهله الآن عبء صناعة سينما جديدة وطازجة، سينما تنقذنا من طوفان أفلام الزغزغة السمجة، والأكشن الساذج، والعنف الذى يتحرش بالمتفرج ويتحول إلى مجرد خناقة تفتقد لأبجديات الفن السابع.

لا أبالغ إذا حمّلت أحمد حلمى هذه المسؤولية، ولكنى لم أجد فى أبناء جيله من استطاع أن يغير جلده الفنى بهذه السلاسة وهذه الجرأة مثله، تساعده فى هذه المهمة مرونة فنية ونضج فى الأداء وعدم انقياد للاستسهال الذى يؤدى لسجن الفنان فى روبوت تمثيلى واحد نمطى وآلى طبقاً لنظرية الدور اللى تكسب به العب به، يؤمن حلمى بأن المغامرة نصف النجاح، وبأن الضحك جانب من الحياة وليس كل الحياة، وبأن الكوميديا أصعب الفنون وأكثرها شجناً، وبأن السخرية لها منطق فنى مختلف عن الردح!

فيلم «ألف مبروك» له بعد فلسفى يعتمد على أسطورة «سيزيف» الذى كتب عليه أن يخضع لقدره القابض الخانق، فيحمل الحجر حتى قمة الجبل ليهبط ثانية عند السفح، فيعيد سيزيف الكرة مرة ثانية وثالثة ومليون!، والبعد الفلسفى الذى أقصده ليس مرادفاً للجهامة وثقل الظل، ولكنه مرادف للجدية والتأمل، والاقتباس من الفيلم الأجنبى لم يكن فوتوكوبى أو استنساخاً بل كان إعادة خلق فيه النفحة المصرية التى نجح فى صياغتها ونسجها كاتب الفيلم محمد دياب، الذى حافظ على إيقاع سريع حيوى متوتر أحياناً أفضل بكثير من إيقاع الفيلم الأجنبى، وكان أميناً مع الأسطورة حين فشل بطل الفيلم فى تغيير الواقع.

يتكرر روتين الواقع القاتل للعريس أحمد حلمى الذى يزف إلى الموت فى نهاية المشهد المتكرر، يحاول الإفلات والفكاك والهروب، لكن مخالب القدر تطبق على أنفاسه اللاهثة لتتركه صريعاً، ودائماً تتركه مشيعاً بابتسامة ساخرة يقول لسان حالها: «مش حتقدر يا بطل تغير الواقع»!!، قامر أحمد حلمى بحب الأطفال وضحكات مراهقى المولات وقهقهات الباحثين عن نسمات التكييف فى سينما الكيف، ورمى كل هذه الحسابات وراء ظهره ونجح فى رسم بورتريه جديد لوجه سينما كانت التجاعيد قد زحفت على وجهها المتغضن وأدخلتها كهف الشيخوخة.

إن كان أحمد حلمى فى الفيلم قد فشل فى تغيير واقع الحياة، فقد نجح أحمد حلمى الممثل فى تغيير واقع السينما المصرية، يا أحمد.. ألف مبروك وألف شكر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية