x

هيا بنا نشجع شالكة الألمانى!

الإثنين 10-08-2009 00:00 |

حالة من الغضب العارم تعترى المسلمين فى السنوات الأخيرة على خلفيات كثيرة، سواء سياسية بسبب الأوضاع السيئة لإخوانهم فى بقاع كثيرة من العالم آخرها ما حدث فى الصين، كما أن الأزمات الاقتصادية العالمية لم تكن بمنأى عن أوجاع المسلمين وغضب آخر من إهانات متكررة فى أفلام سينمائية عالمية وصحف أوروبية لنبى الإسلام الأعظم محمد، صلى الله عليه وسلم، كما حدث فى الدنمارك والنرويج.

لكن الجديد هذه الأيام هو الغضب الإسلامى من فريق شالكة الألمانى أحد أقوى الفرق المرشحة للفوز بدورى الدرجة الأولى الألمانى «بوندزليجا» فى الموسم الجديد الذى انطلق يوم الجمعة 7 أغسطس 2009.

وكان من الغريب أن تشارك وسائل إعلام كبرى عربية للأسف ـ فى تأجيج نار جديدة لدى المسلمين تجاه أوروبا، دون أن يُكلف من نقلوا الخبر أنفسهم عناء البحث والاستقصاء من المصادر الأصلية.

بداية نقول إن الخبر تم استقاؤه من صحيفة «بوجون التركية»، بحسب المعلومات المتوافرة إلى الآن نقلاً عن مشجعين أتراك، علماً بأن الجالية التركية هى أكبر الجاليات المسلمة فى ألمانيا إن لم تكن أكبر الجاليات على الإطلاق (2.5 مليون نسمة فى بداية عام 2008).

ثم نقلت وكالات الأنباء العالمية الخبر وبالتبعية كما هى العادة لدى الصحف العربية ـ اللهم إلا ما ندر منها ـ قامت بدورها بنقل الخبر كما هو.

يمكنك عزيزى القارئ أن تلمس بنفسك هذه الثورة الغاضبة الجديدة دون مبالغة على مواقع الإنترنت الكبرى وردود فعل قرائها وعلى وجه التحديد موقع قناة العربية (148 تعليقاً) ومواقع الصحف الورقية، فضلاً عن المنتديات الكبرى خاصة الرياضية منها، كما فى ستار تايمز الذى يحتوى على منتدى كورة الشهير قِبلة الشباب العربى فى الجانب الرياضى.

كل هذا وذاك، دعانى لمحاولة فهم حقيقة الأمر علماً بأن تخصصى فى عالم الرياضة يحتم على البحث بطريقة جادة عن الحقيقة، وليس مجرد خبر للفرقعة الصحفية التى تتلاشى لعدم اكتمال مصداقيتها، فتبين لى أن نادى شالكة الذى يرتدى الزى الأزرق والأبيض خصص لنفسه نشيداً بعنوان (Blau und Weiss..ich liebe dich) ويعنى بالألمانية كم أحبك أيها الأبيض والأزرق».

هذا النشيد مصدر غضب المسلمين فى الأيام الماضية لأنه يحمل بين طياته جملة تقول «محمد كان نبياً.. رغم عدم معرفته بكرة القدم.. إلا أنه اختار اللونين الأبيض والأزرق من بين الألوان»، تم كتابته عام 1920 إلا أنه لم يكن يحتوى تلك الفقرة الخاصة بالنبى الكريم، والتى تمت إضافتها فى عام 1963.

وأكد لى الدكتور المصرى أحمد المتبولى، الحاصل على درجة الدكتوراه فى الدراسات الشرقية من جامعة فيينا النمساوية والمقيم بين النمسا وألمانيا، أن تلك الاحتجاجات ليست بجديدة على المسلمين، فقد اعترضوا على هذه الفقرة عام 1997 لكنها لم تحظ بأى اهتمام إعلامى آنذاك، لأنهم تيقنوا بعد ذلك من عدم وجود أى إهانة فيها للنبي.

وفجر المتبولى مفاجأة من العيار الثقيل عندما أكد أنه من خلال دراسته تبين له أن الصيادين الألمان لهم نشيد شهير يبلغ درجة القداسة عندهم ويسمى (lob der grunen Farbe) ويعنى بالعربية «التعظيم للون الأخضر»، وأنهم لما سمعوا أن النبى محمد عليه السلام يُقدر الألوان وخصوصاً اللون الأخضر أوردوا ذلك فى نشيدهم المكتوب منذ عام 1797 (ألف وسبعمائة وسبعة وتسعون).

والفقرة التى وردت فى نشيد الصيادين بالألمانية

mohammed war ein Prophet

der von Farben so viel versteht

und aus all der schonen Farbenpracht, ja: ll Farbenpracht

hat er sich das grun und weib so aus erdach

وتعنى أن «محمداً كان نبياً وهو شفيعى.. يقدر كل الألوان، ومن بين كل الألوان اختار اللون الأخضر».

وهنا اعتراف واضح بنبوته صلى الله عليه وسلم، ويقصد بكلمة شفيعى هنا حجتى فى اختيار الألوان المفضلة، فإذا كان نبياً قد اختار وأحب اللون الأخضر فهذا شفاعة لنا على حبه.. هذا معنى الجملة.

وهذه معلومة أخرى أقدمها ـ دفاعاً عن رسول الله ـ وهى أن نادياً ألمانيا آخر يسمى أونترشبيز هايم SV DJK Unterspiesheim يرتدى الزى الأخضر والأبيض أيضاً ـ وهو الزى الغالب فى الملاعب الألمانية ـ أخذ نشيد الصيادين الألمان وجعله نشيداً خاصاً بالنادى بعد أن حذف كلمة شفيعى فى الجملة الخاصة بالنبى محمد، وهذا يؤكد اعترافاً تاماً منهم بنبوة محمد عليه السلام.

وحول هذا الغضب، سألت د. المتبولى مجدداً عن ردود الفعل لدى الجالية المسلمة فى ألمانيا والنمسا، فأكد لى: سألخصها لك فى جملة قالتها لى فتاة مسلمة مثقفة: «لماذا كل هذا الغضب من المسلمين، هل يعلمون أن 60 ألف مشجع لفريق شالكة يرددون اسم نبينا فى كل مباراة قبل بدايتها.

هنا لابد أن نقف ونستوعب ونفهم السبب والخلفيات لا أن نثور ونتهم ونرفض ونحتج دون فهم.. الألمان لم يجدوا فى كتب التاريخ نبياً يقدس الألوان إلا النبى محمد صلى الله عليه وسلم فاستشهدوا به، فهل نقوم نحن المسلمين بدورنا فى تسحين صورتنا وصورة ديننا التى تشوهت جراء التعصب دون وعى، والغضب دون فهم؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية