x

نائب رئيس جمعية الصداقة المصرية- الصينية: زيارة بكين تؤكد انتهاء «عصر التبعية»

الجمعة 26-12-2014 22:01 | كتب: هبة شورى |
أحمد والي يتحدث للمصري اليوم أحمد والي يتحدث للمصري اليوم تصوير : عزة فضالي

قال السفير أحمد والي، نائب رئيس جمعية الصداقة المصرية- الصينية، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، للصين تريد أن تقول ببساطة إنه عصر التبعية قد ولى، والرسالة التي توجهها مصر للعالم بهذه الزيارة موفقة للغاية.

■ كيف تقيم زيارة السيسى إلى الصين؟

- الرسالة التي توجهها مصر للعالم بهذه الزيارة موفقة للغاية، فمصر تريد أن تقول ببساطة إنه عصر التبعية قد ولى، وأنها ستصوغ علاقاتها وفقا لمعيار واحد، هو المصالح المتبادلة والمنفعة المشتركة، وهناك رسالة أخرى للداخل تقول إن الصين دولة تقدس قيمة العمل وكذلك المصريين، فقبل أن يمضى عام 2014، وهو نفس عام انتخاب السيسى رئيسا، كان لابد من زيارة حافلة للصين ترسخ أهمية التعاون المصرى الصينى، ورغبة مصر في صياغة جديدة للعلاقات الدولية في المنطقة تقوم على المنفعة المشتركة والمصالح المتبادلة، والصين بمثابة عملاق اقتصادى يبحث عن مصلحته ولا يعادى أحدًا، وهو ذات التوجه المصرى.

■ وهل هناك جذور تاريخية للتعاون بين مصر والصين؟

- العلاقات بين الصين ومنطقة الشرق الأوسط عموما ضاربة في القدم، منذ حركة التجارة التي كانت تتم عبر «طريق الحرير»، كما كان يطلق عليه، وامتدت العلاقات التجارية بين مصر والصين في عصر المماليك، وفى التاريخ الحديث قامت الصين بثورة في منتصف القرن الماضى واستقلت بزعامة ماوتس تونج عام 1949، وفرض الغرب حصارا شديدا عليها، ولم يعترف بالقيادة الجديدة، وكانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت بالصين في مايو 1956، لذلك عندما وقع العدوان الثلاثى على مصر تطوع قرابة مليون صينى وعرضوا المشاركة في المعارك ضد العدوان الثلاثى آنذاك، وعندما قرر الغرب معاقبة مصر اقتصاديا على قرار تأميم قناة السويس برفض استيراد القطن، قال الزعيم الصينى آنذاك، شونلاج، قولته الشهيرة: «لو أن كل مواطن صينى أطال قميصه سنتيمترا واحدا.. سنستهلك كل الإنتاج المصرى من القطن»، وذلك رغم أن الصين آنذاك كانت ضعيفة اقتصاديا، لكنها في ظرف 3 عقود أصبحت ثانى أقوى اقتصاد على مستوى العالم، وعندما قامت حرب 73 كان لها دور كبير في دعم العسكرية المصرية، حيث أمدت الجيش المصرى بمعدات عسكرية وقاذفات متطوره في الوقت الذي كانت تماطل فيه روسيا في تسليم السلاح للرئيس السادات فقدمت الصين مثالا للالتزام في تسليم الشحنات وكانت عنصر دعم ومساندة للجيش في السبعينيات.

■ هل تأثرت العلاقات بين البلدين في عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك؟

- مبارك حافظ على علاقات جيدة مع الصين، خاصة أن بكين تتسم بالثبات في علاقاتها، ومبارك الرئيس العربى الوحيد الذي زار الصين 10 مرات، لكن الصينيين بطبيعتهم يتركون الوقت يعمق العلاقات، وكانت معظم مشاريعهم تصطدم بالبيوقراطية والروتين الحكومى وتعدد وتضارب القوانين، لكن هذا لا يمنع أن هناك مشاريع مهمة أقامتها الصين في مصر.

■ كيف ترى العلاقة بين نظام الحكم الشيوعى، ونجاح الصين في أن تغزو منتجاتها أسواق العالم؟

- إنها حقا تجربة فريدة وذات خصوصية، فقد نجح النظام السياسى هناك في الحفاظ على الحزب الشيوعى، وفى ذات الوقت تطبيق سياسات منفتحة، بدأت بتجربة الرئيس بينج شاوبينج في بعض المحافظات، وسرعان ما أثمرت التجربة وحققت نجاحا فبدأ التوسع في سياسات الانفتاح والتحرر الاقتصادى وفرض على المحافظات التي خطت خطوات واسعة في النمو مساعدة المحافظات الأخرى وإمدادها بالخبرات والأفكار، وكانت الصين أول من قدم فكرة المصانع صديقة البيئة، وجعلت المصايف تعمل طوال العام عن طريق منظومة اقتصادية مخططة للمحافظات الساحلية، ونجحت في تحقيق معدلات نمو وصلت 8 % من إجمالى الناتج القومى، وكلما زاد النمو الاقتصادى ساهم ذلك في رفع مستوى الطبقات الاجتماعية المختلفة.

■ وماذا عن التجربة الصينية في محاربة الفقر؟

- الصين نجحت في محاصرة الفقر بنشر ثقافة العمل وتقديم التسهيلات أمام راغبى العمل من خلال تطبيق نظام «المكتب الواحد»، فكل راغب عمل أو صاحب مشروع يتقدم بأوراقه لمكتب واحد، مهمته إنهاء كل التراخيص والموافقات لسرعة البدء في العمل، وأيضا قادت الحكومة حملة العمل من المنازل عن طريق الإعلام، فكانت البرامج التليفزيونية تبث مواد تعلم الناس كيفية صناعة منتج ما، ويكافئ المواطن بقدر إنتاجه وساعات عمله، وكانت النساء تعمل أثناء مشاهدة التلفاز ورعاية الأطفال، بينما تقوم الحكومة بتصدير المنتجات، وبالمناسبة استفادت دول آسيوية أخرى من التجربة الصينية، وأطلق عليها «المنازل المنتجة»، وفى الصين الفقير هو غير القادر على العمل، ومعدلات الفقر هناك لا تتعدى عُشر تعداد السكان، وتتمركز في الريف فقط.

■ كثيرا ما يقال إن جودة المنتجات الصينية أقل من غيرها.. لماذا؟

- لا تنتشر هذه الفكرة سوى في مصر، لأن المستورد المصرى يختار المنتج الأرخص للبيع بهامش ربح أعلى، بينما في مختلف دول العالم تضارع المصنوعات الصينية في جودتها ودقتها الصناعات الأوروبية.

■ ماذا عن التجربة الصينية في التعليم؟

- التعليم العالى في الصين ليس مجانيا، ولا يوجد من يدرس فقط ولا يعمل، فيجب على كل من يحصل على فرصة للتعليم الجامعى هناك أن يعمل ليؤمن مصاريف دراسته، بينما تنتقى الحكومة عبر جمعيات أهلية متخصصة العباقرة والنابغين وتراقبهم جيدا وتقدم لهم التعليم الجامعى مجانا، وترسل بعثات علمية للخارج سنويا بتكلفه باهظة.

■ هناك قاسم مشترك بين مصر والصين وهو الكثافة السكانية العالية.. كيف نجحت الصين في تحقيق أقصى استفادة من تعداد سكانها الهائل؟

- أعترض على المقارنة، فالصين نجحت في تقليص الزيادة السكانية، وهى دولة كبيرة من حيث المساحة والسكان والثروات ويوجد بها 26 قومية، وهى تطبق سياسة الطفل الواحد، فكل أسرة لا يحق لها أن تنجب سوى طفل واحد، ويتغاضى عن الطفل الثانى في بعض مناطق الريف، أو لدى بعض الأقليات، وتسحب الامتيازات من الأسرة في حال أنجبت طفلين، وينفى الأب إلى إحدى مناطق الريف، وهذه السياسات الصارمة المغزى منها أنه إذا لم يتم احتواء الزيادة السكانية فإنها ستلتهم أي نمو قد يتحقق، وتظل خطط التنمية عاجزة عن تحقيق أهدافها، بينما في مصر أكثر من 90% من مساحة الدولة غير مستغلة، وغالبية الاستثمارات تستهدف المدن، والنتيجة ما نعانيه من أزمات في الإسكان والعمل والتعليم والتلوث والازدحام وغيرها.

■ كيف تنظر الصين للتطورات السياسية في الشرق الأوسط والدول الإسلامية؟

- القيادة الصينية لديها حساسية مفرطة من أمرين، التطرف الدينى بما يفرزه من إرهاب وقتل وخلافه، والأمر الآخر الحركات الانفصالية، ولهذا تكن بكين تقديرا كبيرا لوسطية الأزهر، ويحترمونه، ويعتبرون مصر مصدرا للاعتدال الإسلامى، والصين يوجد بها ما يقارب 20 مليون مسلم موزعين على مختلف الولايات، وتكاد تكون ولاية غرب شنغهاى إسلامية خالصة، وتنتشر بها المساجد ذات الطرازات المعمارية الإسلامية، فضلا عن احترامهم للقيم والأخلاق الإسلامية من توقير للكبير وعطف على الصغير وتقدير لقيمة العمل والإخلاص فيه. وبشكل عام، فإن العملاق الصينى مسالم لا يفتعل الحروب، ولا يغذى اقتصاده منها كما تفعل إسرائيل، وأعتقد أن التوجه المصرى للصين رساله للجميع بأن مصر معنية فقط بالبناء والتقدم والتنمية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية