لم تعد حكومة مصر وحدها التى تخوض الآن حربا مع بعض مؤسساتها الرياضية، حتى لا يبقى أى مسؤول فى منصبه أكثر من ثمانى سنوات.. فالحكومة اليونانية أيضا تخوض حاليا نفس هذه الحرب ضد اتحاد بلادها لكرة القدم.. فقد اكتشفت وزارة الثقافة والرياضة اليونانية أن اتحاد الكرة، برئاسة جيورجوس ساريس، تحول إلى كيان مسكون بالفساد والمطامع.. اتحاد فيه من يتلاعب بنتائج المباريات لتحقيق مكاسب شخصية.. وفيه من يتدخل فى اختيارات الحكام لمباريات بعينها.. وحين تأكدت وزارة الثقافة والرياضة اليونانية من كل هذا الفساد.. قررت أولاً إحالة الأمر إلى القضاء، حيث بدأت النيابة هناك تحقيقاتها المطولة، ثم ستبدأ قريبا محاكمة ستة عشر متهما، منهم أربعة مسؤولين كبار فى اتحاد الكرة، واثنان من رؤساء الأندية، وثلاثة حكام سبقت لهم إدارة الكثير من مباريات الدورى اليونانى.. ورفض إلياس زاجوريوس، ممثل النيابة فى هذه القضية، الكشف عن أسماء المتهمين الذين ستبدأ قريبا محاكمتهم.. أما الأمر الثانى الذى قررته وزارة الثقافة والرياضة اليونانية غير اللجوء للقضاء فكان تغيير قانون انتخاب اتحاد الكرة اليونانى.. لم تعد الحكومة اليونانية تريد أن يبقى أى مسؤول فى اتحاد فى موقعه لأكثر من دورتين.. أى ثمانى سنوات.. حتى إن كان ذلك يجرى عن طريق الانتخاب.. وهكذا قررت الحكومة اليونانية تعديل القانون وإضافة هذا البند الذى يضع سقفا زمنيا للبقاء.. كما قررت الحكومة أيضا وضع معايير أكثر صرامة فى قواعد قبول المرشحين، وكذلك أسس وقواعد اختيار لجنة الحكام اليونانية..
ولأن الفاسدين يتشابهون فى النهاية، مهما اختلفت ملامحهم وأسماؤهم وأوطانهم.. فقد قرر جيورجوس ساريس، رئيس الاتحاد اليونانى، التقدم بشكاوى لفيفا والاتحاد الأوروبى يشكو من التدخل الحكومى.. وأنه يستجير بالمؤسستين الكرويتين الكبيرتين، دفاعا عن استقلال الاتحاد اليونانى.. وبالفعل أرسل فيفا والاتحاد الأوروبى خطابين يرفضان فيهما أى تدخلات سياسية فى شؤون اتحاد الكرة وأعماله.. ولم تَخَف الحكومة اليونانية، ولم تتراجع أيضا، ولم يكن لها أى مستشارين ينصحونها بتأجيل المحاكمة والتراجع عن القانون.. وبينما كان مسؤولو الكرة يؤكدون ثقتهم فى الانتصار على الحكومة، استشهادا بما جرى عام 2006 حين تم تجميد نشاط الكرة اليونانية واستسلمت الحكومة اليونانية وتراجعت عن قراراتها.. بقيت الحكومة تؤكد أنها لم تخطئ هذه المرة، وأنها قدمت للقضاء الوقائع والمستندات التى تكشف الفساد الهائل داخل الاتحاد.. وهكذا لم يملك جيورجوس ساريس، رئيس الاتحاد اليونانى، إلا التقدم باستقالته، أمس الأول، انتظارا لما سيجرى.