«الموت كان يطاردنى فى كل مكان، حاولت أن أنجو منه على جثة صديقى فخسرت كل شىء.. الصديق والحرية، والأبشع من كل ذلك، الفضيحة والهم الثقيل الذى تركتهم لأسرتى».. بتلك الكلمات بدأ المتهم «إسلام» رواية تفاصيل جريمته التى أصبحت حديث الشارع فى عين شمس، فيما قرر محمد شادى أبوالعلا، مدير النيابة، حبسه على ذمة التحقيقات.
كأنه يعانى رجفة الموت، يذرف دموعا، قد تكون لندمه أو رعبا من القادم، قال إسلام، البالغ من العمر 25 عاما: كنت أحلم ببيت وعروس ووظيفة تصوننى من حياة الشارع، لكنى ضيعت كل ذلك فى لحظة..
حطمت حياتى ومستقبلى بيدى، فمنذ فترة طويلة وأنا أشارك مجموعة من الأصدقاء التردد على شقة القتيل احمد فكرى، كان يكبرنى بقرابة 15 عاما لكنه كان يعتبرنى أقرب الناس إليه، فتح لى بيته ومنحنى حرية الحياة فيه كأنه بيتى - ملعون أبوالكيف - كنت أتولى تدبير المخدرات من «أعرابى» من القليوبية ويدفع أحمد ثمنه، ندخنه فى شقته مع الأصدقاء.
تراكمت ديونى لدى الأعرابى، طالبنى بها وماطلته أياما وأياما، وفى النهاية خيرنى بين الدفع أو الموت، لم يكن ذلك تهديدا فأنا أعرفه جيدا، خشيت أن يقتلنى وبدأ شبح رصاصة أو طعنة خنجر قاتلة، يطاردنى فى كل مكان، طار النوم من عينى وعجزت عن التفكير ووسطّت أحد الأصدقاء المشتركين وحصل لى منه على مهلة لمدة أسبوع واحد، كدت خلاله أن أصاب بالجنون من شدة التفكير.
قررت أن أهرب من الدنيا إلى عالم التوهان وتدخين الحشيش وذهبت إلى شقة «أحمد - موظف السياحة» بدأت السهرة ولم أشعر برأسى ورحت أغرق فى بركة من الضحك وفجأة وقعت عيناى على جهاز الـ «لاب توب» الخاص بالضحية لم أستطع أن أرفعهما عنه طوال الوقت، وجدت ضالتى وحل كل مشاكلى فى هذا الجهاز، قررت سرقته وتسليمه للأعرابى مهما كان الثمن،
أنهيت السهرة وانصرفت بصحبة أحد الأصدقاء المقربين وفى الطريق أخبرته بمعاناتى، وأننى قررت سرقه الكمبيوتر حتى لو أننى قتلت صاحبه، فأنا أعلم أنه وحيد يعيش بمفرده، فلم يوافقنى صديقى ووبخنى لأنى أفكر فى ذلك رغم أن الرجل فتح لنا بيته ويعتبرنا أهله، تظاهرت بإلغاء الفكرة والبحث عن وسيلة أخرى لحل مشكلتى.
وأضاف المتهم: كانت فكرة السرقة اختمرت فى رأسى وصباح اليوم التالى توجهت إلى شقة موظف السياحة وطرقت بابها، فتح دون أن يشك فى شىء، بادرته بأنى نسيت بعض متعلقاتى عنده أثناء السهرة،
وتركنى أدخل لأبحث عنها، غافلته وضربته على رأسه بالمكواة، فلم يسقط على الأرض واندفع فى اتجاه الشرفة يطلب نجدته، لم أفكر فى هذه اللحظة إلا فى الخلاص من الموقف، فشللت حركته وعاجلته بعدة ضربات، حتى سقط على الأرض، كان يتوسل أن اتركه يعيش فقط وأن آخذ كل شىء يملكه، لم أسمعه وأسرعت إلى المطبخ وأحضرت سكينا وسددت له طعنات تأكدت أنها أنهت حياته.
قيدته بسلك المكواة ولففته فى الروب وفتشت الشقة وأخذت 1000 جنيه وتليفون حديث، غسلت آثار الدماء وبدلت ملابسى من دولاب القتيل وحطمت منظما خاصا بـ «كلوب» يعمل بالغاز ووضعت عليه بعض الأوراق وأشعلت النار فى الأوراق وأنا واثق أن حريقا سيحدث يلتهم كل دليل على إدانتى وأخذت السكين لأتخلص منها بعيدا وأغلقت الباب وانصرفت.
جلست على مقهى وبعد لحظات نسيت كل شىء وأسرعت إلى «الأعرابى» وسلمته التليفون و500 جنيه وانفقت الباقى على متطلباتى، فعلمت أن الحريق لم يحدث وأصابنى الرعب من جديد، تضاعفت الكوابيس، وكنت كلما أغمضت عينى رأيت المقدم محمد يوسف، رئيس مباحث عين شمس، يمسكنى من عنقى، حتى تحققت هذه الكوابيس.
توصلت التحريات التى قادها اللواء فاروق لاشين مدير الإدارة العامة لمباحث العاصمة إلى كل التفاصيل.. واجهونى بالتحريات، كأنهم كانوا معى فى كل خطوة منذ أن فكرت فى الجريمة.
اختتم المتهم التفاصيل المأساوية بأنه خسر كل شىء بسبب الكيف اللعين، وتحول إلى قاتل لأقرب الناس إليه وتسبب فى هم ثقيل وفضيحة لأسرته. قال كأنه يطلب أمنية غالية: «انا عاوز أموت فى أسرع وقت.. الموت الذى كنت أخاف منه أصبح هو الراحة الوحيدة لى الآن».