يعتقد خبراء الأوبئة على نطاق واسع أن الحالة الأولى من الإصابة في الموجة الحالية من وباء «إيبولا» كانت لطفل رضيع أصيب بها في ديسمبر من العام الماضي بقرية ميلياندو الواقعة في أعماق غابات غينيا.
وبينما كان أفراد أسرة هذا الطفل يعتنون به ويطلبون المساعدة الطبية انتشر الفيروس، وبحلول شهر فبراير الماضي وصلت ممرضة مصابة بعدوى الفيروس إلى بلدة جيوكيدو جنوبي غينيا، وتعد البلدة سوقا تجارية مهمة يتجمع فيها التجار القادمون من سيراليون وليبيريا وغينيا.
وانتظرت منظمة الصحة العالمية حتى أغسطس الماضي لتعلن أن إجمالي عدد الوفيات بسبب فيروس «إيبولا» وصل إلى ألف، وأعلنت وقتها حالة الطواريء، وتشير أحدث التقارير إلى أن عدد المصابين بالفيروس بلغ 17908 حالة، بينما بلغ عدد الوفيات 6373 شخصًا في منطقة غرب أفريقيا.
وأشار الكثيرون إلى التباطؤ من جانب منظمة الصحة العالمية فيما يتعلق باتخاذ رد الفعل المناسب لمواجهة «إيبولا»، وهو التباطؤ الذي تعرض للانتقاد باعتباره نقطة التحول في سرعة انتشار المرض، وذلك عندما أصبح انتشار الفيروس وباءً واسع النطاق شمل دولًا متعددة.
وقال ديفيد هايمان، أستاذ علم الأوبئة والأمراض المعدية، بمدرسة لندن للصحة وطب الأمراض الاستوائية، إنه «لو كان قد تم مواجهة حالات تفشي إيبولا في الأماكن والمواقيت التي تم رصدها فيها، وكان ذلك في مارس من العام الحالي، قبل أن ينتشر الفيروس على نطاق واسع لكان ذلك أفضل، لأنه في معظم الأحيان يمكن وقف انتشار الأمراض المعدية في بدايتها».
وكان هايمان باعتباره متخصصًا في طب الأوبئة بالمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها عضوًا في الفريق الذي تقصى وأجرى أبحاثًا حول بعض حالات الإصابة الأولى بفيروس «إيبولا» في الدول الواقعة جنوبي الصحراء الأفريقية في السبعينيات من القرن الماضي.
وأشار إلى أنه حدث عشرين انتشارا للفيروس على الأقل في الماضي، غير أنه في أي من هذه المرات لم يتضخم الوباء إلى مستوى التفشي الذي نشهده
حاليًا.
ومن ناحية أخرى، أوضح أميش أداليا وهو أستاذ مشارك بمركز الأمن الصحي بجامعة بيتسبرج الأمريكية أن أحد أسباب شدة الموجة الحالية من تفشي الوباء هو أنه اندلع في منطقة غير معتادة على فيروس «إبيولا»، حيث حدثت معظم حالات تفشي هذا الوباء السابقة في وسط أفريقيا خاصة في الكونغو.
ومع وجود كثير من المخاوف الصحية على مستوى العالم، تتعاون الحكومات من أجل حماية مواطنيها واستكشاف وسائل لرصد انتشار العدوى قبل أن يتسع
مداها وتتحول إلى وباء، وبعد تفشي فيروس«عرض الالتهاب الحاد للجهاز التنفسي» المعروف باسم سارس في الصين عام 2002، تعهدت الحكومات في
مختلف أنحاء العالم بتعزيز الأنظمة المحلية للمراقبة والاستجابة الصحية.
ومع ذلك لم تنفذ كثير من الدول تلك التعهدات، بما فيها الدول الواقعة في غربي آفريقيا.
وقال هايمان: «ومن هنا هل تكون هذه هي فرصة أخرى يتم من خلالها تعبئة كل شخص ويشعر فيها الجميع بالقلق إزاء الأوبئة، ثم تخبو المشاعر وتتلاشى
التعبئة؟ دعنا نأمل ألا يحدث ذلك».