تتوقف معظم بطولات الدوري الكبري في أوروبا مع حلول أعياد الميلاد بسبب الطقس البارد أو الإجازات، لفترة قصيرة يعود بعدها الجميع للتنافس، ويتزامن ذلك مع انتهاء معظم مباريات الدور الأول من بطولة الدوري لتتوج الفرق على القمة ببطولة رمزية وهي بطل الشتاء، لكن كيف وصل أبطال الشتاء هذا العام لقمة مسابقة الدوري في بطولات أوروبا الخمس الكبرى، إنجلترا، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا وألمانيا؟
في ألمانيا حقق بايرن ميونخ أعلي نقاط في بطولات أوروبا الكبرى بجمعه 45 نقطة، ولم يخسر الفريق أي مباراة، متفردًا بهذا الرقم حتى الآن.
- الخطة 3-4-3
يلعب بيب جوارديولا، مدرب بايرن، بخطة جديدة هذا العام، باللعب بثلاثة مدافعين فقط في الخط الخلفي، هما مهدي بن عطية، جيرمي بواتينج وديفيد ألابا، أمامهم رباعي وسط مكون من تشابي ألونسو وفيليب لام كلاعبي ارتكاز، وخوان بيرنات على اليسار وآريين روبن على اليمين، أمامهم الثلاثي ماريو جوتزه، توماس مولر، وروبرت ليفاندوفسكي، وبالطبع مانويل نوير في حراسة المرمي.
تغيرت واجبات وأدوار بعض اللاعبين تبعًا للإصابات والتعاقدات، فكان تشابي مارتينيز يلعب مكان «ألونسو» قبل إصابة الأول والتعاقد مع الثاني، فيما حل فرانك ريبري في الخط الأمامي للفريق بعد عودته من الإصابة مكان «ليفاندوفسكي» أو «مولر»، ولعب دانتي محل «ألابا» للإصابة فيما استخدم جوارديولا لاعبيه سيباستيان رودي، كلاوديو بيتزارو، رافينيا وجيردان شاقيري من مقاعد البدلاء.
- خطة هجومية وتبادل أدوار مثالي
لعب جوارديولا بنفس الخطة عام 2010، أمام ريـال مدريد، عندما كان الفريق متأخرا بهدف لصفر، وقتها استطاع برشلونة أن يحول الهزيمة لفوز ثلاثي، لكن عدم وجود لاعبين قادرين على أداء أكثر من دور داخل الملعب منع المدير الفني الإسباني من تكرار التجربة على نطاق أوسع، لكن الوضع مختلف مع بايرن لوجود لاعبين أمثال «ألونسو»، «لام»، «ألابا»، «جوتزه» و«مولر»، جميعهم لاعبون يلعبون في مكانين أو أكثر بشكل سلس، مما أتاح لجوارديولا تطبيق هذه الخطة الصعبة.
في حالة فقدان الكرة يلعب بايرن بطريقة 4-1-4-1، يتراجع بيرنات كظهير أيسر ويلعب أحد لاعبي الدفاع كظهير أيمن، ويضغط كل لاعبي الوسط الأربعة في كل أرجاء الملعب، من أجل استعادة الكرة، وفي حالة استعادة الكرة، يتحول الفريق لإحدى الطريقتين 4-2-3-1 أو 2-4-3-1، ويعتمد بايرن بشكل أساسي على «ألونسو» لنقل الكرة بين لاعب الخط الخلفي، وبناء الهجمة بالتمرير لأي من لاعبي الوسط الأربعة.
تعدد الأدوار يظهر في كل هذه الحالات، في الحالة الدفاعية يتنوع دور «ألونسو» بين لاعب الارتكاز أو مدافع ثالث يعطي عمق للخط الخلفي، وكذلك «بيرنات» الذي يعود كظهير أيسر ليتحرك كل دفاع البايرن ناحية اليمين، ليصبح أحد قلوب الدفاع ظهير أيسر، في معظم الحالات «بن عطية».
فيليب لام أيضًا يلعب أكثر من دور في حالة الدفاع، يعود لمساندة «ألونسو» ليصبح ارتكازا دفاعيا، وفي حالة الهجوم يلعب تحت رأس الحربة كصانع ألعاب، يمتلك الرؤية الكافية لتمرير الكرة يمينًا ويسارًا للخط الأمامي.
- المسيرة
دخل بايرن الموسم منتشيًا بالفوز بالثنائية المحلية ولكنه لم يبدأ الموسم بأفضل شكل نظرًا لعدم عودة كل لاعبيه إما من الإصابات أو من الراحة السلبية بعد كأس العالم، فخسر الفريق أربع نقاط في أول أربع مباريات بالتعادل مع شالكة وهامبورج، مقابل فوزين أمام فولفسبورج وشتوتجارت، تلقي الفريق خلالها هدفين، ليبدأ سلسلة طويلة من الحفاظ على شباكه نظيفة امتدت لأكثر من شهرين تقريبًا، بدأت بالتعادل السلبي أمام هامبورج، تبعها بالفوز على باديبورن برباعية، ثم كولن بثنائية وهانوفر برباعية ثم سحق فيردر بريمن بسداسية قبل تعادل سلبي مع بروسيا مونشنجلادباخ، لتتوقف سلسلة الشباك النظيفة أمام الغريم التقليدي بروسيا دورتموند، لكن بفوز أيضًا، بثنائية لهدف واحد.
عاد بايرن لسلسلة جديدة من الانتصارات النظيفة أمام إنتراخت فرانكفورت وهوفنهايم برباعية في كل مباراة، وفوز بهدف نظيف ضد هرتا برلين وباير ليفركوزن، وفوز رباعي على أوجسبورج وبهدفين على فرايبورج قبل أن تتلقي شباكه هدف وحيد في فوزه على ماينز في آخر مباريات الدور الأول من الدوري الألماني.
- أهم اللاعبين
يمكن اعتبار مانويل نوير أهم لاعبي الفريق، فالحارس العملاق أعاد للأذهان صورة الحارس الذي يلعب الكرة بشكل متميز، ويحافظ على نظافة شباكه، ويستطيع أن يلمع وسط فريق ملىء بالنجوم، لكن وصول تشابي ألونسو ذى الأربعة والثلاثين عامًا حول المسار تجاه الإسباني العجوز الذي أعاد جوارديولا اكتشافه في هذه السن الكبير.
صفقة شراء «ألونسو» كانت مفاجأة للجميع وجاءت بالأساس لتعويض إصابة خابي مارتينيز بقطع في الرباط الصليبي، لكن «بيب» نجح في إعادة اكتشاف «ألونسو» ليصبح أفضل من يمرر الكرة في الدوري الألماني ويحقق أرقام قياسية في لمس الكرة، وينجح في تحويل فريقه من حالة الدفاع لحالة الهجوم بلمسات بسيطة وبكل سهولة يحول الضغط الواقع على زملائه بتمريرات حريرية تصنع الأهداف.
جوارديولا نفسه قال عن «ألونسو» إنه كان العقل الذي ينقص الفريق لاكتشاف تمريرات ومحاولات ما كانت لتظهر لولا وجود الإسباني الذي يعتبر صمام الأمان للفريق في منتصف الملعب وفي الخط الخلفي.
- هداف الفريق
بسبعة أهداف حقق «جوتزه» لقب هداف الفريق في الدوري، اللاعب الذي انتقل للبايرن من غريمه بروسيا دورتموند قال إن دافعه الأساسي للانتقال لبايرن، هو أن يعمل تحت قيادة جوارديولا ليصبح ميسي جديدا، ربما لم يتحول «جوتزه»، صاحب هدف فوز ألمانيا بكأس العالم لـ«ميسي» جديد، لكنه بالتأكيد يتحسن كثيرًا مع بايرن، ويمكنه أن يفعل أكثر من ذلك للبافاري.
- أهم ممرر
يتشارك سيبستيان رودي وتوماس مولر في لقب أهم ممرر وصانع أهداف في الفريق، بأربع تمريرات حاسمة لكل لاعب، لكن «رودي» لا يلعب كثيرًا مثل «مولر» الذي لعب 15 مباراة واحدة فقط كاحتياطي، فيما لعب 10 مباريات ثلاث فقط كأساسي وسبع كاحتياطي.
«رودي» المنتقل حديثًا للفريق البافاري مجانًا بعد انتهاء عقده مع إنتراخت فرانكفورت، يلعب كبديل في سن الرابعة والعشرين فقط ويمتلك مستقبلا مبشرا جدًا مع الفريق.
- مفاجأة الفريق
لو أن «ألونسو» هو أهم لاعبي الفريق، ونجاحات «نوير» و«روبن» و«جوتزه» متوقعة، فالمستوي الرائع لـ«بيرنات» هو مفاجأة الموسم، بعد أن وصل الظهير الأيسر من فالنسيا الإسباني، فلعب كل مباريات بايرن كاللاعب الوحيد بجانب الحارس «نوير».
«بيرنات» يجيد في تقديم الأدوار الدفاعية والهجومية ويمنح الجانب الأيسر حيوية كبيرة ومنح الفرصة لجوارديولا ليلعب «ألابا» في أحد المركزين كقلب دفاع أو لاعب وسط.
- مستقبل الفريق في النصف الثاني
يبدو بايرن الأقرب للفوز بالدوري الألماني، وغالبًا بدون منافسة، بعد أن سقط منافسه الأساسي في الأعوام السابقة، بروسيا دورتموند في قاع الدوري، ولا يبدو فولفسبورج أو مونشنجلادباخ قريبين من المنافسة، ويتوقع الكثيرون أن يحقق بايرن رقما قياسيا يقابل ما حدث العام الماضي، بفوزه باللقب قبل سبعة أسابيع من نهايته.