x

جبل علبة: أكبر المحميات الطبيعية ومنازل سكانه من خشب الأشجار

السبت 20-12-2014 23:11 | كتب: محمد البحراوي |
سكان جبل علبة بحلايب سكان جبل علبة بحلايب تصوير : محمد شكري الجرنوسي

فى طريق غير ممهد فى عمق صحراء مصر بمنطقة حلايب، يتوقف الزمان ليأتى بصورة من الماضى السحيق، حياة بدائية يعيشها أفراد قبيلة «أميراب» المتفرعة من قبيلة «البشارية» فى محمية جبل علبة، وهم سكان رُحَل يتنقلون فى الوديان حيث الأمطار الموسمية التى تسقى الأرض فينبت الزرع لأكل البشر والمواشى، كما يتخذون خشب الأشجار مسكناً يقيهم الحر والبرد ووقوداً لطهى الطعام وإنتاج الفحم النباتى.

تعد محمية جبل علبة، من أهم وأكبر المحميات الطبيعية المصرية، حيث تقع فى الركن الجنوبى الشرقى فى مثلث حلايب، وتبلغ مساحتها 35600 كيلومتر مربع، وتحوى المحمية العديد من الموارد الطبيعية والبشرية والثقافية، ما بين حياة برية ونباتات طبية واقتصادية وقبائل محلية وثقافات وآثار فرعونية ورسومات قديمة، بالإضافة إلى الثروات الجيولوجية والمعدنية والموارد المائية من آبار وعيون للمياه العذبة، كما يثريها البحر الأحمر بثروات بحرية كبيرة من شعاب مرجانية وحشائش بحرية وكائنات بحرية نادرة، إلى جانب العديد من جزر البحر الأحمر، فى نطاق حدود المحمية والتى تحوى السلاحف البحرية وأنواع عديدة من الطيور النادرة المقيمة والمهاجرة وأنواع من أشجار المانجروف ذات القيمة البيئية والاقتصادية الكبيرة.

«الروتانا» أو «البداوية»، هى اللغة الأم التى يتحدثها سكان الجبل.. هكذا يقول عوض محمد هساى، أهم شيوخ القبيلة، مضيفاً «إن 16 جداً من أجدادنا عاشوا فى هذا الجبل على الرعى وهى حياة بسيطة، نربى الثروة الحيوانية، لدينا نباتات كثيرة مفيدة للغاية، نتحدث لغة (الروتانا)، وتعلمناها من أجدادنا وتعيش معنا حتى الآن، ونستخدمها فى حياتنا أكثر من اللغة العربية، يعمل عدد منا فى مجال استخراج عسل النحل الجبلى المعروف بأنه من أجود أنواع العسل الذى يبدأ إنتاجه مطلع الصيف».

أفراد «الأميراب» ينعمون بالعديد من الثقافات والفنون، منها رقصة «الهوسيت»، و«السيف والدرع»، وتتنوع عروض هؤلاء الأفراد فى المناسبات ويستخدمونها فى استقبال الضيوف، حيث يقول محمد الحسن الحسين، أحد أبناء القبيلة، إن هذا الجبل مختلف عن جبال المنطقة المجاورة لأن به أكثر من 300 نوع من الأعشاب والنباتات الطبية، إضافة إلى عسل النحل الذى قلت كمياته فى السنوات الأخيرة بسبب قلة الأمطار، وتسكن فى الجبل قبائل البشارية بفروعها ومنها الأميراب، ولها مسميات فى الداخل. الجبل موزع عرفياً لكل قبيلة وادٍ معين، فى السنوات الأخيرة نزح كثير من السكان إلى القرى بسبب قلة الأمطار، لكن الناس المتمسكين بالمكان موجودون، نحن سكان رعويون لنا عادات وتقاليد خاصة، وكلها متقاربة بين كل قبائل المنطقة.

حوالى 150 أسرة من قبيلة «الأميراب»، تسكن وديان الجبل فى بيوت بدائية تكسوها بساطة البيئة، وتلعب المرأة دوراً محورياً لكنها لا تخالط الأغراب كتقاليد المحافظين.

على جانب آخر من مجلسنا مع أبناء «الأميراب»، عدد من أبناء القبيلة يرقصون بالسيف والدرع بينما كان «محمد طاهر»، أحد أبناء القبيلة، يعزف على آلة وترية تعزف موسيقى بديعة بسهولة وبساطة فتحدث: «هذه الآلة تسمى (الطنبورة)، أو كما نسميها بلغة الروتانا (باشنكو)، نصنع هذه الآلة من سلوك الكهرباء النحاس وبعض الأخشاب البسيطة من الجبل، ونغنى عليها بالروتانا خصوصاً أغنية (أشل كسلا، قلبى سافرى، يا قلبى كسلا)».

تتمتع المحمية بأهمية اقتصادية كبيرة، ويرجع ذلك إلى التنوع النباتى الهائل التى تحويه جبال ووديان الصحراء الشرقية، وكذلك الأنواع النباتية نفسها الموجودة بتلك المناطق، والتى تنمو على العناصر المعدنية الموجودة بجبال الصحراء الشرقية، نظراً لما تتميز به تلك الجبال من احتوائها على العديد من المعادن المغذية لتلك النباتات، والتى تكون فى أغلبها نباتات موسمية سنوية تعتمد فى دورة حياتها على مياه الأمطار، بينما يوجد العديد من النباتات الدائمة القادرة على تحمل فترات جفاف قاسية فى مناطق نموها، ومن بين النباتات المهمة التى تنتج الأخشاب: «السيال، السمر، العشار، القرض»، وكذلك نباتات الرعى ومنها «الفيقوع، الشوش، المايط، الارى، شجرة الغزال، الموكر، الهوك»، ونباتات الغذاء للسكان المحليين، ومنها «الحجل، شاى الجبل، بلح السكر»، ونباتات ذات استخدامات أخرى «العشار والمرخ (للحصول على الألياف)، والحنظل والصبار (لاستخراج الزيوت)».

تواجه المحمية تهديدات داخلية من بينها صيد الحيوانات البرية، الزراعة داخل المحمية، التفحيم، والتحطيب وجمع الأخشاب، والجفاف وتغيرات المناخ، وتغير وتحول ملكية واستخدامات الأراضى بالمحمية، ويقوم موظفو البيئة بالمحمية بالمراقبة البرية والبحرية لمتابعة موارد المحمية وتحديدها والسيطرة على مناطقها، وإنشاء المسارات الإرشادية واللافتات بمناطقها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية