حذر تقرير صادر عن معهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى من حصول مصر على صواريخ S-300VM من روسيا، وذكر التقرير أن توجه مصر لعقد صفقة الصواريخ مع روسيا يعكس اهتمام القاهرة بعمل توازن في علاقاتها مع موسكو وواشنطن، بعد توجيه الأخيرة انتقادات لاذعة للطريقة التي وصل بها النظام الحالى في مصر للسلطة، وأكد التقرير أن خطورة امتلاك مصر لهذه الصواريخ ليس فقط في أنها ستكون قادرة على تهديد المجال الجوى الإسرائيلى، وإنما لخطورة الدور الجوهرى لمصر في المنطقة.
وأشار معهد أبحاث الأمن القومى، الذي يترأسه مدير المخابرات الحربية الإسرائيلى السابق، الجنرال عاموس يادلين، إلى نشر وسائل الإعلام الروسية، بما فيها الموقع الإلكترونى لوكالة الأنباء الرسمية «تاس»، نبأً في 12 نوفمبر عن تزويد مصر بمنظومة دفاع جوى من طراز S-300VM. وذكر تقرير المعهد أن «النبأ نُسب لنائب مدير الوكالة الفيدرالية الروسية للصادرات الأمنية. وعلى حد قوله، فإن فنزويلا كانت الدولة الأولى التي اشترت هذه المنظومة ومن بعدها مصر».
وأضاف التقرير أنه «بعد يومين من نشر الخبر نفته وكالة (تاس) وذكرت أن (العقد لم يُوقع بعد). وبالأخذ في الاعتبار مستوى المتحدث، الذي نُسب إليه النبأ، يمكن الافتراض أن هناك شيئا ما مُخبأ على الرغم من النفى، وأنه أيضًا تجرى اتصالات بين مصر وروسيا حول شراء هذه المنظومة، هذا إذا كان العقد لم يُوقع بعد، ويمكن أيضًا تدعيم المعلومة من إعلان للمصنع الذي ينتج هذه المنظومة، جاء فيه أنه انتهى من إنتاج 12 وحدة لـ(قوة أجنبية)».وأوضح التقرير أن «المنظومة التي يجرى الحديث عنها هي S-300VM التي تُعرف صادراتها باسم Antei -2500، ويُطلق عليها في الغرب SA23، ومن المهم التمييز بين هذه المنظومة ومنظومة S300 بنماذجها المختلفة، S-300P/PMU1/PMU2، والمعروفة في الغرب بـ AS10/20».وأشار إلى أنه «تم تطوير منظومة S300v في الثمانينيات لصالح القوات البرية السوفييتية. هذه المنظومة المتطورة يشمل عدة مركبات، وأربعة أنواع من الصواريخ، ونوعين من القاذفات الاعتراضية، مداها الأقصى هو 200 كيلومتر، إضافة إلى قاذفة ذات مدى أكبر يصل إلى 300 كيلومتر.. المنظومة المذكورة تتميز بقدرتها على اعتراض الصواريخ الباليستية».
وأكد التقرير أنه «بسبب هذه المميزات، فإن منظومة الدفاع الجوى المذكورة تعد أفضل من المنظومات الأخرى التي يتم تصديرها للشرق الأوسط، مما يتسبب في الإخلال بميزان القوى الإقليمى بالنسبة للدول الموجودة في حالة صراع فيما بينها، وكذلك فيما يتعلق بتصور احتمال مواجهة ضد إسرائيل والغرب».وأشار معهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى إلى أن روسيا امتنعت خلال السنوات الأخيرة عن تزويد منظومات مشابهة لدول الصراع، إلا أن هذا الامتناع الروسى تم خرقه في الحالة المصرية، لافتًا إلى أن «القرار المصرى الخاص بصفقة الأسلحة الكبيرة مع روسيا جاء بعد سنين طويلة من الاعتماد المصرى على الولايات المتحدة في مجالات الجيش والسياسة والاقتصاد، هذا التوجه يعكس اهتمام مصر بتغيير موازين علاقاتها مع كلتا الدولتين الكبيرتين وتقليل اعتمادها الحصرى على الولايات المتحدة. وذلك بعد أن شعرت مصر، مثل عدد من الدول الأخرى في الشرق الأوسط، باستفزاز أثارته الانتقادات الأمريكية للطرق التي وصلت بها القيادة الحالية للسلطة».
وتابع التقرير: «من جانبها، فقد سجلت روسيا بهذا الاتفاق إنجازًا استراتيجيًا مهمًا واقتصاديًا أيضًا. فإلى جانب الموضوع المهم الخاص بتوسيع التصدير الأمنى، فإن الاعتبار الروسى الأساسى هو تجديد الحوار مع مصر، وتثبيت التعاون في الشرق الأوسط معها ومع لاعبين آخرين في المنطقة. فتح الطريق الروسى هذا مع الجبهة المصرية يشكل إضافة قيّمة لتثبيت مكانتها في المنطقة، ولدفع أهدافها في مواجهة الغرب إلى الأمام، في ظل المواجهة العالمية الآخذة بالاشتداد».
وعن تأثير هذه الصفقة على تل أبيب، أكد معهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى أن «صواريخ ذات مدى 200 كيلومتر بحوزة مصر سيكون بإمكانها أن تصل بصعوبة إلى إسرائيل من الجانب الغربى للقناة، أما حصول مصر على صواريخ مداها 300 كيلومتر، أو إدخال صواريخ مداها 200 كيلومتر على سيناء، فإن ذلك سيشكل تهديدًا على كل المجال الجوى لدولة إسرائيل».
وإلى جانب تهديد المجال الجوي الإسرائيلي، أضاف التقرير: «إلى جانب ذلك، فإنه من المهم أن نقف عند محورية مصر، كمحور رئيسي في المنطقة بين الدول الكبرى، كما كانت خلال سنوات عديدة، ومازالت. لأكثر من مرة كانت قرارات الدولة العربية الأكبر، والحليف الاستراتيجي لإحدى القوتين العظمتين، وخاصة خلال الحرب الباردة، تؤدي إلى أحداث ذات تأثير بعيد المدى، يكفي أن نذكر منها صفقة الأسلحة التشيكية عام 1955، والتي كانت أحد أسباب أزمة السويس (العدوان الثلاثي)، أيضًا التسلح ضد الطائرات في فترة حرب الاستنزاف، التي كان له أهمية كبيرة في حسم حرب أكتوبر. وذلك إلى جانب التحول الكلي الذي قامت به مصر بعد تلك الحرب والتي قربت مصر من الولايات المتحدة وفي نهاية الأمر مكنت وسمحت بتوقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل».
وخلص التقرير إلى أنه «رغم الاختلاف بين الوضع اليوم وبين الوضع الذي ساد في الماضي، فإن هذه الحالات تدل على أنه يجب أن تؤخد خطوات مصر بكامل الجدية، على خلفية دورها الجوهري في المنطقة.. حقيقي أن مصر ليست دولة مواجهة مع إسرائيل، ولكن إدخال هذه المنظومة للمنطقة من الممكن أن يكون له أبعاد إضافية غير مسبوقة، إضافة إلى المعنى القائم بوجودها نفسه».