«شيطان الرصيد» عنوان مقال كتبه شاب تقى وملتزم يُسمى «نظير جيد» فى نهاية أربعينيات القرن الماضى بمجلة «مدارس الأحد» وهذا الشاب صار فيما بعد البابا شنودة الثالث (1923 – 2012) البطريرك 117. أقول تذكرت هذا المقال فور صدور حكم محكمة القرن والتى حوكم فيها قيادات سياسية وأمنية سابقة. وهنا لا أكتب تعليقاً على الأحكام التى صدرت ولكنى أكتب تعليقاً على الأسباب التى أدت إلى اعتقال تلك القيادات وتعرضهم للمهانة والمحاكمات، وهم كانوا فى غنى عنها، إنه «شيطان الرصيد». وللأسف مازال بيننا من هم تحت سلطان هذا الشيطان. ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ ماذا ينتفع الإنسان بالزيادة المطردة فى رصيده البنكى، بينما أخوه الإنسان يتضور جوعاً!! لن أتحدث عن التضامن الاجتماعى، ولكنى أتحدث عن الجانب الإنسانى. فمن يفقد إنسانيته يفقد بالتالى الإحساس بالآخر مهما كان هذا الآخر يختلف عنه فى اللون أو الجنس أو الدين أو الثقافة. الإنسانية يا إخوة لا تتجزأ. لو نظر أى إنسان منا حوله سيجد حالات إنسانية صعبة لا يمكن تغاضى النظر عنها. طوبى للرحماء على المساكين.. فإن الرحمة تحل عليهم. لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض، لأنها ستزول ولن تنفعكم بشىء بل تقود – كما قادت غيركم من القيادات – إلى مجاهل السجون. شيطان الرصيد يجول بيننا ليبتلع من يستطيع أن يبتلعه، ويُسقط من يستطيع أن يُسقطه، لكن الإنسان القوى منا لا يستسلم لإغراءات شيطان الرصيد. لذلك كونوا حكماء وتصرفوا فيما بين أيديكم بحكمة، والحكيم منا لا يسقط فى فخ شيطان الرصيد. شيطان الرصيد ليس قويا ولكنه يُسقط الضعفاء.
د. مينا بديع عبدالملك – أستاذ الرياضيات الهندسية بهندسة الإسكندرية