نادر جلال.. اسم لن ينسى، وسيظل براقا فى تاريخ الفن السينمائى والتليفزيونى العربى، رحل عن عالمنا، الثلاثاء، عن 73 عاما، بعد صراع مع المرض، لكن أعماله ستظل شاهدة على واحد من أكبر مخرجى السينما المصرية، خاصة فيما يخص أفلام الأكشن التى قدم منها ما يزيد على 50 فيلما، كثير منها مع نادية الجندى، بخلاف علامات مختلفة ومتنوعة فى مشواره، أبرزها فيلم «الإرهابى» لعادل إمام، ومعه قدم أيضا سلسلة أفلام «بخيت وعديلة»، و«جزيرة الشيطان» و«سلام يا صاحبى» و«5 باب» الذى استطاع خلاله أن يجمع إمام مع نجمة أفلامه المفضلة نادية الجندى، إلى جانب فؤاد المهندس، كما أقنع إمام وقتها بوضع اسم نادية قبل اسمه.
قدم «جلال» أيضا «بطل من ورق» لممدوح عبدالعليم وآثار الحكيم، الذى كان جلال حزينا لعدم استمراره فى دور العرض أكثر من 3 أسابيع، لكنه حقق نجاحا كبيرا عند عرضه تليفزيونيا، و«جنون الحب» لإلهام شاهين وكريم عبدالعزيز.
ولد جلال فى عائلة فنية، فهو ابن الممثلة والمنتجة مارى كوينى، الوحيد، من زوجها المخرج أحمد جلال، اللذين تزوجا عام 1932 بعد شائعات ربطت بين جلال وخالة كوينى المنتجة آسيا داغر، لكن زيجتهما قطعت تلك الشائعات، وقد ساعدت كوينى ابنها المخرج نادر جلال فى إنتاج فيلم له مرة واحدة عام 1971 فى «غدا يوم آخر» لمحمود المليجى، الذى كان أول أعماله التى تحمل اسمه كمخرج، بخلاف عمله ممثلا فى فيلمين لها ولوالده هما «رباب» 1942، و«أميرة الأحلام» الذى لعبت بطولته نور الهدى عام 1945.
حصل جلال على بكالوريوس التجارة عام 1963، وأتبعه بدبلوم معهد السينما، حيث درس الإخراج، وعمل ممثلا أثناء دراسته، ثم مساعد مخرج فى فيلم «الشقيقان» بطولة عماد حمدى وإخراج حسن الصيفى عام 1965، ليبدأ بعد ذلك طريقه فى الإخراج. شكلت أفلام نادية الجندى التى اعتمدت على الحركة والجاسوسية والأفكار السياسية مرحلة مهمة فى مشوار جلال فترتى الثمانينيات والتسعينيات، ومنها «مهمة فى تل أبيب» و«أمن دولة»، و«امرأة هزت عرش مصر».
وحين ضاقت السينما بمخرجيها فى إحدى فترات أزمتها، فى بداية الألفية كان من الطبيعى أن يتوجه جلال للإخراج التليفزيونى، وكان له رأى شهير فى هذا الغياب عن إخراج الأفلام، فقال: «أنا وزملائى من المخرجين مثل خيرى بشارة اتحطينا ع الرف، وغُيبنا من السينما بفضل المنتجين الجدد، لكن الحمد لله قدمنا أعمالا تليفزيونية ناجحة».
ليقدم جلال عاما بعد الآخر عدة أعمال متميزة، مثل «الناس فى كفرعسكر» و«درب الطيب» و«أماكن فى القلب» و«ظل المحارب»، و«حرب الجواسيس»، ومؤخرا قدم «كيكا ع العالى» الذى بدأت قناة mbc فى بثه مؤخرا، ولم يمهله القدر لمتابعته، كما كان على أجندته عدة أعمال منها «العقرب» للسيناريست حسام موسى، و«شطرنج» للمنتج محمد فوزى، وكان جلال حريصا على العمل مهما ساءت حالته الصحية، ويجد متعته فى البلاتوهات والوقوف خلف الكاميرات، ويسعده رغم مرضه إعجاب الجمهور وإشادات النقاد على السواء بأعماله. وكان لجلال تصريح شهير فى حوار تليفزيونى فيما يتعلق بإخراجه المسلسلات ومنافسته ابنه المخرج أحمد نادر جلال فوصف مسسلسل ابنه وقتها «رقم مجهول» بأنه عبقرى، مؤكدا أنه يحاول أن يقدم ما هو أفضل منه، ولكنه يتمنى أن يكون مسلسل ابنه الأفضل فى رمضان، بعدما دخل ابنه المجال الفنى استمرارا لعائلة فنية من جذورها.
وقد تميز جلال أيضا بقدرته على العمل مع أجيال مختلفة من الممثلين، فإلى جانب نادية الجندى وعادل إمام وإلهام شاهين، كان لجيل الشباب مثل هشام سليم، وصولا إلى منة شلبى وكريم عبدالعزيز وياسمين عبدالعزيز والسورى تيم حسن فرصة العمل مع المخرج الكبير. وكان جلال راضيا عن مشواره وما قدمه بخلاف قلة من الأعمال التى قدمها، ووفقا لما سبق أن قاله «عشان آكل عيش».
وقد شيعت جنازة جلال، ظهر الثلاثاء، من مسجد السيدة نفيسة، وسط حشد من الفنانين وأسرته وأصدقائه وجمهوره.