x

مراد وهبة إنها الإمارات العربية المتحدة (18) مراد وهبة الأحد 14-12-2014 21:39


فى عام 1997 نشأ تحالفان متناقضان، أحدهما اسمه «تحالف كوبنهاجن» الذى كان ينشد التطبيع الثقافى بين الشعبين العربى والإسرائيلى من أجل ترسيخ السلام، والآخر اسمه «تحالف القاهرة» الذى كان يصر على منع التطبيع الثقافى مع إعلان الحرب على إسرائيل. ومن البيّن أن التناقض بينهما تناقض حاد وليس تناقضاً رخواً. ومعنى ذلك أن إقصاء أحد التحالفين للآخر أمر لازم. ولكن إذا قيل إن التناقض بينهما هو تناقض رخو فيلزم من ذلك أن ثمة تداخلاً بين التحالفين المتناقضين، وأن المطلوب بعد ذلك تدخل طرف ثالث لكى يرقى بهما إلى الأفضل. ويبدو أن «مركز زايد للتنسيق والمتابعة» المقام فى أبوظبى عاصمة دولة الإمارات العربية والمتفرع من الجامعة العربية قد ارتأى أنه صالح ليكون الطرف الثالث.

كيف حدث ذلك؟

فى 7 أغسطس من عام 2002 دعانى المركز للاحتفال بالفيلسوف العربى، عبدالرحمن بدوى، وكان هو أول احتفال يقام له ليس فقط بعد وفاته ولكن أيضاً قبل وفاته. فقد غادر مصر مغضوباً عليه من السلطة السياسية، وظل فى حالة هجرة حتى عاد إليها ليتلقى علاجاً طبياً بسبب وعكة صحية أصابته وهو فى باريس.

وإثر انتهاء الندوة تم الاتفاق مع مسؤولى المركز على عقد ندوات مشتركة مع «الجمعية الدولية لابن رشد والتنوير»، وقد كان. ففى يوليو 2003 انعقدت ندوة مشتركة تحت عنوان «العقلانية بين الشرق والغرب». وكان المقصود بالعقلانية هنا عقلانية ابن رشد التى شاعت فى الغرب وأسست تياراً فلسفياً أُطلق عليه «الرشدية اللاتينية». وقد سُمى كذلك لأنه رشدى بلغة لاتينية. وكان من شأن ذلك التيار أن دفع أوروبا إلى تأسيس عصر الإصلاح الدينى وعصر التنوير. والمفارقة هنا أن هذه الرشدية لم يكن لها مقابل من رشدية ناطقة بلغة عربية فى العالم الإسلامى.

ثم انعقدت ندوة ثانية مشتركة فى يوليو 2003 تحت عنوان «العقل والإرهاب». وفى هذه الندوة دعوت إلى الربط بين الأصولية والإرهاب باعتبار أن الإرهاب أعلى مراحل الأصولية التى تتوهم امتلاك الحقيقة المطلقة. وبناء عليه يمكن القول بأنه ليس فى الإمكان تحرير ذهنية الأصولى إلا بتحريره من ذلك الوهم، وليس فى الإمكان تحريره منه، إلا بإقناعه بأن عقله النسبى ليس فى إمكانه قنص الحقيقة المطلقة. ومعنى ذلك أن الإرهاب حالة ذهنية فى البداية وحالة حربية فى النهاية.

ثم عقدت ندوة ثالثة مشتركة فى يناير 2004 تحت عنوان «دفاعاً عن الحضارة» اشترك فى التمهيد لها فى 12/6/2003 نخبة من كبار المسؤولين من الجامعة العربية ورئاسة الجمهورية ومنظمة التحرير الفلسطينية ومركز زايد والجمعية الدولية لابن رشد والتنوير. إلا أن الندوة ألغيت دون إبداء الأسباب.

وفى مايو من عام 2008 دُعيت مع مستشرق إسبانى اسمه جوزيف بويغمونتادا للحديث عن «ابن رشد» فى أبوظبى. وأظن أنها الندوة الأولى التى انعقدت فى إحدى دول الخليج عن هذا الفيلسوف العظيم وكانت الفكرة المحورية المشتركة بينى وبين المستشرق تدور حول الرؤية الفلسفية التى تميز بها ابن رشد، وهى أن تكون «قنطرة» للتواصل الحضارى بين الغرب والعالم الإسلامى.

وإثر انتهاء الندوة قال أحد السفراء العرب: «محاربة الإرهاب مهمة شاقة وعسيرة وتستغرق سنوات لا أحد يعرف مداها». وفى تقديرى أنها شاقة لتحكم الأصولية ووهن العلمانية.

والسؤال إذن:

كيف نزيل وهن العلمانية لتصويب مسار الصراع «العربى- الإسرائيلى»؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية