توارث السوايسة عن أجدادهم المقاومين للاحتلال جينات الصبر وقوة التحمل وإرادة الصمود، بينما لايزال أحفادهم من ملاك السيارات تطاردهم كوابيس الأحلام المزعجة مع بداية ذلك اليوم الموعود والمفقود من عمرهم عندما يتأهبون فى السادسة صباحا لدخول مبنى المرور لتجديد تراخيص سياراتهم أو استخراج رخص القيادة، فيبدأ كل واحد منهم ارتداء قميصه الواقى ضد الكدمات ولمسات الأكتاف وتكتلات المصطفين داخل الطوابير العشوائية الممتدة طولا وعرضا، كما يضع فوق رأسه الخوذة المضادة للصدمات مع التزود بكميات من الساندوتشات والمياه المعدنية الممزوجة بحبوب الصبر بعدما يودع أهله تاركا وصيته ربما يتعرض لأزمة قلبية أو غيبوبة سكر خلال رحلته الطويلة مع الروتين متنقلا من شباك إلى آخر فقد يخرج من أزمته شهيداً محمولاً أو حياً منتصراً بعد اجتيازه خطوط الدهاليز الأفعوانية المتعددة بعد عدة ساعات فى الوقت الذى اقتحم فيه الأجداد خطوط بارليف ودهاليزه فى أقل من 6 ساعات، وللأسف هناك بعض المسؤولين مازالوا يعملون داخل الصندوق دون الخروج منه لمواجهة اتساع حجم المدينة جغرافيا وبشرياً وبعدما أصبحت هناك سيارة لكل مواطن بينما لايزال مبنى إدارة المرور العتيق عاجزا عن تحقيق الخدمة للمواطنين الذين يدفعون دم قلبهم من سكان أحياء المدينة الخمسة على الرغم بأن القائمين على إدارة هذا المبنى يبذلون مشكورين الجهد الممكن والمتاح، وحتى يمكن فض الاشتباك بين الطرفين فالأمل يبقى معقوداً فى ضرورة تخصيص مبنى جديد لخدمة أهالى حى السويس والأربعين والآخر لخدمة أهالى عتاقة والجناين وفيصل وحتى تختفى المقولة المنتشرة فى المدينة بأن «اللى داخل المرور مفقود والخارج مولود» لتقليص بعض الهموم المتعددة للسوايسة الجدعان والذين دخلوا مع مدينتهم التاريخ وحتى يستمتعوا بنوم هادئ وكفاية كوابيس.
فاروق على متولى - السويس