x

نص كلمة وزير الخارجية في منتدى المنامة للحوار

السبت 06-12-2014 10:07 | كتب: جمعة حمد الله |
السفير سامح شكري وزير الخارجية السفير سامح شكري وزير الخارجية تصوير : محمد هشام

ألقى سامح شكري، وزير الخارجية، السبت، كلمة في منتدى المنامة للحوار، قال فيها: «إنَ مواكبةَ هذا المنتدى التحولاتِ التي شهدَتها المنطقةُ والعالمُ عبرَ العقدِ الماضى لابد أنها تشكلُ رصيدا مهما لنا جميعا في معالجتِنا لقضاياه وللتحدياتِ التي يواجهُها، وأتطلعُ شخصيا لمـا سوفَ يضيفُه حوارُنا اليوم حولَ الأولويات الاستراتيجية في الشرق الأوسط إلى ذلك الرصيد، بما يعززُ قدراتِنا على صياغةِ رؤىً طموحةٍ وعمليةٍ من أجلِ تعاملٍ أمثلْ مع الواقعِ ولبناءِ مستقبلٍ أفضل».

وأضاف «شكري» أنَ الحديثَ عن المنطقةِ العربية، والشرقِ الأوسط يستدعى أيضا استعراض أبرز ملامح السياق العالمى الأوسع، لاسيما في ظل التوقعات بل التنبؤات التي تعددت بشأن النظام العالمى الذي سيتشكل عقب انتهاءِ عهد القطبية الثنائية. في حين أننا جميعا لمَسنا ومازلنا نلمسُ شواهدَ عديدةً على عدم استقرارِ أىٍ من النظريـات التي سَعَت لوضع إطارٍ منطقى للنظامِ الدولى الجديد، ورغم ذلك، وإذا كان هناك ما يمكنُ التنبؤُ به بقدرٍ كبيرٍ من اليقينِ في هذا الصدد، فهو ببساطة أننا لن نرى قريبا نظاما يُشبِه ما كان سائدا في القرن الماضى، ليس من حيث الاستقطاب فحسب، بل وأيضا فيما يتعلق بالدور الرئيسى الذي كانت تلعبه الأيديولوجيات، على اختلافها، في أوقات الحروب والسلام على حد سواء.

ولفت «شكري» إلى أن العقودُ التي تلت نهاية الحربِ الباردة أثبتت وجود حدودٍ ذاتية لاستخدامِ القوة العسكرية، أو القوة الخشنة وحدها، لتأمين المصالح وتحقيق الأهداف، لاسيما بعدما انتهت حقبة التكتلات الجامدة، أو القائمة على المواجهة العقائدية بين الغرب والشرق، الأمر الذي من شأنه الإسهام في تخفيض حدة التوتر الناجم عن المخاوف من نشوب حروبٍ واسعةِ النطاق على نمط الحروب العالمية السابقة وإضافة أولويات جديدة لإستراتيجيات الدول والأطراف الفاعلة. وفى المقابل، باتت معاييرٌ أخرى، مثل الديمقراطية والاعتمادِ المتبادل ومستوى النمو والقدرة على الابتكار، تحتلُ مكانا متقدما وتؤثر بشكلٍ واضح، ولو بدرجاتٍ متفاوتة، على قدرة أي دولة أو كيان أو لاعب على تحقيق مستوى أفضل من الاندماج على المستوى الدولى ضمن علاقات أكثر ندية.

وتابع «شكري»: بالتوازى مع تلك التحولات والملامح وتداعياتِها على الشرقِ الأوسط، تموج المنطقة بتغيرات يدورُ الجدلُ اليومَ حول مدى تأثيرها على الترتيبات السياسية والإقليمية التي فُرضت على المنطقة عقب الحرب العالمية الأولى أو على الأقل حول إمكانيةِ استمرارها؛ خاصةً في ظل تعدد الضغوط والتحديات وتنوعها، وظهور تهديدات نابعة من المنطقة مثل النزاعات الطائفية والعرقية والإرهاب المتخفي بالدين.

وأشار «شكري» إلى أن عدم وجود رؤيةٍ واضحة ومتكاملة لدى القوى الخارجية حول كيفية التعامل مع تلك القضايا ومع دول وشعوب المنطقة، التي أضحت بدورها أكثر وعيا وإدراكا في تفاعلاتها مع القوى الخارجية، يُضفى قدرا لا يُستهانُ به من الريبة والشكوك المتبادلة، ويضاعف من صعوبة استخلاص تصور عام حول المخرجات النهائية للتحولات الجارية في المنطقة والتحديات التي تفرضها والأولويات التي يتعين تبنيها في مواجهتِها.

واستطرد «شكري»: «إن مراجعةَ عناصرِ البيئة الخارجية والتحدياتِ السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة تشير إلى عددٍ من مصادر التهديد وربما الفرص في آنٍ واحد، وهى مراجعةٌ يمكن إيجازُ أهمِها في النقاط التالية، انخفاضُ معدلات التنمية، لاسيما بمفهومها الشامل، في غالبية دول العالم العربي وفى ذات الوقت ارتفاعُ نسبِ نمو سكانِها الذين يتكون غالبيتهم من الشباب المتطلع إلى الحصول على مستويات أفضل من التعليم والخدمات الصحية والوظائف،

وأضاف «شكري» أن تعاظمُ الضغوط التي تواجهها فكرة الدولة القومية والهوية الوطنية الجامعة في بعض الحالات نتيجة محاولات الإيحاء بأن قصور الحكومات لا يتعلق بعوامل سياسية أو اقتصادية وإنما بفشلِ فكرة الدولة القومية ذاتها، واستغلال مرحلة التحول الاجتماعى التي تمر بها المنطقة من جانب الجماعات التي تدعو إلى الفكر المتطرف والتكفيري في أرجاء المنطقة بل والعالم، وارتباط ذلك بانتشار تنظيمات إرهابية في المنطقة وتخومها، بروزُ الصراعات المذهبية والعرقية التي تفشت وباتت تهددُ الاستقرار الداخلي لعدد من دول المنطقة، والتي ساهمت في إزكائها تدخلات بعض القوى الدولية والإقليمية ويرجع ذلك إلى:

- ارتباطُ ما تقدم بصعود واضح لدور فاعلين غير حكوميين يسعون لإضعافِ بل وتفتيتِ الدولة القومية لصالح روابطَ عابرةٍ للحدود تستندُ للدينِ أو المذهبِ أو العرق، مع تنامى التدخلات الخارجية المباشرة في الشؤون الداخلية لدول المنطقة على نحو يؤثر على أمنِها ومصالِحها.

- غموضُ مستقبل عملية السلام من حيث فرص نجاحِها أو تكرار الإحباط والفشل مع استمرار تقويض الأساس الجغرافى للتسوية وفقا لصيغةِ الدولتين ومن ثم مستقبل فكرة المفاوضات ككلٍ في غياب عوائِد السلام التي من شأنِها تأكيدُ شرعيته كخيار استراتيجى.

- التهديدُ الذي يمثله استمرار الخلاف حول برنامج إيران النووى والمعضلة التي يطرحُها ما بين مخاوف الانتشار وحق الدول أعضاء معاهدة منع الانتشار في الاستخدام السلمى للطاقة النووية، مع تعثرِ جهودِ إخلاءِ منطقة الشرق الأوسط من كافةِ أسلحة الدمار الشامل.

ونوه وزير الخارجية بأنه من هذا المنطلق فإن التحدياتِ والتطورات السابقة تستدعى من دول المنطقة في الأساس سواءً على المستوى الوطنى أو الإقليمى، وبالتعاون مع شركائها الدوليين، التوصلَ لرؤيةٍ متسقة على ضوء الأولويات التالية:

- دعمُ دورِ الدولةِ المدنيةِ الحديثة وتعظيم استخدام الموارد الاقتصادية لزيادة القدرات في مواجهةِ التهديدات وبناءِ هياكلَ عصريةٍ للتكامل الاقتصادي بين الدول العربية، وللتعاونِ بينَها وبينَ باقى دول الإقليم على أسسٍ أهمُها تبادلُ المصالح وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

- تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة استنادا إلى مفهوم الأمن الشامل وليس فقط لبعديه الأمني والعسكري، مع معالجةِ الاختلالات الاقتصادية الاجتماعية والتنموية لأن استمرارَها سيكونُ هو التحدي الأكبر للأمن في المنطقة، بيد أن معالجة هذه الاختلالات البنيوية لا تعني الترويجَ لنظريةِ تقاسمِ الثروة، وإنما لمعادلة تحقيق المصالح المشتركة من خلال تعزيز الاستثمار المتبادل، وتوظيفِ الفوائض الرأسماليةِ في شراكات تعودُ بالنفع على الدول المصدرة والمستقبلة لهذا الاستثمار.

- ارتباطا بما تقدم، فإنه رغم الأهميةِ القصوى لمواجهةِ تنظيم «داعش» في المهد، إلا أن ذلك ينبغى أن يتمَ ضمنَ إطار استراتيجية شاملة لمحاربة جميعِ التنظيمات متشابهة الفكر في المنطقة، مع استهدافِ القضاء على ذلك التنظيم عسكريا وفكريا وحرمانِه من التعاطف والتمويل وإلا فإنه حتى وإن توارى في العراق فسوف يعاودُ الظهور في أماكنَ أخرى من العالم فالجميعُ بلا استثناءٍ ليسوا بمأمنٍ من هذا الخطر.

كان وزير الخارجية وصل إلى المنامة، مساء الجمعة، في زيارة لمدة يومين يلتقي خلالها عددا من كبار المسؤولين في البحرين تتناول العلاقات الثنائية وسبل تطويرها في مختلف مجالات التعاون، فضلا عن التشاور حول عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشتركة، والمشاركة في جلسات الدورة العاشرة لحوار المنامة، التي تتناول قضايا إقليمية سياسية واستراتيجية مهمة تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية