x

حملات التوعية والوقاية غائبة.. وتداول الدواجن الحية مستمر فى المنيا

الجمعة 05-12-2014 17:35 | كتب: عمر عبدالعزيز |
أخطر بؤر أنفلونزا الطيور أخطر بؤر أنفلونزا الطيور تصوير : اخبار

أمام باب منزلها المكون من ثلاثة طوابق، تحركت الحاجة حسنية بملابسها المنزلية على عجل بعد أن وضعت «الخمار» أعلى رأسها كى تعبر ثلاثة أمتار هي كل ما يفصلها عن منزل جارتها للاطمئنان على ابنها الذي لم يتجاوز الخامسة من عمره، وأصيب قبل يومين بأعراض الأنفلونزا، قبل أن تسوء حالته الصحية، فتتوجه والدته به بناء على نصائح جاراتها بالتوجه لأحد مستشفيات مركز ملوى، خشية أن يكون مصابًا بأنفلونزا الطيور.

تقول «الحاجة حسنية محمود»: «من ساعة ما الوباء رجع وإحنا عايشين في قلق، وكل ما حد يتعب أو يجيله برد من المنطقة بنحط إيدينا على قلبنا ليكون جاله المرض الوحش». منذ بداية فصل الشتاء سجلت وزارة الصحة 17 إصابة بفيرس «اتش 5 إن 1» توفيت منها 7 حالات، منها أربع حالات وفاة في المنيا وحدها. هذه الإصابات المتزايدة لم تدفع حسنية لمراجعة فكرة الاستمرار في تربية الطيور في بيتها الذي تسكنه مع أولادها الأربعة. تقول: «طول عمرنا بنربى طيور في بيوتنا وبنفضل مطمأنين بس من ساعة ما ناس رجعت تموت تانى وإحنا في قلق، لكن منقدرش نذبح الطيور ولا نبطل تربيتها».

منذ انتقلت الحاجة حسنية لبيت زوجها قبل بضع وثلاثين عامًا، بدأت كعادة ربات البيوت في معظم القرى المصرية في تربية الدجاج والبط والأوز والدجاج الرومى في غرفة فوق سطح المنزل، لتوفير حاجة البيت والأبناء من البيض واللحوم البيضاء، قبل أن تتحول عملية تربية الطيور لديها بعد ذلك إلى هواية لا تستطيع قطعها أو الانشغال عنها، لتقوم مرتين يوميا في الصباح والمساء بالصعود إلى سطح منزلها لإطعام الطيور والعناية بها.

«أنا متعودة أنظف السطح مرتين في الشهر، بس من ساعة ما أنفلونزا الطيور رجعت تانى بقيت اهتم بالنظافة كل أسبوع»، تقول الحاجة حسنية وهى تستعد للصعود إلى سطح منزلها لتكرار نشاطها اليومى، وتضيف وهى تقوم بإطعام دجاجها والاطمئنان على 150 «كتكوت» اشترتها قبل يومين: «مفيش أي حد من الوحدة البيطرية أو الصحية سأل فينا ولا حذرنا بعد ما فيه ناس ماتت في المحافظة، وفيه ناس كتير لحد دلوقتى مبتهتمش بالنظافة وممكن فراخها تتعب، وفى الحالة دى العدوى هتتنقل لينا ونروح في داهية»، ثم تردف وهى تقوم بالبحث عن آخر عبوة قامت بشرائها من أحد الأطباء البيطريين في مركز ملاوى: «أنا لما بلاقى عندى فراخ تعبانة بروح لدكتور خاص وهوه بيدينى دواء أحطه على المياه والعلف، وربنا بيصلح الحال، بس بردوا مديرية الصحة والبيطريين في ملاوى والمنيا كلها مقصرين في حقنا».

على بعد شوارع قليلة من منزل الحاجة حسنية بملوى، عزلت وزارة الصحة شابًا يبلغ من العمر 26 عاما يوم الأحد الماضى بمستشفى التأمين الصحى بالمنيا، بعد أن عانى من حمى وسعال وضيق في التنفس بعد التعرض للطيور، وتم وضع الحالة المصابة على جهاز التنفس الصناعى وإعطائه عقار التاميفلو، وأخذ عينة منه للفحص بالمعامل المركزية بالقاهرة، وجاءت النتيجة إيجابية، توفى الشاب يوم الإثنين وأتت النتيجة يوم الثلاثاء بتأكيد إصابته بالفيرس. ليرتفع عدد الوفيات إلى 7 من المصابين بفيروس «إتش 5 إن 1» خلال العام الجارى.

وبحسب بيانات وزارة الصحة، فإن عدد حالات الإصابة بفيروس أنفلونزا الطيور منذ بداية ظهوره في عام 2006، وحتى أواخر 2013، بلغت 173 إصابة، فيما بلغ عدد الوفيات 63 حالة، قبل أن يعود المرض للظهور مجدداً هذا العام في المنيا. وقد أدت هذه السلالة من الفيروس إلى وفاة 400 شخص في العالم منذ ظهورها في 2003. وسُجلت آخر الوفيات بها في مصر خلال الأسبوعين الماضيين، وتتابع منظمة الصحة العالمية هذا الفيروس الذي يعتبر واحداً من عدة فيروسات قاتلة تؤدى إلى الوفاة لدى البشر.

داخل أحد منازل شارع 26 يوليو بملوى التي ينتشر بها تربية الطيور في المنازل وفوق الأسطح، يقوم محمود عادل وعائلته بتربية الدواجن منذ أكثر من 20 عاما، دون أن تقوم أي من الجهات الحكومية المسؤولة عن الإشراف والمتابعة على عملية تربية الطيور في المنازل والمزارع بالتواصل معه طيلة كل هذه السنوات.

دواء من الصيدلية، هو ما يعتمد عليه محمود مع عائلته عقب عودة انتشار فيروس أنفلونزا الطيور للوقاية من الإصابة بالمرض. يقول محمود، البالغ من العمر 30 سنة: «والدتى كل يوم الصبح بتأكل الفراخ، وولادى هما اللى بياخدوا البيض منها، وعايشين على الحال دة بقالنا زمن، ولما حسينا بقلق بعد حالات الوفاة اللى حصلت، جبنا بخاخة وحطينا فيها دواء من الصيدلية، وبنرش بيه الفراخ والعشش باستمرار، لكن إحنا عارفين طبعا خطورة الوضع»، يصمت محمود ويقوم بتوزيع بصره بين أرجاء العشش، ويضيف بنبرة تحد: «مفيش حد هيقدر يخلينا نوقف تربية فراخ. والصحة لو عايزة تحافظ علينا تيجى تتابع وتشرف على العملية، وتقولنا نتعامل مع الفراخ إزاى في الوقت ده، لكن مع غياب الحملات و(تنفيض المسؤولين)، محدش يقول اعدموا الفراخ لأن ده مش هيحصل».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية