العالم العربى الجليل الشيخ الإمام أبوالفرج عبدالرحمن بن على بن الجوزى من مواليد «مجلة الجوز» فى البصرة بالعراق نحو عام 1088م، له العديد من المؤلفات التراثية التى تجاوزت الثمانين مؤلفاً، منها مخطوط رائع بعنوان «أخبار الحمقى والمُغفلين» كانت جريدة «القاهرة» فى عام 2007 قد اهتمت بنشره – وتوزيعه مجاناً مع الجريدة – فى جزءين. والسؤال الذى يتبادر إلى ذهن القارئ اللبيب: ما أهمية أن يهتم «بن الجوزى» بالحديث عن الحمقى والمُغفلين؟ وهنا يقدم لنا بن الجوزى رداً شافياً على هذا السؤال، فيقول: (لما شرعت فى جمع أخبار الأذكياء، وذكرت بعض المنقول عنهم ليكون مثالاً يُحتذى – لأن أخبار الشجعان تُعّلم الشجاعة – آثرت أن أجمع أخبار الحمقى والمُغفلين لثلاثة أشياء: (أولاً) أن العاقل إذا سمع أخبارهم عرف قدر ما وُهب له مما حرموه، فحثه ذلك على الشكر... (ثانياً) أن ذكر المُغفلين يحث المُتيقظ على اتقاء أسباب الغفلة إذا كان ذلك داخلاً تحت الكسب، وأما إذا كانت الغفلة مجبولة فى الطباع، فإنها لا تكاد تقبل التغيير... (ثالثاً) أن يروّح الإنسان قلبه بالنظر فى سير هؤلاء المبخوسين حظوظاً يوم القسمة، فإن النفس تمل من الدؤوب فى الجد، وترتاح إلى بعض المُباح من اللهو.. قديماً قال الحكيم يشوع بن سيراخ: (ابكِ على الميت سبعة أيام، وابكِ على الأحمق والمنافق العمر كله)!. كما ذكر أيضاً سُليمان الحكيم فى سفر الأمثال: (الرجل الذكى يستر المعرفة، وقلب الجاهل يُنادى بالحمق)، (حكمة المرأة تبنى بيتها، والحمّاقة تهدمه بيدها)، (الأغبياء يرثون الحماقة، والأذكياء يُتَوَجون بالمعرفة)، وهكذا صار الحمقى والمُغفلون مكرهة أمام الحكماء ومن ذوى المعرفة الجادة. الحكيم ينطق بالحق – حتى ولو على حساب نفسه – أما الأحمق فمُتلّون وبلا مبدأ. فلنحذر – فى حياتنا - الحمقى والمُغفلين، ونلتصق بالحكماء لنزداد حكمة ومعرفة.
د. مينا بديع عبدالملك – أستاذ الرياضيات بهندسة الإسكندرية