قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن مؤتمر الأزهر الشريف في مواجهة التطرف والإرهاب الذي اختتم أعماله، الخميس، يعد خطا فاصلا في تاريخ مواجهة الإرهاب في القرن الحادي والعشرين وإن المواجهة الفكرية للإرهاب بعد هذا المؤتمر ستختلف اختلافا جذريا، وستخلق أجواء من البحث المستنير والحوار الهادف بصورة غير مسبوقة، خاصة في بيان وتصحيح المفاهيم المغلوطة لدى كثير من شباب الجماعات والتيارات الإرهابية والتكفيرية، ومفاهيم الخلافة التي يجعلونها أصلا من الأصول لدى بعض الجماعات المنحرفة والجهاد والولاء والبراء.
وطالب «جمعة»، في بيان له، أننا نتصدى جميعا لكشف المؤامرات التي تحاك لمنطقتنا العربية، ونصطف اصطفافا وطنيا وقوميا لمواجهة كل ألوان التطرف والغلو من جهة، وكل العملاء والخونة والمأجورين وتجار الدين من جهة أخرى، موضحا أن نظم الحكم تخضع لظروف الزمان والمكان طالما أنها قائمة على مراعاة مصالح البلاد والعباد، وأنها تهدف إلى تحقيق العدل بين الخلق، ولا تحول بين الناس وأداء شعائرهم التي افترضها الله عليهم.
وتابع «جمعة» أن نظم الحكم لا تتصادم مع ما كان قطعي الثبوت قطعي الدلالة معلوما من الدين بالضرورة، والعبرة بالغايات التي تحقق صالح البشرية، لا بالمسميات وإن قطعت لأجلها الرءوس، وانتهكت الأعراض، ونهبت الأموال، جهلا وظلما وافتراء على الله سبحانه وتعالى وعلى الناس.
وأشار «جمعة» إلى أن أمر الجهاد شرع لدفع العدوان، لا لإكراه الناس وحملهم حملا على الإسلام، وقد بيّن القرآن الكريم أنه لا إكراه في الدين ولا على الدين، مؤكدا ذكر فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر في كلمته الافتتاحية بالمؤتمر أن الجهاد لم يشرع في الإسلام إلا للدفاع عن النفس والدين والوطن، وأن إعلان الجهاد ومباشرته لا يجوز أن يتولاه أحد إلا ولي الأمر.
وأكد «جمعة» أنه لا يجوز لأفراد أو جماعات أن تتولى هذا الأمر بمفردها مهما كانت الأحوال والظروف، وإلا كانت النتيجة دخول المجتمع في مضطرب الفوضى وهدر الدماء وهتك الأعراض واستحلال الأموال، وهو ما نعانيه اليوم من جراء هذا الفهم الخاطئ المغلوط لهذه الأحكام الشرعية، مشددا على أن الاعتداء على النفس الإنسانية أي كانت ديانتها أو اعتقادها أمر يحرمه الإسلام ويرفضه، كما أن الاعتداء أو التهجير القسري أو التمييز أمور تتنافى وصحيح الدين وإجماع المسلمين .
واختتم وزير الأوقاف أن حضور هذه الكوكبة من العلماء والأدباء والمفكرين والسياسيين والإعلاميين لهذا المؤتمر وإقبالها عليه يعكس ثقتها الكاملة في الأزهر الشريف، وإمامه الأكبر، وقدرته على حمل لواء السماحة والوسطية في العالم كله، وقدرته على مواجهة التحديات وكل ألوان التطرف والإرهاب، والتشدد والغلو، كما يعكس رغبة جامحة لدى جميع الحاضرين في مواجهة الإرهاب ومحاصرته، فالجميع من مسلمين ومسيحيين، وعلماء دين ومفكرين، وإعلاميين ومثقفين، وساسة ووطنيين قد عانوا أشد المعاناة من انتشار الإرهاب في منطقتنا، فجاءوا جميعا ليقولوا بصوت عال: لا للتطرف، وللإرهاب، وللتكفير، وللتفجير، لا لكل ألوان العنف أو التشدد.