هل كنتم تعتقدون أنه مذنب!
بالطبع الريس برىء، وهنا حوار أجريته معه قبل (تخليه) بأيام، يثبت ذلك.
كان قد طلب من الشعب – بالذوق- أن يبقى لاستكمال فترته على ألا يترشح ثانية، ولكن الشعب رفض.
فقررت أن أفعل معه، كما فعلت نجاة الصغيرة عندما فاض بها وأرادت إنهاء العلاقة الملتبسة مع حبيبها على خير، وقالت له (أسألك الرحيل)، ربما يحن، فلا أحد يمكنه الصمود أمام نجاة الصغيرة.
كنت، في تلك الأيام، وفي الحقيقة ما زلت، أعتقد أنه لو كان تعامل مع الأمر بقليل من التجرد وفكر في آلية لتسليم السلطة وضمان تداولها، لكان دخل التاريخ من أوسع أبوابه ووفّر على المصريين تجربة مريرة ودماء كثيرة وخيبات عسيرة.
كتبت له في جريدة الشرق الأوسط وقتها، أناشده أن يفعل ذلك، وليعتبر كل ما حصل عليه - هو ومن يهمهم أمره- (مكافأة نهاية خدمة)، مع وعد بأنني سوف أتولى شخصياً حملة تطالب بإقامة تماثيل له بالحجم الطبيعي في كل ميادين عواصم محافظات مصر، نحكي معها لأبنائنا كيف استجاب رئيس لمطالب شعبه وسلم السلطة سلمياً، فقط فليسلم السلطة ويعفينا من صراعات لا نعرف إلى أين تقود.
ولأن صوتي لم يكن في عذوبة صوت نجاة الصغيرة، فلم يتأثر (الريس) بطلبي، وأرجو منكم المعذرة، فلم يكن الوقت كافياً لتدريب صوتي على تلك البحة الجميلة.
لذلك أعترف الآن، أنني أنا السبب في كل ما وقع بعد ذلك من أمور، أما هو .. الريس .. فحاشا وكلا، ولا حتى القانون الذي لا يحمي المغفلين. وسوف أوضح لكم كيف كنت السبب.
خلال محاولاتي لتدريب صوتي ليصبح شبيهاً بصوت السيدة نجاة الصغيرة أملاً في أن يتأثر به الريس، يبدو أنني رددت - عن طريق الخطأ- تعويذة سحرية كانت السبب في كل ما حدث.
وإلا بماذا تفسرون تلك (الجهات المجهولة) التي نجحت - في ساعات- في اختراق (البسكويتة) التي اسمها مصر، وهؤلاء (العملاء السريون) الذين نجحوا في سرقة طاقية الإخفاء من متحف إسماعيل ياسين، بل استنساخها وتوزيعها عليهم لينتشروا في ربوع (المحروسة) متجاوزين الشرطة المصرية، رغم شهادة يوسف وهبي التاريخية لهم بأن (البوليس المصري مشهور بذكائه)؟
بل بماذا تفسرون ما حدث للسجون في وقت واحد من تدمير! إنها بلا شك التعويذة التي رددتها بالخطأ خلال محاولاتي تقليد صوت نجاة.
ولكن لكي يستريح قلبي علي أن أعترف بشيء آخر، فقد كان لي شركاء في هذا الأمر، قاموا بما لم تنجح التعويذة في القيام به، إنهم عصابة (اللهو الخفي) الذين التهموا رجال الشرطة كلهم على امتداد مصر المحروسة في وقت واحد، وهو أمر لا يمكن أن أتحمل تبعاته منفرداً، ولا تنجح معه تعويذة حتى لو تم ترديدها مائة مرة، واسألوا أي ساحر قديم.
الآن، وبعد أن ارتحت واعترفت بالجريمة، واحتفالاً مني بظهور الحق بحكم البراءة التاريخي الذي عجز معه قلمي عن الكتابة، اسمحوا لي أن فتش في دفاتري القديمة، فلم أجد أفضل من هذا الحوار الافتراضي التذكاري، هدية للرئيس وللقانون الشامخ، وعساكم تكفوا – مثلي - عن حماقة الحلم بغد أفضل، وليعترف كل منكم بجريمته، كما فعلت، فسوف تستريحون خصوصاً بعد أن تعرفوا حدودكم، فالرئيس يظل رئيساً، أما نحن، فمجرد.... شعب. وها هو الحوار:
- خليك انت الكبير ياريس بأه.. وسيب...
- أسيب إزاي ياد أنت، هو أنت فاكر الموضوع لعبه! دي محاكم وقضايا وخراب بيوت، يعني اللي أكلته سنة بط بط طول 30 هاسيبه وز وز... أنا لازم أكمل الفترة.
- مش فارقه ياريس، مانت بقالك 30 سنة، جات يعني على الشهور دي!
- ياد افهم بأه، أنا مكنتش عامل حسابي، وفاكر إن البيت بيتنا والواد هيقفّل ورايا لما أحطه عالكرسي، بس دلوقت الوضع مختلف، طلعولي منين ولاد الإيه دول!
- م الشارع ياريس
- بتهزر... !! كده الموضوع مختلف، دانا ورايا ليلة عايزه تتلم، أولا القرشينات اللي كنا بنظبطهم هيطيروا، ثانياً .. مجرد ما أديلهم ضهري هيخزوقوني ويفتحوا ملفاتي كلها عشان يكسبوا الشعب على حسابي
- بس دا فيهم رجالتك ياريس
- ما هو أصلك شعب.. ومش فاهم، لو كنت حكومة زينا كنت هتفهم إن مفيناش رجالة أصلا،ً الكلام ده هناك عند الشعب في الشارع، الجدعنة والذي منه، الكلام اللي لو كنا مسكنا فيه كان زماني قاعد في بيتنا، ويا فرحتي بصاحب الضربة الجوية، والعيال مش لاقيين شغلانة تلمهم زيهم زي عيال الشعب ..
- طيب ياريس، ماهو الناس في الأول مكنش عندهم مانع تتنحى، وتفضل في مصر ومن غير مشاكل ولا قضايا، انت اللي كبرت المواضيع
- ماهو لو كان الموضوع على قد الفلوس والقرشينات بس، كان يبقى بسيط، مش بقولك إنك شعب ومش فاهم حاجة
- طب ما تفهمني ينوبك فيا ثواب، يمكن يغفرلك حاجة من بتوع الثلاثين سنة
- يا بني أنا كنت زكي قدره، ادبح يا زكي قدره يدبح زكي قدره، اسلخ يا زكي قدره، يسلخ زكي قدره، وماقدرش أهرب غير لما المعلمة تقول: اهرب يا زكي يا قدره، انت فاهم أنا حابب استنى وسط الشعب ده بعد ما استرد عقله، دنا منايا أكت وأفلسع النهارده قبل بكره.
- مين المعلمة دي والنبي ياريس؟
- بقولك انت شعب ومش فاهم حاجة، دي حاجات ماتتقلش، الناس بتدخل بيها القبر وبس.
- طيب يا زكي قدره، أقصد ياريس، ما تستسمح المعلمة وتخلّص
- أصلها سهلة الحكاية! مش في مصالح لازم أقفلها قبل ما أخلص، ولازم ألم الدور وأغسل العدة وأسلم تمام، وده كله يابني محتاج وقت، على الله بس الثمانى شهور يكفوا
-طيب ياريس ماتعمل فيها أهبل وتدعي المرض وتكت
- أعمل أهبل عالشعب آه، أعمل أهبل عالحكومة يجوز، إنما أعمل أهبل على المعلمة! أهو ده اللي مش ممكن أبدا، دي إيدها طايلة ...وبعدين بقولك ايه ... اسكت، مش هتفهم، أصلك شعب ومش فاهم حاجة.