(كنت أودّ أن أقول: إنني أغني للورد والأمطار والسماء، وأكتب برومانسية بالغة عن جماليات العشق، والخجل، والغنج العفيف، وأن أستفيض في قصيدة بطعم السكر، وألوان الفراشات، وفالس الأحبة.
كنت أود هذا حقًا، لكن ماذا أفعل، والسماء تلهو بشمس تشوي الفراشات على مهل. فلنغنِ إذن لقطٍّ أسود، أو شارع يبتلع المارة، أو فالْس عسكريٍّ يصلح للقتل, أو الإبادة الجماعية للآدميين لصالح الآلة.. لنكتب عن جماليات الهزيمة وتبرير الخيبة)
الخوف.. ملح في العيون/ ريح حزينة، تغزو بيوت المدينة/ آلة عنف، تنتهك الحرف، وتختزل اللغة إلى درع وسيف.!
(العالم لا بد أن يشغل نفسه بحروب ودماء/ ولعبة شطرنج طويلة بين الحق والباطل)
28 نوفمبر يوم عادي لم يتوقف التاريخ عنده من قبل، هاهو اليوم يصرخ محتجا: «أنا هنا»، الكل يتواطا لتدشينه كـ«يوم تاريخي»، بصرف النظر عن حقيقته، يسانده المصحف، كما تسانده البندقية من أجل تدوين نفسه على صفحة في «فصل البكاء»، حسب تسمية نزار قباني التي قال فيها: «ما بين فصل الخريف، وفصل الشتاءْ/ هنالكَ فَصْلُ أُسَمِّيهِ فصلَ البكاء/ تكون به النفسُ أقربَ من أيِّ وقتٍ مضى للسماءْ»، لكننا الآن أقرب ما يكون إلى كائنات زاحفة تحت الأرض، وفوق الأرض (يسير التاريخ في مارشات عسكرية/ يزأر في تجهم بالغ ولا ينظر خلفه).. الجند يأكلون لحم الشوارع والحارات، الترقب يحيل الحياة إلى ثكنات.. المحال ثكنات، المقاهي ثكنات، البيوت ثكنات، والطرقات..
(الأرض تشبه برتقالة عفنة، كلما وضعت ثقلك على موضع، غاص بك العفن إلى الأسفل).
(كنت أود لو ابتسم بهدوء/ ونحتسي شاينا معاً/ لكن العالم مشغول اليوم بالحروب، والأطفال لم يذهبوا للحدائق)
توضيح 1: الكلمات داخل الأقواس من أشعار مروة أبوضيف.
توضيح 2: هذه السطور ليست مقالا، لكنها اعتذار عن الكتابة، ليس فقط لأنني مريض، لكن الأهم والمؤسف، أن الواقع الذي أكتب فيه مريض أكثر، وحالته حرجة، وإذا كان هناك من يكترث لحاله ويفكر في علاجه، فلابد من وضعه على أجهزة إفاقة في درجة العناية المركزة.
وربنا يقدم اللي فيه الخير.
جمال الجمل
[email protected]