«شعرنا بأن زلزالا ضرب المنطقة، فلم تمر سوى لحظات، حتى انبعث غبار كثيف من داخل شارع عصفور، كأنه يهاجمنا نحن فى المحل، وساد الصمت للحظات، ثم تعالت الصرخات».. بهذا وصف أحمد، الشاب العشرينى، اللحظات الأولى لانهيار عقار المطرية.
أحمد الذى يعمل فى المحل المقابل لشارع عصفور لم يستطع أن يستطلع الأمر فى بدايته، لم يصدق ما حدث، حتى بدأ شباب المنطقة فى الصراخ لمحاولة إنقاذ الضحايا، حيث استدركوا الأمر، ثمة كارثة قد وقعت، ومن المؤكد أن قتلى وجرحى ومفقودين هم أبطال المشهد.
فى الثانية صباحاً، وصلت سيارتا إطفاء إلى شارع الحرية، عقب تلقيهم بلاغا بالحادث، وفور وصول السيارتين، أخطر فريق الإنقاذ اللواء ممدوح عبدالقادر، مدير الحماية المدنية، بأن الحادث يتطلب معدات وسيارات أكثر، وفرق إنقاذ، موضحا أن هناك «عمارة» من ثمانية طوابق انهارت على رؤوس السكان وهم نائمون.
أيقظت «سارينات» عربات الإسعاف سكان ميدان المطرية وشارع الحرية والحارات المتشابكة، ليستنفر السكان وراء أصوات السيارات، وصولاً إلى العقار المنهار.
فى الثانية والربع صباحاً، تمكن 6 يقطنون بالطابق الأرضى، من الصعود من أسفل الأنقاض، فروا هاربين، بمساعدة الأهالى، لا يصدقون ما حدث، ويشعرون كأنه كابوس، لحظات مرت، حتى بدأ الناجون فى البحث عن جيرانهم.
وفى الثانية والنصف، رفض أول الضحايا الذى خرج من أسفل الأنقاض إسعافه، مرددا: «أهلى جوه.. الحقوهم»، وبدأ بمساعدة الأهالى فى البحث عن أسرته، بينما فى الناحية المقابلة للشارع، حاول 5 شباب السيطرة على رجل أربعينى، وقد انهار فور علمه بالحادث، يصرخ قائلا: «أختى وعيالها جوه.. إسراء الأولى فى الإعدادية بالمطرية.. حرام عليكم».
وفى الثالثة صباحاً، لم يستطع رجال الحماية المدنية والأهالى البحث يدويا عن الناجين، واستدعت القوات المعدات الثقيلة من «لوادر» وحفارات وسيارات نصف نقل، لتكسير الكتل الخرسانية، قبل مرور الوقت.
وفى الثالثة والنصف صباحا، صرخ أحد الأفراد المشاركين فى الإنقاذ من فوق الأنقاض: «ابعتوا غطا»، حيث ألقى له المتجمهرون بطاطين لتغطية جثتين جديدتين، تم العثور عليهما، ووجب استخراجهما.
وفى الرابعة فجرا، وصل محافظ القاهرة إلى موقع الحادث، وتفقد جهود الإنقاذ، فيما حاصره مجموعة من الأهالى يشكون له «غضبهم» من وقوع الحادث بسب الإهمال.
مرت ساعة أخرى، ولم يعثر أحد على ناجين، واستمر رجال الأمن فى حصر الوفيات والمصابين تباعا، حتى وصل العدد إلى 18 متوفى.
لم يتهم الجيران أحد بعينه، لكنهم وجهوا لوما شديدا تجاه الأجهزة المعنية، وصفوها بالمتخاذلة فى تنفيذ قرارات الإزالة، وتساءل: أيمن عقيد سابق بالجيش: «لماذا لم يتم إخلاء تلك الطوابق بالقوة الجبرية، بعد صدور قرار بإزالة العقار منذ أكثر من عامين؟».