x

معتز نادي صوت يرفض تضييع وقت السيسي معتز نادي الإثنين 24-11-2014 21:29


بصوت مفعم بالحيوية والنشاط نطقت الأستاذة آمال فهمي كلمات أغنية محببة إليها غنتها أم كلثوم، قائلة: «أنا لن أعود إليك مهما استرحمت دقات قلبي»، وذلك عندما سألتها متى ستعود إلى مستمعيها مرة أخرى مقدمة برنامجها «على الناصية» عبر إذاعة البرنامج العام بعدما أعلنت توقفها لأنها لم تعد قادرة على الاحتمال، رافضة إغفال دورها لصالح «أنصاف المواهب» في الإعلام.

وقصة السؤال تعود إلى خبر منشور في صحيفة «الشروق» تتحدث فيه آمال فهمي عن كونها «خسارة» في الإعلام المصري، وشعورها بـ«إهانة تاريخها»، الذي يتخطى 50 عامًا أمام الميكروفون، وانتشر النبأ بين مهتم وآخر على النقيض.

ودخل الإعلامي حمدي قنديل على الخط، كاتبًا في حسابه على «تويتر» كلمات تشد من أزر «آمال»، معتبرًا أن صوتها سيظل باقيًا في آذان المستمعين حتى وإن غاب، وهنا دفعني الأمر ألا أفوت الفرصة بكتابة «بروفايل» يعرض سيرة ذاتية مبسطة عنها في «المصري اليوم» لأن «القصة تستاهل»، كما قالها لي صديقي أيمن شعبان، فكان لدى القارئ العنوان التالي: «آمال فهمي.. (حكاية حب) تنتهي (على الناصية)».

لم أكتف بنشر الموضوع بل قررت متابعة القصة، محاولًا الوصول إلى رئيس الإذاعة المصرية، عبدالرحمن رشاد، ورئيس إذاعة البرنامج العام، مجدي سليمان، لمعرفة موقفهما عما أعلنته آمال فهمي.

وقد يدور في ذهنك تساؤل عن سبب اهتمامي بالأمر إلى هذه الدرجة، فأخبرك أنه بحكم عملي الصحفي لا أكتفي بتقديم قدر يسير من المعلومات للقارئ طالما كانت متاحة لدي.

كما أن لدي سبب آخر يتلخص في عشقي للإذاعة، حيث نشأت وسط أسرة تنام وتستيقظ على سماع الراديو، خاصة إذاعة البرنامج العام، وكان ولا تزال تسكن في ذاكرتي مجموعة من البرامج، التي أعشق منها 3 على وجه التحديد، وهم «كلمتين وبس»، الذي كتبه الصوفي الساخر، أحمد بهجت، وقدم حلقاته القدير فؤاد المهندس، و«غنوة وحدوتة» بصوت أبلة فضيلة، بينما الثالث «على الناصية»، الذي تقدمه آمال فهمي، ولهذا كان اهتمامي فتحدثت إلى رئيس الإذاعة المصرية، وسألته: «هل تواصلت مع الأستاذة آمال فهمي بعدما أعلنت توقفها عن تقديم برنامجها الشهير؟»

رد عليّ رئيس الإذاعة بوضوح عبر الهاتف: «سأتواصل مع الأستاذة آمال، وقل على لساني إن كل طلباتها مجابة، وسأستفسر من رئيس شبكة البرنامج العام عن الأمر، فهي أستاذتنا وعلمت أجيالًا»، وانتهت المكالمة.

كنت أعتقد أن رئيس الإذاعة سيقول لي أنه ذهب بنفسه إلى بيت آمال فهمي، ورفض كلامها عن اعتزال الإعلام وطيب خاطرها بكلمتين، لكن يبدو أنه مشغول.

تركت المسؤول عن إدارة الإذاعة المصرية، مقدرا صراحته وبساطته، لأتحدث إلى رئيس إذاعة البرنامج العام، فكان قوله إن «الأستاذة آمال تريد تعيين معد لها في برنامجها، التي ظلت تعده وتقدمه طوال 50 عامًا، ونحن لن نفرض عليها أي معد نظرًا لقيمتها الكبيرة، ولها حرية الاختيار، لكن الميزانية لا تسمح بدفع أجر لمعد، خاصة وأن أجر الأستاذة يشمل الإعداد والتقديم»، وانتهت المكالمة.

كان عليّ بعد المكالمتين السابقتين الاتصال بصاحبة «على الناصية»، بعدما حصلت على رقم هاتفها من رئيس «البرنامج العام» مشكورًا، فكان الرد: «الرقم غلط».

عدت لرئيس «البرنامج العام» مرة أخرى وحصلت على رقم ثان، فاستقبلني صوتها، الذي تربت عليه أذني، فوجدتني أقول لها سريعًا: «إزي حضرتك يا أستاذ آمال»، دون سؤال معتاد في مثل هذه الحالات عن كوني أتحدث إلى الشخص المطلوب أم لا.

ودارت مكالمة مع صاحبة الـ88 عامًا كسرت حاجز النصف ساعة، بادئة حديثها بذهن حاضر، قائلة: «الإذاعة بتراجع وكله جايب قرايبه، وأنا ليس لي ثمن وماليش أي حد من أهلي اتوسط لي للعمل في ماسبيرو».

قلت لها: «ما سبب إعلانك توقف حلقات (على الناصية)؟»، فأجابت: «رئيس الوزراء أبلغته تصوري عن المجلس الوطني للإعلام، واقترحت إمكانية الاستعانة بأعضاء مجلس الأمناء بوزارة الإعلام قبل إلغائها، والاستفادة من شخصيات وقامات كبيرة ممتازة مثل سناء منصور، ونادية صالح وعمر بطيشة، لكنني فوجئت بأسماء غريبة وحديثة العهد بالإعلام، وخبرتها نصف خبرة، وأنا مش على الخريطة مع إنه وعدني بأنه لن يتخذ أي قرار دون معرفة رأيي».

حاولت أن أعرف رد فعلها عن قصة تلبية مطلبها بوجود معد يساعدها في مقابل حصولها على أجرها كمقدمة برامج فقط، فقالت: «أنا راتبي بعد الخصومات 2600 جنيه ووصلت إليه بعدما كان أجري 17 جنيهًا عندما نجحت في اختبارات الإذاعة».

وأضافت بسخرية: «لو خصموا قيمة الإعداد من أجري هيبقى أقل من أجر خادمة فلبينية، وغيري يتقاضى آلاف الجنيهات وشهرتهم نصف شهرتي، وخدموا 1/8 عمر خدمتي، لكن أنا راضية والحمدلله عن نفسي وجمهوري».

وراحت تحكي عن حزنها لعلاجها في مستشفى أقل من درجتها الوظيفية عندما تعثرت قدماها داخل مبنى ماسبيرو بسبب سلك ملقى على الأرض، فتدخل وقتها الرئيس السابق، عدلي منصور، وقرر علاجها على نفقة الرئاسة.

وجدتني أقول لها: «هل تريدين الحديث إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي في أزمتك؟»

صمتت لثوان معدودة وعاد صوتها يقول: «هذا لن يحدث، وأنا مادخلش الريس في حاجة زي دي، وأنا ست عاقلة وأعرف حدودي، وأربأ إني أشغل الرئيس، ولو دار حوار بيننا سأقول له: (ربنا يعينك)، فهو مشغول بأمور أهم، ومهموم بالوطن»، رافضة تضييع وقته بالوقوف أمام أزمة «على الناصية».

تعترض على استجداء أي مسؤول للوقوف إلى جوارها، وترفض الحديث عن تكريم لمشوارها وهي على عين حياتها، خاصة وأن التكريم في بلادها قد يلحق باسم الشخص في كثير من الأحيان عند الممات، فوقتها يتم تذكره ورصد أعماله والبكاء على أطلاله.

قلت لها: «ما الذي يرضيك؟»، فقالت بلغة عربية تميزت بنطقها عبر أثير الإذاعة: «أنا لا أريد عتابًا، فالعتاب مؤلم ويبعث عندي ذكريات مشواري الطويل، الذي ضاع عمري عليه».

ولم تنس في ختام المكالمة شكر رئيس الإذاعة المصرية، ذاكرة أنه وقت مرضها أرسل لها باقة ورد، بالإضافة إلى أنها أثنت على مستمعيها، الذين هاتفوها وراسلوها، راغبين في عودة صوتها إلى الميكروفون، لكنها تستأذنهم في الانصراف.

عند تلك اللحظة، وجدتني أستعين بسؤالها الشهير في برنامج «على الناصية؟» أثناء ختام حديثها مع كل ضيف، قائلًا: «تحبي تسمعي إيه؟»، فضحكت وكان ردها: «أول مرة حد يسألني السؤال ده؟»، ثم أضافت: «أنا عاشقة لأغاني عبدالحليم حافظ»، لكنها فاجأتني بطلب أغنية لموسيقار الأجيال تقول: «أقسمت باسمك يا بلادي فاشهدي».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية