x

مكاوي سعيد حضرتك تعرف الدكتور طه حسين؟ مكاوي سعيد الإثنين 24-11-2014 21:34


فى الفترة القصيرة التى عملت فيها فى مجال صناعة السينما كمحاسب أو مدير إنتاج أو قارئ نصوص، لفت نظرى أن هناك معوقات كثيرة تعترض هذه الصناعة ناتجة عن مستصغر الشرر، ولا يأبه لها الكثير من أعمدة هذه الصناعة، بحجة أن تلك الأمور من التوافه! فمثلاً هناك مهنة تعتبر فى أولى درجات السلم الوظيفى لهذه الصناعة والقائم بها اسمه «الريجيسير»، وكل مهامه تسليم «الأوردرات» للعاملين فى الفيلم ونسخ «الاسكريبت» للنجوم والأبطال، ويحصل على أجر ضئيل نظير تلك الخدمات ويعوض ذلك بإكراميات كبيرة من بعض النجوم وأبطال الصف الثانى، ومن هنا تنشأ المشكلات، فهو يفضل بعضهم على بعض بناء على تلك الهبات، ويصبح مؤثراً جداً فى الـ«كاستينج» فى غفلة عن الجميع، فعندما يجتمع المنتج ومدير الإنتاج مع المخرج ويتفقون على أصلح الفنانين لتأدية الأدوار، وبناء عليه يطلبون من الريجيسير أرقام هواتفهم للاتصال بهم للتعاون معهم، كلما ذكروا اسم فنان غير سخى معه أو اسم فنانة عاملته بغلظة ولم تستجب لمداعباته، قال بثقة: «للأسف فلان ده بيعمل عملية خطيرة وربنا يستر وينجو منها، وعلى فكرة ماحدش يعرف وأنا عرفت بالصدفة، أو فلانة دى ممثلة هايلة بس اتدروشت بعد موت أمها وباين عليها هتتحجب وتبطل تمثيل، أو عندها سبوبة فى الخليج وهتطول هناك شوية»، ثم يسعفهم بالبديل الذى يحب سخاءه وهنا تتبدل الأدوار بقدرة قادر ويستبعد الأكفاء ويفشل الفيلم طبعاً دون أن ينتبه أحد لوسوسة هذا الريجيسير.

وأثناء عملى محاسباً فى إحدى شركات المقاولات الخاصة كانت دفعات مقاولى الباطن تدفع نظير مستخلص يقدمونه كل شهر بالأعمال التى نفذوها، ويدفع لهم 90% من قيمة المستخلص لأن الـ10% الباقية ستوضع فى حساب خاص يدفع لهم فى نهاية العملية، وكانت هذه المبالغ المستقطعة لا تدفع للمقاول فى نهاية العملية حتى يلتزم بالعمل لدى الشركة فى العمليات المقبلة، والمدهش أن غالبيتهم رغم حاجته الشديدة إلى هذه المبالغ لا يرفع قضايا على الشركة.

وقد حكى لى أحد الأصدقاء مؤخراً وهو قاص ومصور فوتوغرافى اسمه شريف عبدالمجيد، وقد وثق رسوم «الجرافيتى» على جدران أغلب محافظات مصر بكاميرته، واهتمت الهيئة العامة للكتاب بنشره، وتعاقدت معه بمقابل جيد يدفع على ثلاث دفعات، الأولى عند التعاقد وقد تسلمها على الفور، والثانية بعد ستة أشهر، والثالثة بعد عام، ومر إلى الآن حوالى عام كامل على نشر الكتاب ولم يتلق الدفعة الثانية بعد، وداخ بين أروقة الهيئة ودهاليزها حتى أخبروه فى النهاية أن حل مشكلته بيد الأستاذة سناء، وأرشدوه إلى حجرتها فاستأذن ودخل وقال على الفور إنه لم يتسلم الدفعة الثانية من عقد كتابه، نظرت له الأستاذة سناء ملياً وعلى وجهها ابتسامة خلابة جعلتها أصغر من سنها 30 سنة، وأجلسته جوارها وسألته عما يود شربه وهى تتطلع إلى صفحات دفترها الكبير، ثم التفتت إليه وسألته باهتمام بالغ: أستاذ شريف هو حضرتك تعرف د. طه حسين؟ رد شريف بسرعة: طبعاً ده عميد الأدب العربى، اتسع بريق ابتسامة الأستاذة سناء وقالت له: أهو رغم كده الدكتور طه حسين ما أخدش أبداً الدفعة الثانية من أى كتاب نشره فى الهيئة!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية