أكد السفير الفرنسى لدى مصر أندريه باران أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لبلاده تجسد مساندة باريس للقاهرة فى ظل ظروف إقليمية متوترة، تتزامن مع إنجاز مصر اثنتين من المراحل الثلاث من «خارطة الطريق».
وأعرب السفير الفرنسى، فى حوار مع «المصرى اليوم»، عن سعادته بتولى مهام عمله سفيراً لبلاده بالقاهرة «فى تلك المرحلة التاريخية لمصر»، معرباً عن أمله فى أن تشهد علاقات البلدين نمواً خلال الفترة المقبلة، خاصة فى المجال الاقتصادى، مشيراً إلى أنه من المقرر مشاركة فرنسا بوفد رسمى خلال المؤتمر الاقتصادى الذى تستضيفه مصر فى شرم الشيخ فى مارس المقبل.
■ كيف تقيّمون زيارة الرئيس السيسى لفرنسا.. وما الموضوعات التى سيتم تناولها؟
-تأتى هذه الزيارة بالفعل فى إطار العلاقات الثنائية المتواصلة على أعلى مستوى خلال الأسابيع الماضية. وهى تجسد مساندة فرنسا لمصر فى السياق الإقليمى المتوتر للغاية، فى الوقت الذى أنجزت فيه مصر اثنتين من المراحل الثلاث من خارطة الطريق الخاصة بها، نحو عودة الحياة المؤسسية الطبيعية. وستتيح زيارة الرئيس السيسى لباريس التباحث حول مختلف ملفات التعاون الثنائى، بما فيها الأفق الاقتصادية، وأيضاً الملفات الإقليمية التى لدى بلدينا اهتمام مشترك للدفاع عنها.
■ ما تقييمكم للمناخ السياسى والإعلامى فى مصر فى ظل وجود رئيس مدنى منتخب.. وهل ترون أن المناخ مناسب لإنجاز الاستحقاق الثالث لخارطة الطريق بإجراء الانتخابات التشريعية؟
- عاشت مصر خلال السنوات الماضية العديد من التحولات «الفجائية». والبلد يتقدم من الآن فصاعداً نحو تطبيق خارطة الطريق التى وضعها لنفسه فى يوليو 2013. ولقد تم اجتياز مرحلتين مهمتين بإقرار الدستور وانتخاب الرئيس السيسى. ويتعلق الأمر الآن بتطبيق المرحلة الأخيرة والمهمة للغاية وهى الانتخابات التشريعية. وتشجع فرنسا السلطات المصرية لإجراء هذه الانتخابات فى أسرع وقت، كى تتم ممارسة الديمقراطية فى أفضل الظروف بفضل المؤسسات المنصوص عليها بالدستور.
■ كيف ترون وضع الأحزاب السياسية فى مصر.. وهل هذه الأحزاب مستعدة لخوض الانتخابات؟
- تساند فرنسا العملية الديمقراطية بمصر والتى هى قيد الإنجاز، وتهدف إلى إقامة مؤسسات مدنية منتخبة ديمقراطياً وفقاً للجدول الزمنى المنصوص عليه بخارطة الطريق، ونحن نأمل أن تكون هذه العملية شاملة بأكبر قدر ممكن للأطراف ومنفتحة على كل التيارات السياسية التى تنبذ العنف.
■ تشهد العلاقات العسكرية المصرية - الفرنسية تطوراً كبيراً، فما هو المستوى الحالى لهذا التطور، وهل اقترحتم على مصر تعاوناً فى مجال مكافحة الإرهاب، وكيف ترون الخطوات المصرية فى مجال مكافحة الإرهاب؟
- فى السياق الحالى، وكما ذكر وزير الدفاع خلال زيارته بالقاهرة، يعد التعاون فى مجال الدفاع والأمن موضوعاً مركزياً. نحن نتحرك جنباً إلى جنب مع المصريين فى مكافحة الإرهاب ونوحد جهودنا معهم، وفرنسا ومصر شريكتان فى هذه المكافحة وبصورة لها الأولوية اليوم فى مواجهة تنظيم داعش الذى يمثل تهديداً لنا جميعاً، ونحن متضامنون مع مصر، التى هى ضحية الإرهاب، والتى تكافح بشجاعة من أجل القضاء على هذا التهديد، لا سيما فى شمال سيناء، وتعد مكافحة الإرهاب أمراً أساسياً، ويجب أن يتم إنجازها فى ظل احترام الالتزامات والمبادئ الدستورية.
■ هل من معلومات حول التعاون الفرنسى - المصرى فى المجال الاقتصادى؟ وهل تتوقعون إطلاق مشروعات استثمارية فى المنطقة اللوجستية بقناة السويس؟
- مصر شريك اقتصادى وتجارى مهم على المستوى الاقتصادى لفرنسا فى مجالات متنوعة للغاية. هناك منذ شهر فبراير 2014 لجنة صناعية فرنسية - مصرية للاستثمار المشترك، تحت رعاية وزيرى الصناعة بالبلدين. وتعد فرنسا من جهة أخرى من أوائل المستثمرين فى مصر. وهناك مجالات ذات أولوية تم تحديدها مثل المواصلات والصناعات الزراعية الصناعية. وتلعب وكالة «يوبيفرانس» وغرفة التجارة الفرنسية المصرية دوراً مهماً نسانده من أجل تشجيع الشركات الفرنسية على الاستثمار فى مصر. ومن جهة أخرى، أود أن أشيد بالإصلاحات الاقتصادية التى أطلقتها الحكومة المصرية، فهى تسير باتجاه تطلعات الشركات والمستثمرين الفرنسيين وستتيح، إذا ما تواصلت، تنفيذ عدد من المشروعات التى هى قيد الدراسة حالياً. وفرنسا متواجدة أيضاً جنباً إلى جنب مصر فى مجال التنمية، لاسيما من خلال الوكالة الفرنسية للتنمية التى موّلت فى 2013-2014 مشروعات هيكلية لصالح تنمية القطاع الإنتاجى فى قطاعات الطاقة والمواصلات، مثل المرحلة الثالثة من مترو القاهرة أو برنامج مكافحة التلوث الصناعى بالشركات المتوسطة والصغيرة. وتشارك الوكالة الفرنسية للتنمية أيضاً بـ 95 مليون يورو، منها 15 مليوناً من الاتحاد الأوروبى، فى تمويل برنامج دعم خلق وظائف جديدة وتحسين الظروف المعيشية فى الأحياء الفقيرة، وهو البرنامج الذى ينفذه الصندوق الاجتماعى للتنمية.
وكل هذه الأمور تبرهن على ديناميكية التعاون بين فرنسا ومصر الذى من الطبيعى أن يتزايد فى المستقبل، وستحتل هذه الموضوعات قلب لقاءات على أعلى مستوى، لاسيما خلال المؤتمر الاقتصادى الذى سيعقد فى مارس 2015 فى مصر.
■ فرنسا عضو بالتحالف الدولى لمكافحة تنظيم داعش. ما هو تطور الوضع؟
- يمثل هذا التنظيم تهديداً ثلاثياً، تهديداً للمدنيين فى المناطق المتواجد فيها، وتهديداً ضد دول المنطقة، ومنها مصر، وكذلك تهديد ضد بقية العالم، بدءاً من أوروبا. وفى مواجهة هذا التهديد الثلاثى الذى يعنينا جميعاً فإن فرنسا تحشد جهودها على المستوى الوطنى من أجل منع انضمام فرنسيين فى صفوف هذه المنظمة الإرهابية، ومن أجل مكافحة الإرهاب والتشدد على نحو أفضل. وتحشد فرنسا جهودها أيضاً على المستوى الأوروبى، حيث تبنى الاتحاد الأوروبى خطة لمكافحة ظاهرة المقاتلين الأجانب. وأخيراً، نحن نعمل بمجلس أمن الأمم المتحدة (عقوبات، القرارات 2170 و2178).
ويهدف تحركنا إلى حرمان «داعش» من الأرضية التى يتغذى عليها، وبهذا الأفق قناعتنا هى أن الحلول السياسية هى الوحيدة التى ستسمح بالتوصل إلى حل دائم للأزمات التى تهز الدول المتواجد فيها التنظيم. وفيما هو أبعد من مشاركتنا فى الضربات الجوية بالتحالف الدولى بالعراق، وبالتالى فإن تحركنا هو تحرك شامل. وتتجه جهودنا أيضاً نحو كل من هو فى فرنسا يمكن أن يستهويه خطاب العاكفين على تجنيد أفراد جدد بـ«داعش». وللحيلولة دون ذلك، يجب التعريف بحقيقة هذه الحركة الإرهابية ودحض أسطورتها التى تدّعى أنها تدافع عن القضايا العادلة. وأخيراً، فإن فرنسا ترى أنه من المهم مكافحة أى خلط بين «داعش» والإسلام. ونحن نتقدم على جبهات مختلفة من أجل مكافحة هذا التهديد الشامل.
■ هل ترون أن الوضع فى سوريا يحتاج تدخلاً عسكرياً؟
- فى سوريا أودى القمع الدموى الذى يمارسه النظام بحياة ما يزيد على 191 ألف شخص، منهم ما يقرب من 100 ألف طفل. ولم تؤد الفظائع التى ارتكبها داعش فى المنطقة إلا إلى تدهور الوضع وزيادة آلام الشعب السورى. لقد باتت سوريا للأسف مسرحاً للحرب بين الديكتاتورية والجهاديين وهى حرب أولى ضحاياها- بجانب الشعب السورى- المعارضة المعتدلة.