x

رامي جلال حزب النور ونظرية إلحق يا بيه ده بيشتم حضرتك! رامي جلال الثلاثاء 18-11-2014 21:13


تروى إحدى النكات الأمريكية أن رجلاً دخل مطعماً يُقدم لحوم البشر، فعرف من قائمة الأسعار أن لحم الشعراء بخمسة دولارات، والصيادين بسبعة، والمحامين بعشرة، والسياسيين بمائتى دولار، وحين سأل عن سبب ارتفاع سعر هذا الأخير قيل له إن المطعم يتكلف كثيراً فى عمليات تنظيف هذا النوع من اللحم قبل طهوه!

السياسى الورع التقى قد يتم اكتشافه لاحقاً على سطح المريخ، أما على الأرض فهو مثل السكر المُملح أو الضوء المُظلم! ما يحدث أن السياسى قد يضع قناعاً بلحية ليس أكثر، ومع ذلك لا تعارض بين أن تكون سياسياً ناجحاً وأن تكون متديناً وطيباً وتربى قطاً سيامياً اسمه فوزى. أما لو كنت رجل دين ومعركتك هى اعتلاء المنابر واحتلال المساجد ومشاكسة وزارة الأوقاف فأنت بالضرورة وحتماً سياسى فاشل. مع ملاحظة أنك لو كنت سياسياً تستخدم الدين لتحقيق أهدافك فمبروك أنت نصاب، وهذه أولى درجات النجاح فى السياسة، فهى ببساطة لعبة تتضمن اتخاذ قرارات غير تقليدية مع إمكانية القيام بأعمال غير أخلاقية، وإصدار أوامر غير مرتبطة بأى قيم إيجابية، وبالتالى فلا يمكن أن تكون معايير ممارسيها فى معظم الأحيان متقاطعة مع الأخلاق أو الدين، ومن هنا لا يصح ربط السياسة بغير السياسة.

إحدى قريبات رئيس الوزراء البريطانى الأشهر «ونستون تشرشل» قالت له إنها ستتزوج من سياسى شريف، فأكد لها أنها ستضطر حينها للزواج من شخصين أحدهما سياسى والآخر شريف، لأنه لا يوجد شخص يجمع الصفتين معاً! وقريبته تلك تزوجت من «أنطونى إيدن»، (وكانت زوجته الثانية)، وهو وزير خارجية «تشرشل»، وقد أصبح رئيساً للوزراء بعد ذلك، ولم يكن يتمتع لا بالسياسة (استقال بعد أقل من عامين)، ولا بالشرف (راجع موقفه فى العدوان الثلاثى على مصر).

السؤال الآن بمصر: لماذا تبقى الأحزاب الدينية بيننا اليوم؟ حزب النور، وهو المثال الأوضح، يستخدم آليات غير سياسية وتقنيات دينية من شأنها أن تؤثر على وحدة هذا المجتمع المخلخل أصلاً، فهو ببساطة ليس حزباً بالمعنى السياسى، بل هو تجمع لعناصر غير متجانسة من المتدينين بحق مع المتمسحين بالدين مع المهووسين دينياً الذين اتفقوا على تحقيق مصلحة سياسية.

حزب النور قوى ومنتشر بين الناس، عبر نشاطه الخدمى وليس السياسى، ولا يجب أن نفكر فى إقصائه لأنه قد يفوز بأغلبية هنا أو يسيطر على مكان هناك، فالدعاوى الحالية لإبعاد الحزب تأتى كلها على طريقة «إلحق يا بيه ده بيشتم حضرتك!» (يخافون من منافسة الحزب)، و«خلى بالكم النور هيفوز» (يخيفون الناس منه).

أظن أنه سيتم محو حزب النور من الخريطة السياسية المصرية خلال شهور، لكن مباركة الحرب الإقصائية على هذا الحزب دون منطق سليم قد تولد بعدها حرباً ضد اليسار والشيعة والبروتستانت والأرثوذكس وغيرهم، إلى أن نصل للمواطن النموذجى: الليبرالى الأهلاوى المؤيد للسلطة، على أن يكون مسلماً سنياً على مذهب الإمام أبى حنيفة النُعمان.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية