x

إبراهيم منير المتهم الأول فى «التنظيم الدولى» (2-2) برنامج «حزب الإخوان» يحتاج إعادة صياغة لحسم «تولى المرأة والقبطى رئاسة الدولة»

الثلاثاء 07-07-2009 00:00 |
تصوير : other

واجه إبراهيم منير، أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين، عضو مكتب إرشاد الجماعة، المتهم الأول فى قضية التنظيم الدولى، الموت داخل سجن ليمان طرة، عندما «استشهدت» أسرته «الإخوانية» عام 1957، رمياً بالرصاص كما حدث مع مسؤوله المباشر ونقيب أسرته، أو بالإهمال على إثر تعرض البعض لأمراض مزمنة وتجاهل إدارة السجن لمرضهم.

أثارت شخصية إبراهيم منير، جدلاً منذ بداية ظهوره فى محيط الجماعة، كما أثار نفس الجدل بعد عمره الذى تجاوز 73 عاماً.

كشف منير، عن آليات الانتخابات فى مكتب الإرشاد وطبيعة التصعيد داخل الجماعة وعن الأسباب الحقيقية وراء الاتهامات الموجهة لقيادات التنظيم الدولى، وتناول الحوار بين السنة والشيعة، وما يثار حول أطماع إيران فى المنطقة، كما أعلن عن سعى الجماعة لإعادة صياغة برنامجها الحزبى.

■ ما رأيكم فيما طرحه مرشد الجماعة حول تقاعده، مبرراً ذلك بـ«تجديد الدماء»، فى حين يرى البعض أن هذا الموقف يهدف لإحراج الأنظمة العربية؟

- ما أعلمه عن المرشد الحالى، محمد مهدى عاكف، أنه لا يحب المناصب ومنذ سنوات ماضية، منذ 15 عاماً بالتحديد، كان يريد أن يترك كل المسؤوليات ويبقى فى آخر الصف، وعند وفاة المستشار، محمد المأمون الهضيبى، المرشد السابق، قال وقت تنصيبه إنه لن يستمر لأكثر من دورة واحدة، رغم أن اللائحة تجيز له الاستمرار أكثر من دورة، وأرى أن هذا ليس بقصد إحراج النظام (ومن امتى النظام فيه حد بيحرجه)، ما أعلمه عنه أنه لا يطيق التقيد بأى منصب فهو بيحب ينطلق فى كل شىء.

■ ما تقييمك للخمس سنوات التى قضاها مرشد الجماعة مقارنة بمن سبقوه من المرشدين؟

- المستشار، محمد المأمون الهضيبى، عليه رحمة الله، كان يُقيِّم كل حركة بحكم عملة كقاض، أما الأستاذ محمد مهدى عاكف، المرشد الحالى، أدام الله فى عمره، يختلف.. لطبيعته كرجل رياضى إضافة إلى انفتاحه اجتماعياً نظراً لأنه قضى فترة من حياته فى أوروبا، أما المستشار المأمون الهضيبى، فكان رجل قضاء وكان القضاة فى عهده يقصرون علاقاتهم الاجتماعية حتى لا تتشعب فتترك أثراً على سلوكهم فى القضاء، والمرشد الحالى، محمد مهدى عاكف، رجل رياضى عمل فى المقاومة وانفتح على العالم بشكل كبير وهو يختلف عن المستشار المأمون الهضيبى، فعندما تولى الإرشاد صبغ المنصب بنفس صبغته الشخصية وحدث تجاوز لبعض الأمور التى كان يرفض المستشار المأمون الهضيبى الخوض فيها.

■ وما هذه الأمور؟

- مثل خروج الإخوان فى المظاهرات والنقد السياسى الصريح، وهو ما يمارسه مرشد الجماعة الحالى، وفقا لما يسمح به الدستور والقانون.

■ هل تعتبر هذه خطوة إيجابية أم سلبية؟

- أعتبرها إيجابية من ناحيتين، فالحكومة ودون وعى تفرض كبتاً مستمراً على الشعب المصرى، والأستاذ، عاكف، أعطى الشباب نوعاً من التنفيس فى ظل الكبت المفروض عليهم وعلى غيرهم، كما أن هذه الخطوة أفادت البلد بشكل عام، حتى لا يتم استغلال هؤلاء الشباب بشكل غير سليم.

أما الأمر الثانى فهو تأكيد المرشد الحالى، على رفض البقاء فى الغرف المغلقة، وجاء ذلك فى ظرف حصار غزة والحرب التى شنها الكيان الصهيونى عليها، فتعبير المرشد وما صدر عنه كان له تأثير جيد على أصحاب القرار والشعوب فى الكثير من البلاد، وكذلك على الشعب المصرى.

■ إذا كانت هذه إيجابيات المرشد الحالى للجماعة فما سلبياته من خلال رؤية نقدية لخمس سنوات قضاها فى المنصب؟

- لا نقيِّم السلبيات إلا بعد انتهاء فترة ولايته كاملة، ولعل الوقت المتبقى له فى الولاية يحمل جديداً، ودعنى أقول لك إننا جماعة محاصرة منذ 60 عاماً نتلقى الضربات يوماً بعد الآخر، والمرشد الحالى، قضى 23 عاماً فى السجن منها 20 عاماً متواصلة، والحديث عن سلبياته يكون نوعاً من العسف الشديد.

■ إلى متى سوف يظل الإخوان أسرى قيادات قضت أغلب أعمارها فى السجن وربما ترك السجن أثراً فى النفس يعوق العمل التنظيمى والدعوى؟

- الحقيقة التى لا يستوعبها كثيرون، أن رجلاً مثل المرشد الحالى، محمد مهدى عاكف، الذى قضى 23 عاماً فى السجن أثبت عدم صحة هذه القاعدة حيث انطلق فى العمل الإسلامى فور خروجه من المعتقل، وهذا الرجل مثال على أن الإخوان المسلمين لم تؤثر فيهم سنوات السجن، وليس حقيقياً أن سنوات الاعتقال أثرت على عقليات الإخوان ونفسياتهم، فأطول فترة سجن مر بها أحد قيادات الجماعة هى ما مر بها الأستاذ عاكف.

 وبالتالى ليس للسجن أثر على الإطلاق على نفسيات ولا عقليات الإخوان، قد يتصور البعض أن فترة السجن قد تجعله ينكمش، وهذا لم يحدث فقد دخل السجن وخرج منه دون أن يتغير منفتحاً على الناس لا يحمل حقداً لأحد حتى للذين ظلموه.

■ وما تعليقك على تصريحات المرشد الأخيرة حول إرسال 10 آلاف جندى للبنان أثناء حرب حزب الله ضد الكيان الصهيونى؟

- الأستاذ، محمد مهدى عاكف، كان يعيش الحرب بكل كيانه، وأنا شخصياً تعجبت من تحديده لهذا الرقم، ولماذا لم يقل مليون واحد، وإذا نودى للجهاد فى مصر سوف يخرج الإخوان وغيرهم، ويا ليته قال 100 ألف أو 200 ألف وليس 10 آلاف فقط، وعموماً فهو رقم رمزى وترك أثراً طيباً على الناس.

■ من تراه خليفة للمرشد الحالى؟

- رأيى أحتفظ به لنفسى.

■ لماذا يظل هذا المنصب محصوراً فى إخوان مصر؟

- ليت واحداً من إخوان الخارج تتوافر فيه الشروط ويقبل ترشيحه للمنصب، ولكن الجميع يعلم أن مصر بلد النشأة وصاحبة الخبرة وأنها رائدة ولذلك يكون الاختيار دائما من بين إخوان مصر.

■ ولكن كانت هناك مطالبات كثيرة من بعض إخوان الخارج لإتاحة فرصة الترشح على هذا المنصب؟

- لم أسمع عن هذه المطالبات قبل ذلك.

■ هل إخوان الخارج متسامحون فى تولى المصريين هذا المنصب؟

- المسألة ليست مسامحة، ولعل من إخوان الخارج من هم أفضل من إخوان مصر عند الله عز وجل، ولكنهم يرون فى إخوان مصر نوعاً من الكفاءة والخبرة المطلوبة فى أشد الأزمات والتوازن المطلوب فى الأحداث.

■ ولماذا لا يرشح إخوان مصر شخصية غير مصرية على هذا المنصب إعمالاً للائحة الجماعة؟

- اللائحة تقول إن كل قطر يرشح من عنده والأقطار ترشح من عندها، ولا يجوز بحكم اللائحة أن أقوم بترشيح شخصيات من خارج قطرى.

■ إحالة الإخوان لمحاكمات عسكرية هل مقصود منها الضغط على إخوان الداخل والخارج أم هدفها إعاقة العمل التنظيمى للجماعة؟

- للأسف ترزية القوانين فى مصر فى غاية السوء، حيث قاموا بمحاكمة يوسف ندا، بتهمة غسيل الأموال وحكم عليه بالسجن 10 سنوات، وأنا أخجل من هذه الأحكام، فيوسف ندا حققت معه كل الدنيا ولم تثبت عليه تهمة واحدة، وعندما رفع دعوى على المدعى العام السويسرى، سأل القاضى، المدعى العام، ما الجريمة التى يعاقب عليها وصودرت أمواله على أساسها؟، فاحتج المدعى العام بما أوردته الصحف.. فأبطل القاضى إجراءات المدعى العام.

وحققت معه المخابرات الأمريكية والسويسرية والإسرائيلية والإيطالية، ومع ذلك لم يجدوا دليلاً واحداً على إدانته فى كل التهم، وبعد ذلك أصدرت محكمة عسكرية مصرية حكماً ضده بالسجن 7 سنوات بتهمة تمويل الإرهاب، ومثل هذه الأحكام تجعل الأوروبيين يستهزئون بمصر من جراء هذه الأحكام، بمثل هذه التهم يؤكد النظام المصرى أن هناك قوى خفية تحركه، وبالتالى يمكنهم الضغط عليه من خلالها، وهو عوار قانونى ودستورى.

وأريد أن أضيف مؤكداً يقينى أن فى مصر قوى من داخل النظام تحاول تقويض البلد بحجة الدفاع عنه عن طريق مثل هذه المهازل وغيرها.

■ ما رأيكم فى طرح الدكتور كمال الهلباوى، المتحدث السابق باسم إخوان أوروبا، استبعاد من تعدت أعمارهم الستين عاماً من القيادة لمصلحة العمل التنظيمى والتربوى؟

- هذا مقبول ولست ضده، وهو رأى يُترك لظروف كل بلد وأحواله، وإذا كان شخص قد تعدى هذه السن ولديه القدرة على العطاء وليس مطلوبا منه أن يحضر مظاهرة أو مخيماً، فلماذا لا تستفيد الجماعة منه فى موقعه.

■ هل مناهج التربية عند الإخوان فى الخارج هى نفس مناهج التربية عند الإخوان فى مصر؟

- كل مناهج التربية عند الإسلاميين الناضجين سواء كانوا من الإخوان أو غيرهم تعود إلى فكر الإمام حسن البنا، المؤسس الأول للجماعة، وترى أنه الفكر الأساسى الذى لا إفراط فيه ولا تفريط، فكل الجماعات الإسلامية تطلب عون الإخوان فى إيجاد منهج فكرى وسطى يحفظ الفرد ويحفظ قيم المجتمع بداخله، والباحثون فى الغرب كتبوا عن فكر حسن البنا، كلام رائع جداً، فى حين أن قومنا يحاولون إعادة قتل البنا كل يوم من خلال بعض الكتابات.

■ هل يبارك الإخوان مؤتمرات تسعى إلى التقريب بين السنة والشيعة؟

- دعنى أسألك هل سمعت من الشيعة فى مؤتمر منتدى الوحدة الإسلامية الذى عقد بمباركة الإخوان، أن أحدهم يقول لدينا كشيعة مصحف غير المصحف الموجود لدى السنة، أو أن لهم نبياً غير محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك فأنا افتتحت المؤتمر وباركته، فكلاهما «سنة وشيعة» يتبرأون من الشطط، ونحن فى لندن نعمل بالقاعدة التى تقول «نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه» وانقل على لسانى أمنيتنا أن يكون اللقاء المقبل فى القاهرة ويفتتحه شيخ الأزهر.

■ ولكن الدكتور يوسف القرضاوى صاحب المنهج الوسطى المعتدل، وصف الشيعة بأوصاف تخرجهم من الملة؟

- ولكن زاره وفد من الشيعة بعد ذلك برئاسة على أكبر ولاياتى وحدث نوع من المصالحة وتوضيح الأمور، وعندما سُئلت عن ذلك فى وسائل الإعلام قلت لعل الدكتور القرضاوى وصله كلام عن ممارسة القتل بالهوية أو أن هناك تشيعاً فى مصر.

■ كيف تتعاملون مع داعية كعمرو خالد بعد الضغوط التى مورست عليه، خاصة أنكم تعرفون الخريطة الدعوية فى لندن بحكم الخبرة والسبق؟

- علاقتى بالداعية عمرو خالد كانت من خلال حضور لقاءات جماهيرية لمرة أو مرتين، وخروجه من مصر ما كان يجب أن يكون، فتأثيره فى الداخل أفضل بكثير من تأثيره فى الخارج.

■ هل تعقدون مؤتمراً سنوياً للإخوان فى لندن؟

- نعقد مؤتمرات سنوية للإخوان، النظام فى مصر يتخيل أن أى مجموعة تنتمى لفكر الإخوان المسلمين لابد أن يأتيهم الأمر من القاهرة وهذا غير حقيقى، نعقد مؤتمراً عاماً ويكون بشكل علنى، هناك محاور لهذا المؤتمر، ومناقشات تخرج عنها دراسات وتوصيات.

■ هل يحضر هذه المؤتمرات مصريون؟

- للأسف منذ زمن طويل لم يحضر أحد من إخوان القاهرة، وإن كان المرشد الأسبق الأستاذ مصطفى مشهور كان حريصاً على الحضور بشكل سنوى.

■ هل تتصلون بالحكومة البريطانية أو الإدارة الأمريكية لفتح حوار مع الإخوان فى مصر والحكومة البريطانية أو لتوضيح صورة الإخوان، وهل حقيقى هناك اتصال؟

- نحن لا نسعى إلى أحد، ربما يكون هناك آخرون يسعون إلينا، هناك نوع من التجاوز الإعلامى فى هذا الموضوع فنحن هنا بريطانيون، ولا يوجد حوار مع الإدارة الأمريكية، وإذا كان هناك من حوار فيجب أن يكون فى القاهرة، ولا أقول فى لندن أو غيرها من بلاد الدنيا إلا ما يقوله الإخوان فى مصر.

■ بحكم عضويتك فى مكتب الإرشاد، هل شاركت فى انتخاب 5 من الإخوان لعضوية مكتب الإرشاد مؤخراً؟

- نعم، ولكن شاركنا بالرأى والإشارة إلى السمات التى نحب أن تتوافر فيمن يُرشح لهذا الموقع.

■ إذن ما الآلية التى يتبناها الإخوان فى هذه الانتخابات؟

- نقترح أسماء فقط والقرار فى قبول هذه الأسماء من عدمه يكون للإخوان عن طريق الانتخابات الحرة النزيهة.

■ وما الآلية التى ترشحون بها شخصيات مصرية لمواقع حساسة فى الجماعة وأنتم خارج القطر؟

- نرشح الشخصيات التى عندها كفاءة وعلم وتاريخ، والشخصيات غير المعروفة أكثر ممن هم معروفون على الساحة، ولكن آلية العمل والظرف تفرض أن يتم الاختيار ممن خاض العمل وظهر أمام الناس.

■ ولماذا تأخر انتخاب الدكتور عصام العريان، كعضو لمكتب الإرشاد، فى رأيك؟

- الدكتور عصام العريان، شخصية لها تاريخها وبذلها وعطاؤها وشخص مثقف، ولكننا محكومون بلائحة تنظم العمل وانتخابات حرة ونزيهة، ولا أحسب أن يكون الدكتور عصام العريان حزيناً لعدم اختياره لعضوية المكتب، فكل «أخ» يكون سعيداً بعدم انتخاب إخوانه له لأن ذلك تكليف فى الأول والآخر، وليس تشريفاً كما يظن البعض.

■ البعض ردد أن هذه الانتخابات كانت موجهة من قبل التيار المحافظ داخل الجماعة، كى يأتى محافظون جدد، وحتى لا تتكرر ظاهرة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح داخل المكتب؟

- هذا غير حقيقى، ويمكنك أن تسأل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح والدكتور عصام العريان، فهناك كثيرون يريدون أن يتاجروا باسميهما، فكلاهما رمز ضخم، أرى الدكتور عصام العريان من أفاضل الإخوان فى العالم أجمع، ولكن إذا ما كانت هناك آلية فى الانتخابات فلابد أن يحترمها الجميع.

■ لم نحصل على إجابة واضحة حول آلية تصعيد 5 من الإخوان لعضوية مكتب الإرشاد؟

- فى الحقيقة، لا أدرى كيف جرى تصعيد هذه الأسماء، ولكن ما أعلمه أن القواعد تقوم بالترشيح لدائرة أعلى حتى يتم التصويت من قبل مجلس شورى الجماعة.

■ تنحصر عضوية مكتب الإرشاد فى قيادات تراوحت أعمارهم بين السبعين والثمانين عاماً، وبعضهم لا يحضر اجتماعات المكتب الدورية.. ما تفسيرك؟

- لعل هذه المجموعة لديها من الخبرة والتجربة ما إذا تم استدعاؤهم فى اللحظات المهمة ليقولوا رأيهم ما يجعلهم يرجحون الوضع الصحيح بحكمتهم وخبرتهم، أما إذا حال ذلك بين حضورهم المكتب والتفاعل فعلى الجماعة أن تأخذ موقفا فى ذلك.

■ وأين تجديد الدماء وروح الشباب داخل الجماعة؟

- ما أعلمه عن مكتب الإرشاد، الآن، أن نسبة الشباب أكبر من نسبة العجائز «اللى زى حالتنا»، ومن الغريب أن أشخاص من خارج الإخوان يطالبون الجماعة بتجديد دمائها، رغم أن الإخوان هم المعنيون بالاختيار، الحالة السياسية لمصر مرتبكة وليست لها قواعد، وأن يُطلب من الإخوان فى مصر شىء موجود عندهم فعلاً وغير موجود عند نظرائهم، فهذا ظلم وتجن، والصحيح هو المطالبة بتجديد دماء الحزب الوطنى وبعض الأحزاب المفتوحة أمامها كل الأبواب.

■ ولكن من حق النخب أن تعلق على ذلك، كما من حقها التعليق على الظاهرة الإخوانية، كحق أصيل للمجتمع؟

- من حق المجتمع أن يعلق ويحلل، ولكن ليس من حقه التجريح والنقض، الجماعة محاصرة منذ ستين عاماً فيكفى أنها مازالت تعمل، وقد سُئلت قبل ذلك: لماذا لم تطور الجماعة عملها حتى الآن؟ فقلت: السؤال لابد أن يكون بشكل مختلف، كيف استمرت الجماعة طوال ستين عاماً؟ رغم الاعتقال وتخريب بيوت الناس والمصادرة وخلافه من الضغوط، ثم تطالبون بأن يسيروا كأى حزب فى العالم، المناخ فى مصر بما فيه من سوء وسلبيات غير صحى، فوارد أن تختار الجماعة أسلوباً يناسبها وتكون لها خطة للعمل لتحقيق أهدافها، لسنا فى مناخ عادل حتى يختار الإخوان قياداتهم بحرية، نحن فى مناخ شائك، كيف تطالب الإخوان بأن يكونوا نموذجاً أكاديمياً للأحزاب والهيئات.

■ ما آخر مرة أجريت انتخابات مكتب الإرشاد؟

- أظنها أجريت العام الماضى.

■ ما صلاحياتك كعضو مكتب إرشاد إذا كنت لا تعرف زمن إجراء آخر انتخابات بالتحديد؟

- ليس لى صوت انتخابى داخل مصر، وليست لى ولاية تنظيمية.

■ هى ليست ولاية ولكنها معلومة لم تتوافر لديكم؟

- لا أشارك فى الانتخابات فى مصر.

■ ولكنك فى بداية الحوار، قلت إن لك رأياً فى التصويت؟

- لا، لى تصويت فى الخارج، وأتحدث عن التصويت بالنسبة لمرشد الجماعة.

■ ذكرت أنك شاركت فى التصويت على اختيار أعضاء مكتب الإرشاد فى الداخل؟

- لا لم يحدث، نحن نتحدث على خطين متوازنين، كلامى عن إخوان الخارج فقط.

■ أليس غريباً أن تستخدم لغة حميمية فى خطابك أثناء التقريب بين السنة والشيعة، رغم ما يقال عن الطموح الإيرانى فى المنطقة؟

- إذا أعرضنا عن اللغة الحميمة فى خطابنا الإسلامى نكون قد جانبنا قرآننا الذى يقول «إنما المؤمنون إخوة»... ونقرأ فيه أيضاً «إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم فى شىء، إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون».. وحتى لا يقول أحد إن إحدى الطائفتين السنة أو الشيعة خارجة عن الملة، فإننا نكون أيضاً قد جانبنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى جاء فى البخارى وهو أصح الكتب عند أهل السنة بعد كتاب الله عز وجل الذى قال فيه «من شهد ألا إله إلا الله، واستقبل قبلتنا وصلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم له ما للمسلم وعليه ما على المسلم»..

وأؤكد لك أن هناك تراثاً هائلاً لدى أئمة الشيعة وعلمائهم يؤكد على هذه المعانى وليس تقية كما يشيع البعض دون أن ينكروا هم أن هناك فئة مغالية بينهم لا تلتزم بالفهم الصحيح للإسلام، كما أننا كأهل سنة نعترف أن بيننا فئة تماثلهم تكفر حتى بعض أهل السنة أنفسهم، ومهمتنا وواجبنا إصلاح الحال وإخراج الأمة من هذا المأزق، ولهذا فلغتنا لابد أن تكون حميمية صادقة، فلن يكون هناك تقريب وتجاوز خلافات أكثر من ألف سنة دفاعاً عن وحدة الأمة وعقيدتها إذا بقينا فى دائرة التنابذ وأسرى أحداث الماضى.

أما ما يقال عن الطموح الإيرانى فى المنطقة فلى قراءة أخرى بسيطة تقول إن منطقتنا العربية تعيش فى فراغ، فليس لديها استراتيجية للدفاع عن نفسها ولا حتى للتنمية والوحدة ومراعاة متطلبات المصير المشترك، مما جعل النفوذ الصهيونى وخلفه الأمريكى والغربى هو المسيطر والآمر الناهى، وطبيعى جداً أن تتحرك إيران كدولة للدفاع عن كيانها ومحاولة طرد النفوذ الأجنبى من المنطقة، وأندهش إذا لم تفعل إيران ذلك.

والحل الوحيد والمنطقى والمطلوب هو أن تسعى المنطقة إلى امتلاك إرادتها والتحرر من النفوذ الأجنبى والنظر إلى مصلحة المنطقة وشعوبها كأصحاب مصير واحد، وإيران كدولة داخلة فى هذه المنطقة وكذلك تركيا، ويمكن بالتعاون والتكامل فى إطار الهوية الواحدة التى تجمعها وهى الإسلام، نقل المنطقة إلى حال أفضل وأقوى إقليمياً ودولياً... أما أن نرهن إرادتنا للأجنبى يطعمنا ويسقينا ويقرأ لنا قصة قبل النوم ثم نقول إن لإيران أطماعاً فى المنطقة، فهذا كلام الأجنبى يضعه على ألسنتنا، وهذا رأيى بمنتهى البساطة.

■ ما رأيكم فى دعوى «التجريد» التى يطرحها البعض لتنقية فكر سيد قطب من الأفكار المتشددة؟

- أولاً: أرجو أن تكون هذه الدعوى الجديدة مخلصة فى توجهاتها وليست إحدى صور الحرب، التى يشنها البعض على الشهيد سيد قطب، التى مازالت مستمرة منذ أكثر من 45 عاماً عندما صدر كتابه الشهير «معالم فى الطريق».

وثانياً: أرجو من كل من يتعرض لفكر سيد قطب أن يكون فى مستواه العلمى والثقافى، وعندها يمكن أن نقبل منه حديثه أو نقده، ولا أدعى أو غيرى من جماعة الإخوان المسلمين أننا أوصياء على هذا الفكر أو أن الشهيد سيد قطب قد جعلنا باباً لفهم فكره، ولكنى شخصياً أتحدث عن الأستاذ سيد قطب يرحمه الله رحمة واسعة وعن فكره بمقدار ما استوعبته منه مباشرة، خصوصاً العالم الذى أثار البعض حوله غباراً يخفون به أغراضاً بعضها لغير وجه الله سبحانه وتعالى.

■ بحكم علاقتك الوثيقة بسيد قطب، ما صحة الأفكار المطروحة وما مواطن التشدد فى فكره؟

- أحب أن أؤكد وهذه شهادة ألقى الله بها عز وجل ومن خلال مصاحبتى للأستاذ سيد قطب واستماعى له واستفساراتى منه، لم أسمع منه على الإطلاق أى إشارة إلى ما أثاره البعض من قول إنه يكفر المجتمع أو يكفر الناس، وقد فوجئت بهذا الادعاء أثناء اعتقالنا فى السجن الحربى عام 1965، عاش تلك الفترة، يشعر بقيمة الرجل الأسد الذى لم يكن يملك غير قلمه ليدافع به عن دين الأمة وعقيدتها فى وقت وصل فيه الجبروت بأحد العلماء إلى أن يقول لحاكم مفاضلاً بينه وبين رسل الله الكرام (إذا كان عيسى قد أحيا فرداً، فأنت قد أحييت أمة)، ويقبل منه هذا الحاكم قوله بل وينقله إلى منصب أعلى، ولا يدرك الناس ولا الحاكم نفسه أنه قد تجاوز فى حق الله وفى حق أمانته تجاه شعبه وأن مثل هذا السلوك فيه جاهلية تسربت إلى الناس دون أن يدرى.

■ كثر الجدال حول برنامج حزب الإخوان وأسباب طرح البرنامج وكثرة علامات الاستفهام حول توقف البرنامج، ما أسباب ذلك؟

- جيد جداً أن يثار الجدل حول برنامج حزب الإخوان الذى قدمته الجماعة، فهى أساساً قد طرحته حتى يناقشه الناس ويقولون فيه ما يريدون قوله حتى إن كان القول معارضا لما جاء فى البرنامج.

أما أسباب الطرح فأحد وجوهها لا يتصور النظام أن جماعة الإخوان المسلمين لديها شىء تخفيه وأن يعلم الناس ذلك أيضاً وتبطل حجة «حبايبنا بتوع الأمن» التى لا يجيدون غيرها، وهى الكلام عن التنظيم السرى الذى يأكلون به عيشهم وعيش الشعب أيضاً، والبرنامج أيضاً لم يتوقف أصلاً بمعنى أن إعادة النشر من حق الجماعة.

■ ما رأيكم بصراحة فى نقاط الاختلاف التى أثارها بعض السياسيين حول هذا البرنامج ولاسيما ولاية المرأة والقبطى لرئاسة الجمهورية؟

- هى نقاط خلاف ليست جديدة ولا استحدثها البرنامج.. فولاية المرأة وغير المسلم فى الدولة المسلمة أمر مطروح لدى الفقهاء وعلماء السياسة الشرعية منذ زمن طويل، والأمر له شقان:

أولهما، اختيار الجماعة الفقهى وترجيحها لرأى على رأى آخر وهو ما تم بالنسبة للمرأة وغير المسلم فى البرنامج حول تولى الولاية العامة وتوصيف الولاية العامة نفسها.. ولعل شكل الدولة المصرية الحالى وتركيز السلطة فى يد رئيس الجمهورية وفقاً للدستور الحالى كان له أثره فى هذا الاختيار، ولو كان الأمر مختلفاً فلربما كان الاجتهاد مختلفاً أيضاً.

وأيضاً مراعاة الحالة الفكرية للأمة سواء داخل مصر أو فى محيطها، وقديماً راعى الفقهاء ذلك فى أمور أدق من هذا الأمر وأكثر حساسية، كما فعل الإمام الشافعى، الذى عرفت عنه أحكام ناسبت العراق، وغيرها لاءمت بيئة مصر فى ذلك الزمان الذى لم تنفتح فيه شعوب المنطقة والعالم على بعضها البعض كما هو عليه الآن.

وثانيهما: الموقف السياسى وهو التزام الجماعة بالصدق والشفافية فى طرح آرائها على الناس دون إخفاء لحقيقة ما تؤمن به وتعتقد، والشعب بعد ذلك هو صاحب الكلمة، إما أن يوافق على برنامجها أو يرفضه.

■ ما القضايا التى ترونها على درجة من الأهمية وكان لابد أن يحتويها البرنامج؟ ومتى تخرج النسخة النهائية من البرنامج؟

- بعد الندوة التى عقدها مكتبنا هنا فى لندن ودعا إليها مجموعة من رجال الفكر والدعوة والسياسة لمناقشة البرنامج كما دعى إليها الدكتور سعد الكتاتنى أيضاً، أتصور أن هناك نقطة تحتاج إلى مزيد من الإيضاح وإعادة صياغة وهى مسألة إنشاء مرجعية التشريعات لأن البعض فهم من الصياغة الحالية أن هناك وصاية دينية على الهيئة التشريعية والأمر ليس إضافة إلى حسم موضوع ولاية المرأة وغير المسلم مع إعادة صياغة أهداف ومنطلقات قطاع الخدمات فى الدولة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية