1- تيتر
يتجول المعلم مدبولي بسبحته في السوق بعد صلاة العصر في الجامع الكبير، وفي المساء يغرس سكينه في قلب الزوجة المريضة متصورا أنها الشاويش خميس.
هكذا يرسم الفنان الرائع السيد بدير الشخصية المزدوجة للمعلم مدبولي في فيلم «رصيف نمرة خمسة» للمخرج نيازي مصطفى.
2- موعظة
الكلام سهل، ومن وظائفه المعكوسة أنه يستخدم للتضليل كما يستخدم للتوصيل، لذلك أنصحك نصيحة قديمة طالما نصحتني أنت بها: لاتنخدع بالكلام، فهو ليس «مربط الفرس»، المحك هو التاريخ (وليس الواقع فقط)، هذا يعني ضرورة وضع الكلام في سياق يبدأ من الماضي ويمتد إلى المستقبل مرورا باللحظة التي نعيشها.
3- مثال
خرجت جبهة 30 يونيو لإزاحة جماعة الإخوان لأنها خطر على الدولة، والدولة بتعريف مبسط مجرد تجسيد معاصر لتنظيم علاقات مستقرة ومتوازنة بين مجموعات من الناس يضبطهم دستور توافقي وقوانين لا تعرف زينب.
4- نتيجة
إذن أنا مع الدولة، وأنت مع الدولة، وهو مع الدولة، وهي مع الدولة، والخارج منبوذ!
5- مشكلة
يقول الجامعي: إن الدولة، ويجيب/ ويقول السائق: إن الدولة، ويجيب/ يقول الشريف: إن الدولة، ويجيب/ يقول اللص: إن الدولة، ويجيب/ يقول الحاكم، ويقول المحكوم، يقول الإخواني والليبرالي والشيوعي وحزب الكنبة، وتختلط الأقوال، حتى لم نعد نعرف ما المقصود بدعم الدولة، ولا أهداف من يدعمونها، ولا من يحاربونها!
نقول: إن قانون التظاهر سلب للحريات/ يقول الآخر: إنه ضرورة لمواجهة الإرهاب
نقول: المساواة/ يقولون: المنافسة وخلقنا درجات.
نقول: القانون/ يقولون: الضرورة والطوارئ.
نقول: الخطة والعلم/ يقولون: بطلوا سفسطة وفذلكة.
نقول: هذا فساد/ يقولون: هذه شطارة وجسارة ونجاح.
لقد تبرعت لصندوق تحيا مصر، وأدعم السيسي ضد الإخوان، واستعد لمنعهم من التسلل للبرلمان، وأغني تسلم الأيادي.
6- فلاش باك
خرجت جبهة 30 يونيو لإزاحة جماعة الإخوان لأنها خطر على الدولة، والدولة بتعريف مصري مبسط مجرد تجسيد متخلف لتنظيم علاقات مستفزة ومتوارثة بين مجموعات من الناس يضبطهم دستور الفهلوة، وقوانين «متفصلة» على المقاس.
7- القناع
يجلس خميس داخل المسجد حتى ينتهي المعلم مدبولي من صلاته، ثم يسأله بود: أمال سبحتك فين يا معلم؟
مدبولي بنظرة زائغة: والله يا ابني نسيتها في البيت.. خير؟!
يحرك خميس حبات السبحة المفروطة في يده وهو يقول: أصل أنا لميتهالك
يقف مدبولي رافعا يديه: «الله أكبر» ليهرب من الموقف في حماية الصلاة
8- الوجه القبيح
إذا كانت جبهة 30 يونيو قد خرجت لإزاحة جماعة الإخوان لأنها خطر على الدولة، فإن الدفاع عن الدولة يقتضي إزاحة أي جماعة تمثل خطرا عليها، وجماعة الفساد هي الجماعة التي تشكل الآن أكبر خطر يهدد الدولة، بصرف النظر عن الشعارات التي تتغنى بمصر وتغازل أركان السلطة ليس بهدف دعم الدولة ولكن «ابتلاعها».. بالبلدي كده: هم يدعمون دولتهم، وحظوظهم من السلطة والتحكم في صناعة القرارات، والاستيلاء على مفاتيح الثروة والحركة حسب مخططاتهم، فقد بدا واضحا أن الحزب الوطني لم يكن مجرد حزب سياسي، لكنه طبقة من العصابات المنتفعة من استمرار الفساد والرشوة وغياب القوانين.
لقد توحشت دولة المال السياسي، وصارت مافيا مرعبة أكبر من الدولة نفسها، إنهم يلعبون نفس «لعبة الاستحواذ» التي سعى إليها الإخوان بغطاء ديني، ولذلك يجب الانتباه لصراع المصالح الذي تديره جماعات الضغط المالي لابتزاز الدولة وتسخيرها لخدمة مصالح الجناح الآخر من طبقة الفاسدين (الجناح المدني)
9- أسئلة
هل فكرت في تبعات تفكيك نقابة الصحفيين التي يسعى إليها المتحفزون؟
هل يتعارض تأسيس غرفة لصناعة الصحافة مع وجود النقابة ودورها؟
هل سألت عن مؤشرات الصعود والهبوط في البورصة وعلاقتها بالقرار السياسي؟
هل تعرف أعداد المسؤولين السابقين والحاليين الذين يعملون بأجر في خدمة لوبي الفساد؟
هل تعرف حجم اختراق أجهزة الدولة من جانب الجماعة المحظورة والحزب المنحل؟
هل تصدق أن بناء دولة جديدة قوية عصرية يمكن أن يتم في ظل وجود هذا الاستحواذ من الطرفين المتنافسين؟
10- المأساة
شعب يعيش بين وحشين: الأول يجذبه بالدين ثم يضع على رقبته سيف الإرهاب، والثاني يداعبه بالمال ولقمة العيش، ثم يمتص دمه بالفساد
11- تيتر
سرب حمام ينطلق بحرية في السماء، بينما رجل العصابة يشرف على تدمير «الغية» حتى لا يتعرف البوليس على وكر العصابة.. لا تستصغروا تأثيركم مهما كان بسيطا، لاتستهينوا بالأمل مهما كان ضعيفا.