x

سليمان جودة لا هو دولة ولا هى إسلامية! سليمان جودة الإثنين 17-11-2014 21:17


فى اللحظة التى جرى فيها الإعلان عن إعدام الصحفى الأمريكى «بيتر كاسيج»، أمس الأول، على يد تنظيم «داعش» الإرهابى، كان من الطبيعى أن يسعى كل واحد فينا، إلى هذه الفضائية أو تلك، ليعرف تفاصيل أكثر عن الموضوع.

وبطبيعة الحال، فإن كل واحد بيننا يذهب إلى الفضائية الإخبارية، التى يتوقع أن يجد فيها ما يريده، ثم يتوقع منها ما هو أهم مما يريده، وهو أن تكون أمينة معه فى نقل ما يحدث، وألا تلون الأخبار أمام عينيه!

من جانبى، كنت قد استعرضت عدداً منها سريعاً، ثم توقفت، بالمصادفة البحتة عند «B.B.C» الناطقة باللغة العربية، فأفزعنى وهالنى ما قرأت على شريط الأخبار فيها.. لقد ورد الخبر على شريطها الإخبارى، على النحو التالى: «أوباما يؤكد مقتل الصحفى (بيتر كاسيج) على يد تنظيم الدولة الإسلامية».. ثم: «ضربات التحالف تصيب نقاط تفتيش للدولة الإسلامية فى غرب العراق»!

وسوف تلاحظ أنت هنا، أنه لا وجود مطلقاً لاسم داعش الذى شاع بين الناس، وأن القناة وضعت فى مكانه اسم «الدولة الإسلامية» عن قصد، وعن عمد تماماً، لأن القائمين عليها، كفضائية، يعرفون جيداً أن فرقاً كالذى بين السماء والأرض، أن تقول «داعش» ثم أن تقول «الدولة الإسلامية»!

يعرفون ذلك جيداً، ومع ذلك، فإنهم تجاهلوا الاسم المعروف بين الجميع، وركزوا طول الوقت على اسم «الدولة الإسلامية»، لدرجة أن بعض المشاهدين يمكن أن يظن لأول وهلة أن «الدولة الإسلامية» هذه إنما هى تنظيم جديد، لا علاقة له بداعش الذى يسمع اسمه كل يوم!

تصميم B.B.C على أن تسمى «داعش» الدولة الإسلامية، وتصمم على أن تتجاهل الاسم الشائع والحقيقى، حتى يترسخ فى أذهان المشاهدين أن الإعدام الذى وقع فى حق الصحفى الأمريكى، قد قامت به الدولة «الإسلامية» تحديداً.. وحين أضع أنا، كلمة الإسلامية بين أقواس هكذا، فإننى أريد أن أنبهك إلى الخدعة التى تريد B.B.C أن تنطلى على مشاهديها، وتريد أن تروج لها، على أوسع نطاق، وهى أن الذى أعدم، والذى ذبح، والذى قتل، والذى مارس ويمارس الإرهاب، ليس دولة، وفقط، وإنما دولة «إسلامية»!!.. مع أن إدارة القناة على يقين من أن داعش لا هو دولة، ولا دولته إسلامية، إذا افترضنا نظرياً أنها دولة!

الإدارة على يقين من ذلك، ومع ذلك ظل شريط الأخبار يدور وعليه هذا التلويث المقصود من جانب القناة لكل ما هو إسلامى، وهو ما لم يكن له أى أثر على قنوات أخرى تحترم عقول مشاهديها، وأعنى قنوات مثل «العربية» أو «سكاى نيوز عربية» أو حتى «الحرة» الأمريكية، التى لم أصدق عينىّ، حين قرأت على شريط أخبارها، أن أوباما يقول، إن تنظيم «داعش» لا يمثل الإسلام الذى كان «بيتر» قد اعتنقه قبل إعدامه، وكان قد أطلق على نفسه اسم «عبدالرحمن» بدلاً من «بيتر»!

لم أصدق عينىّ، لأن هذه الجملة على لسان أوباما، رغم أنها حقيقة، إلا أنها تظل بلا قيمة، لأن صاحبها يقولها كثيراً، ولا يعمل بمقتضاها إزاءنا، لا كثيراً، ولا قليلاً!

«الحرة» الأمريكية تسمى الأشياء بمسمياتها، بينما B.B.C تصر على أن «داعش» دولة.. بل إسلامية!

إنه سقوط لها، فى نظر مشاهديها، إلى بئر بلا قاع.. وإلا.. فما هو مصير قناة تخاطب مشاهدها بهذه الدرجة من الإهانة والاستهانة معاً؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية