«هنا.. في هذه الأرض وجدت رسالتي.. كل ما أعرفه هو أن لدي فرصة لعمل شيء ما هنا.. لاتخاذ موقف.. لإحداث فرق»، كانت تلك كلمات الرهينة الأمريكي، بيتر كاسيج، الذي أعلن تنظيم «داعش» ذبحه في تسجيل فيديو السبت الماضي، في رسالته الأخيرة لوالديه. ونقلت صحيفة «جارديان» عنه قوله أنه «رومانسي، مؤمن بالقضايا الإنسانية الميؤوس منها»، وقالت إنه رجل معروف بالتزامه لتحسين حياة الآخرين، ومساعدة المنكوبين.
لم يشفع تحول بيتر، الذي غير اسمه إلى عبدالرحمن، إلى الإسلام له عند «داعش» الذي انتقم منه وذبحه عقابا للولايات المتحدة على إرسال جنود أمريكيين للقتال في العراق، كما لم تنفعه كل الدعوات التي أطلقها أصدقاؤه للإفراج عنه، وكذلك مناشدات والديه وتوسلهما لزعيم التنظيم، أبوبكر البغدادي، للعفو عن ابنهما، حيث ارتدت أمه بولا الحجاب ووجهت رسالة للبغدادي تسأله العفو عن ابنها.
يقول والدا كاسيج إنهما يشعران بالحزن، لكنهما فخوران بابنهما لأنه فقد حياته في سبيل ما آمن به، نتيجة لحبه للشعب السوري ورغبته في تخفيف معاناتهم، وإنهما سيعملان دوما للحفاظ على إرثه ورسالته.
في إبريل 2007، خدم كاسيج في العراق كجندي أمريكي، ثم عاد إلى بلاده في يونيو من نفس العام، وتم تسريحه من الجيش في سبتمبر بسبب حالة طبية غير معلنة. بعدها، التحق كاسيج بجامعة بتلر في ولاية إنديانا، لدراسة العلوم السياسية، وتخرج في عام 2012، ثم بدأ في العمل التطوعي في منظمة «سيرا»، بعد أن تدرب عليه خلال خدمته في الجيش.
وفي مارس 2012، ذهب كاسيج، إلى بيروت في عطلة الربيع، بعد إنهاء دراسته، ورأى معاناة وموت الشعب السوري الذي شرده الحرب، فقرر بدلا من العودة إلى وطنه، البقاء للمساعدة، وقال لأهله في رسالة إنه عاش حياة الأنانية، وإنه لا يستطيع الاستمرار في ذلك. وعمل كاسيج البالغ من العمر 26 عاما، مسعفا في مدينة دير الزور السورية قبل أن يخرج منها بعد سيطرة «داعش» عليها، ورافق الكوادر الطبية لمعالجة المقاتلين بأخطر المناطق وأكثرها سخونة خلال الاشتباكات مع قوات النظام، ثم تم اختطافه من قبل التنظيم في أكتوبر عام 2013، وذلك خلال إدخاله شحنة أدوية إلى مدينة دير الزور.
ونقلت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية عن والديه قولهما إن رحلته لاعتناق الإسلام بدأت قبل اعتقاله، ووفقا لتغريدة لهما، فقد لاحظا صيام ابنهما لشهر رمضان بين شهري يوليو وأغسطس عام 2013، أي قبل خطفه ببضعة أشهر. وبعد خطفه، كان كاسيج محبوسا في زنزانة مع مسلم متدين، حيث كان يبعث لوالديه في رسائل أنه يصلي 5 مرات في اليوم، وأن إيمانه يعطيه الراحة، وقال: «أنا في وضع معقد، ولكني مؤمن بما أعتقد».