x

«زي النهاردة».. وفاة ياسر عرفات 11 نوفمبر 2004

الثلاثاء 11-11-2014 08:35 | كتب: ماهر حسن |
صورة أرشيفية للزعيم الراحل، ياسر عرفات، رئيس السلطة الفلسطينية السابق. 
صورة أرشيفية للزعيم الراحل، ياسر عرفات، رئيس السلطة الفلسطينية السابق. تصوير : other

غاب عن دنيانا في مثل هذا اليوم الزعيم الذي جسد كل الفلسطينيين بعد مسيرة عطاء بدأها بالعمل السرى، وتمكن خلالها من تنظيم الفلسطينيين والعمل على أن يدركوا هويتهم الفلسطينية رغم تشتتهم في مختلف المناحى، ونجح شيئا فشيئا في فرض وجوده كرجل يجمع حوله الفلسطينيين ويجسد تطلعاتهم وأن ينقل قضية شعبه من قضية انسانية للاجئين يبحثون عن مأوى إلى حركة تحرر وطنى لأرض تتحرر وشعب يقيم دولته، ووضع القضية الفلسطينية على الخارطة السياسية العالمية، والتصق اسمه بالقضية الفلسطينية فإن ذكرت فلسطين ذكر اسمه، وإن ذكر اسمه ذكرت القضية الفلسطينية، إنه الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي يصادف اليوم الذكرى العاشرة على رحيله التي لا يزال يكتنف الغموض أسباب وفاته.
محمد ياسر عبدالروؤف داود سليمان عرفات القدوة الحسيني، أو كما كان يلقبه رفاقه بأبوعمار، ولد في 4 أغسطس عام 1929، ووالده من عائلة القدوة بمدينة خان يونس بقطاع غزة، وهى أحد فروع عائلة الحسينى المقدسية، وكان يعمل بالتجارة وتنقل منذ عام 1927 حتى وفاته عام 1948 بين القاهرة وخان يونس والقدس، وكانت له منازل في المدن الثلاث، ويعد عرفات السادس بين اخوته الأشقاء.
وهب عرفات نفسه للقضية الفلسطينية فلم يتزوج إلا بعد أن جاوز سن الستين من السيدة سها الطويل في تونس عام 1990، وانجبت له ابنتهما عام 1996 وأطلق عليها اسم والدته ( زهوة).
نشأ ياسر عرفات في أجواء أسرية حميمة برعاية والده وأمه زهوة التي كانت تقيم في القاهرة وتتردد كثيرا على القدس وهو معها حتى وفاتها سنة 1933 بمرض في الكلى وعرفات ما زال دون الرابعة من عمره.
وبعد وفاة والدته، أرسله والده إلى القدس وعاش طفولته المبكرة ليشهد في القدس إرهاصات وبدايات ثورة فلسطين عام 1936، ونشأ في وسط يعج بالمناضلين الوطنيين الأمر الذي أثر عليه كثيرا.
وفي العام التالي للثورة، انتقل عرفات ليعيش في كنف والده بالقاهرة، وأنهى تعليمه الأساسي والمتوسط في القاهرة حيث اكتسب في تلك الفترة لهجته المصرية التي لم تفارقه طوال حياته.
ثم التحق بكلية الهندسة في جامعة الملك فؤاد (جامعة القاهرة حاليا) حيث تخصص في دراسة الهندسة المدنية، وأثناء فترة دراسته كون رابطة الخريجين الفلسطينيين التي كانت محط اهتمام كبير من جانب وسائل الإعلام المصرية آنذاك، وأثناء الدراسة تعرف على الحاج أمين الحسينى مفتى فلسطين الذي أقام بها بعد نكبة فسطين عام 1948، وأخذ يتلمس الطريق إلى تحرير وطنه حتى تخرج من الكلية عام 1951.
وسافر إلى الكويت وعمل مهندسا معماريا، وبدأ عرفات بتشكيل مجموعات من أصدقائه الذين لجأوا إلى الكويت قادمين من غزة، وتطورت تلك المجموعات حتى كونت حركة عرفت باسم (حركة فتح) التي كرست جهودها المبذولة في كفاحها المسلح من قبل الفلسطينيين لتحرير فلسطين.
وفى مؤتمر القمة العربى الأول عام 1964 ـ الذي دعا إليه الرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر ـ أنشئت منظمة التحرير الفلسطينية لتعبر عن ارادة شعب فلسطين، ولتكون هناك هيئة تطالب بحقوقه وتقرير مصيره، وانتخب أحمد الشقيري رئيسا لها، وتولى بعده يحيى حمودة رئاسة المنظمة عام 1967، وبعد ذلك انتخب المجلس الوطني الفلسطيني ياسر عرفات رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1969، ليبدأ بذلك عرفات مرحلة جديدة في حياته، منذ ذلك الحين فجاب الأرض من مشرقها لمغربها واعيا لقضيته فليست هناك عاصمة إلا وزارها وزعيما أو رئيسا إلا وقابله.
وأصبح عرفات في مقدمة المشاركين في منظمة المؤتمر الإسلامى التي تشكلت عام 1969 بعد حريق المسجد الأقصى والقمم الأفريقية وقمم دول عدم الإنحياز التي عقدت، وانتخب أكثر من مرة نائب للرئيس في القمة الإسلامية وقمة عدم الإنحياز.
نجح عرفات ومنظمة التحرير في انتزاع قرار من القمة العربية في الرباط في أكتوبر عام 1974 بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى، وهو القرار الذي أدى إلى اعتراف معظم دول العالم بالمنظمة وبحقوق الشعب الفلسطينى وقاومته الولايات المتحدة واسرائيل لتسعة عشر عاما حتى جرى الإعتراف المتبادل بين الجانبين في اتفاق أوسلو عام 1993.
ألقى الزعيم الفلسطيني خطابا تاريخيا هاما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 نوفمبر 1974 الذي اختتمه بكلمته المشهورة، قائلا «إننى جئتكم بغصن الزيتون مع بندقية الثائر، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدى».
أقام عرفات قيادته السياسة لمنظمة التحرير الفلسطينية في تونس بعدما خرج من لبنان بعد أن صمد ورجاله في بيروت ما يزيد عن ثمانين يوما دون أن تتمكن اسرائيل من اجتياحها، بينما توزع مقاتليه على دول عربية أخرى في الجزائر واليمن والعراق.
اندلعت الانتفاضة الفلسطينية ضد الإحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1987 التي أيدها عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية، وبدأت الولايات المتحدة تقر بأنه لا يمكن اقرار السلام في الشرق الأوسط إلا بايجاد حل للقضية الفلسطينية، وبدأت اتصالات عربية فلسطينية أسفرت عن توقيع اتفاق بالاعتراف المتبادل بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية وإقامة سلطة الحكم الذاتى في الأراضى التي تنسحب منها اسرائيل، ووقع مع اسحق رابين رئيس الوزراء وشيمون بيريز وزير خارجيته في ذلك الوقت بحضور بيل كلينتون اتفاق اقامة سلطة الحكم الذاتى أو ما عرف باتفاق اوسلو في 13 سبتمبر 1993.
وفى الأول من يوليو 1994، عاد الرئيس ياسر عرفات إلى غزة، حيث أحاط به مئات المواطنين يرحبون بمقدمة حتى احتشد الألوف منهم ليعلن وسط هذه الحشود بدء العودة وأقام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وفى يناير 1996، جرت انتخابات لرئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية فانتخب عرفات رئيسا للسلطة وقد شهد هذه الانتخابات مراقبون من الأمم التحدة والدول العربية والأوروبية وعلى رأسهم جيمى كارتر الرئيس الأمريكى الأسبق.
بدأ عرفات مرحلة الإعمار والبناء في الاراضى المحررة وأقام شبكات المياه والكهرباء والمدارس والمستشفيات والمطار، وفى 24 سبتمبر 1995 وقع عرفات في طابا على اتفاق مع اسحاق رابين رئيس الحكومة الإسرائيلية حينذاك ينص على انسحاب اسرائيل من المدن الرئيسية في الضفة الغربية، وبالفعل انسحبت اسرائيل بموجبه من هذه المناطق.
وفى 1997 وقع عرفات مع بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة اتفاقا لاعادة مدينة الخليل إلى الفلسطينيين ضمن أراضى السلطة الفلسطينية، وفى عام 1998 أبرم اتفاق (واى ريفر) بالولايات المتحدة برعاية الرئيس بيل كلينتون وتضمن نقل أراض جديدة بالضفة الغربية إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، وفتح معبر آمن بين غزة والضفة مقابل تعهد فلسطينى (بمقاومة الارهاب)، وهو ما عرف باسم الأرض مقابل السلام.
توترت الأوضاع في الأراضى المحتلة عقب فشل مفاوضات عرفات مع ايهود باراك حول الانسحاب من القدس الشرقية وعودة اللاجئين الفلسطينيين، وأعقب ذلك زيارة ارئيل شارون إلى المسجد الأقصى لتؤدى إلى صدامات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال سقط فيها شهداء فلسطينيين، فاندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية والتي عرفت باسم (انتفاضة الأقصي)، ولم يستطع عرفات السيطرة على الموقف بسبب العدوان المستمر الذي تصاعد ليصل إلى حد اعادة احتلال المدن الفلسطينية بالضفة الغربية.
وساءت علاقات عرفات بالولايات المتحدة الأمريكية التي تبنت وجهة النظر الإسرائيلية، حيث زعمت اسرائيل والولايات المتحدة أنه لم يتخذ ما يجب من إجراءات لوقف ما تسمياه الإرهاب الفلسطيني.
وحاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلى ياسر عرفات في مقره الرئاسى بمدينة رام الله في أواخر شهر مارس عام 2002 عقب الاجتياح الإسرائيلي لمدن الضفة الغربية، ثم سمحت له لاحقا بالتحرك في نطاق ضيق داخل الضفة الغربية، ثم عادت وفرضت عليه الحصار مجددا إلى أن تدهورت صحته، ونقل يوم 27 أكتوبر 2004 إلى فرنسا عبر الأردن، وتوفي في مستشفى بيرسى غربى باريس يوم 11 نوفمبر 2004، ولم يعرف بدقة سبب وفاته حتى الآن.
يذكر أن عرفات حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1994 بالاشتراك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين ووزير خارجيته شيمون بيريز .

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية