x

إبراهيم البحراوي الأقصى بين استراتيجية إسرائيل واقتتال المسلمين إبراهيم البحراوي الإثنين 10-11-2014 21:02


رسالة وصلتنى من نقيب المحاسبين فى القدس الشريف، الأستاذ نصار يقين، تحتفى بمقالى الثلاثاء الماضى، تحت عنوان «أيعود الوعى للمسلمين ويلتفتون للأقصى». محتوى الرسالة من أحد المجاورين للمسجد الأقصى والغيورين على مسرى الرسول محمد - عليه الصلاة والسلام - يدل على أمرين، الأول أن المسلمين الخاضعين للاحتلال الإسرائيلى الحقير منذ عام 1967 مازالوا صامدين فى التصدى لمخططات هدم أولى القبلتين وثالث الحرمين، يقدمون طوابير متتالية من الشهداء كل يوم لمنع المتطرفين اليهود من تنفيذ هدفهم المرحلى، وهو اقتسام الوقت مع المسلمين فى المسجد كما فعلوا فى الحرم الإبراهيمى فى الخليل، ومنعهم من هدفهم النهائى المعلن وهو هدم الأقصى وبناء هيكل يهودى على أنقاضه.

الأمر الثانى أن هؤلاء المسلمين المقدسيين المرابطين فى بسالة يتوقعون منا فى الدول المسلمة المتحررة من الاحتلال الأجنبى، التى تملك قرارها وإرادتها، أن نسارع بكل الطرق لنجدة المسجد الأقصى، إننى رداً على رسالة نقيب المحاسبين فى القدس أعد المقدسيين أن قلمى لن يترك هذه القضية راجياً من الله أن يوفقنى فى تحقيق دعوتى لوقف الفتنة العظمى التى تعصف بوطننا العربى قلب الأمة الإسلامية، إن استمرار فتنة الاقتتال بين الشيعة والسنة فى العراق وسوريا واليمن، واستمرار الاحتراب بين جبهتى فجر ليبيا الإسلامية وعملية الكرامة فى ليبيا واتصال الهجمات الإرهابية فى مصر والجزائر وتونس - هو أمر بمثابة الانتحار الجماعى للمسلمين.

إننا لا نلتفت إلى دلالة أول هجوم إرهابى على المصلين فى المسجد الأقصى فى يوم عيد مولد النبى موسى عام 1920، تأملوا معى هذا الهجوم لتفهموا البديهى. لقد تولى القيام بالهجوم فلاديمير جابوتنسكى، مؤسس حركة الصهيونية التنقيحية التى يمثلها اليوم حزب ليكود الحاكم برئاسة نتنياهو، أعد جابوتنسكى عصابته التى أصبح اسمها بعد ذلك فى الأربعينيات الأرجورن تسفائى ليؤمى تحت قيادة مناحيم بيجين، وشاركت فى مذبحة قرية دير ياسين فى إبريل 1948 بدور رئيسى، ترقب جابوتنسكى يوم عيد مولد النبى موسى الذى اعتاد فيه المسلمون فى فلسطين التجمع فى المسجد الأقصى للصلاة ثم زيارة ضريح النبى موسى فى أريحا، وما إن سجد المسلمون فى المسجد حتى انهال عليهم جابوتنسكى وعصابته من كل اتجاه بالقنابل والرصاص، فأوقع منهم مائة وسبعين قتيلاً ومئات الجرحى. هل تسألون أيها القراء الأعزاء لماذا ارتكب جابوتنسكى هذه المذبحة، أم أن البديهى لا يجب شرحه؟!

تأملوا الجانب الثانى فى الجريمة، لقد هاج المسلمون ضد سلطات الانتداب البريطانى، فاضطرت على استحياء لامتصاص غضبهم وتجنب ثورة شعبية إلى القبض على جابوتنسكى وعصابته ذراً للرماد فى العيون، هيأت تلك السلطات للإرهابى ورجاله زنازين مزودة بكل وسائل الراحة، وسمحت لهم باستقبال نسائهم فى خلوه حتى لا يشعروا بالحرمان من شىء، وفى النهاية أطلقت سراحهم ليواصلوا نشاطهم الإرهابى.

هل تشرح الواقعة لكم - سادتى القراء - طبيعة التحالف المبكر والمستمر إلى اليوم بين قوى الاستعمار الغربى والحركة الصهيونية؟! إن ما يجرى اليوم من تهجمات على المسجد الأقصى ليس سوى استمرار لنهج هذا التحالف الإجرامى ضد كياننا وضد مقدساتنا. لقد مر العرب والمسلمون بمرحلة سابقة كانت فيها إرادة حكامهم تحت سيطرة الغرب فى الحقبة الاستعمارية، فكانت مقاومتنا لمخطط سلب فلسطين ضعيفة عام 1948.

وجاءت مرحلة ثانية امتلك فيها الحكام العرب إرادتهم، وأنجبت هذه المرحلة حالة وحدة فى الهدف، فتجمعت عناصر القوة، وحضرت تحضيراً ممتازاً لحرب أكتوبر 1973 التى عصفت بالجيش الإسرائيلى، ومرغت المخابرات الإسرائيلية فى وحل الفشل.

إن دراستى للوثائق الإسرائيلية التى نشرت بـ«المصرى اليوم» على حلقات اعتباراً من أول أكتوبر 2014 - كشفت عن دلائل قاطعة بأن أمريكا لم تقف عند حد إرسال العتاد والطائرات فيما يعرف بالجسر الجوى الأمريكى، بل إنها أرسلت مجموعة لقيادة العمليات سبقت الجسر، وأرسلت فى هذا الجسر قوات مقاتلة دون تدخلها ما كانت إسرائيل نجت من هزيمة كاملة ماحقة.

دعونا الآن نربط بين ما كشفت عنه شهادة وزير الحرب موشيه ديان السرية أمام لجنة أجرانات وبين الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة التى وضعت بذورها فى الثمانينيات لاتقاء خطر العرب ومنع تكرار حرب أكتوبر.

لقد أوضح ديان أمام لجنة أجرانات بعد الحرب أنه برىء من مسؤولية الهزيمة، لأنه لم يكن لديه مصادر معلومات سوى المخابرات الإسرائيلية والمخابرات الأمريكية، وكلتاهما اتفقتا على استبعاد وقوع هجوم مصرى سورى، رغم أن المخابرات الأمريكية تصورت لعدة أيام بين 13 سبتمبر و6 أكتوبر 1973 أن المصريين يعدون لهجوم فعلى وليس مناورة.

المعنى الجوهرى هنا أن المخابرات الأمريكية تعمل بصورة يومية مع المخابرات الإسرائيلية، وتشاركها التخطيط والتدبير، هذا جانب، أما الجانب الآخر، فهو الاستراتيجية التى وضع فكرتها الأولية الدبلوماسى الإسرائيلى عوديد يانون فى دراسة باللغة العبرية نشرتها مجلة كيفونيم الناطقة باسم الحركة الصهيوينة فبراير 1982، أى بعد تسع سنوات من حرب أكتوبر.

باختصار: اقترح يانون وضع استراتيجية لإسرائيل تهدف إلى تفجير التناقضات فى جميع الدول العربية والمساعدة على فتن وحروب أهلية تنتهى إلى تفتيت كل قطر عربى. ترى هل تملك إسرائيل بمفردها تحقيق هذا؟! لنا عودة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية