x

«المغتربون» يدفعون ضريبة «عنف الإخوان» بجامعة الأزهر

السبت 08-11-2014 21:00 | كتب: ريهام العراقي |
مسيرة لطالبات الإخوان بجامعة الأزهر فرع الزقازيق مسيرة لطالبات الإخوان بجامعة الأزهر فرع الزقازيق تصوير : آخرون

لم تنشغل يوما عن دراستها، رغم مساعدتها والدها فى عمله «أجيرا» بالأرض الزراعية.. تمسكت بحلمها فى الالتحاق بكلية الطب ليفتخر بها والدها وسط عائلتها وجيرانه، ودأبت على المذاكرة طوال 13 ساعة متواصلة.. يوما تقترض من زميلاتها مُذكرات خارجية تساعدها على فهم دروسها الصعبة لعدم قدرتها على شرائها، ويوما آخر تلجأ إلى مدرسة شابة تتعاطف مع ظروفها المادية القاسية لتشرح لها ما عجزت عن فهمه.

جاء يوم نتيجة الثانوية اﻷزهرية لتحصل شيماء عبدالحافظ، ابنة السابعة عشرة، على مجموع 98%، وتنطلق الزغاريد داخل بيتها المتواضع فى قرية بمحافظة البحيرة، ويستقبل والدها الرجل الخمسينى أقاربه للتهنئة، وتحتضن شيماء شهادة تفوقها وثمرة تعبها طوال السنوات الماضية، إﻻ أنها لم تكن تعلم أنها ستخطو أولى خطواتها الصعبة داخل جامعة اﻷزهر بنات بمدينة نصر.

بعباءتها الفضفاضة وخمارها اﻷبيض وابتسامتها الخجولة، وقفت شيماء أمام جامعتها فى اليوم اﻷول للدراسة، تتفرس الوجوه وسط زحام الطالبات، ويجول فى خاطرها سؤال دون سواه: «هو انا هاعيش ازاى وسط الزحمة دى؟!».

تخطو شيماء خطوات صعبة إلى أحد شبابيك الإدارة لتسأل إحدى الموظفات عن ميعاد تسكين المدينة الجامعية، إﻻ أن الموظفة تجيب عنها بإجابة مقتضبة: «لسه ماجتلناش تعليمات بالسكن، أول ما توافق إدارة الجامعة هنعلق ورقة»، تنحشر الكلمات فى حلق شيماء وتوطئ رأسها الى اﻷسفل لتنصرف فى هدوء، تجلس على أحد المقاعد الجانبية لتضع يدها على خدها وتسأل فى حيرة: «طيب انا هاسكن فين دلوقتى؟!»، تنتبه إلى رنين هاتفها المحمول وتستمع إلى أبيها الذى يطمئن على أحوالها، فتجيبه بأن اﻷمور تسير على ما يرام.

كانت شيماء على دراية بخروج طلاب جامعة اﻷزهر فى مظاهرات لتأييد الرئيس المعزول محمد مرسى، إﻻ أنه لم يأت بخاطرها دفعها ثمن ذلك بحرمانها من الالتحاق بالمدينة الجامعية حتى اﻵن، رغم بداية الدراسة منذ شهر كامل، لكونها فقط طالبة أزهرية، فهى لم ولن تشارك فى مظاهرة، على حد قولها، إﻻ أن التأخير فى تسكين الطلبة اﻷزهريين حتى اﻵن اضطرهم إلى البحث عن البديل، وهو السكن فى شقق مفروشة بإيجارات مرتفعة وكثافة طلابية كبيرة، مؤكدة أن شبح الانتماء للإخوان يطارد طالبات الأزهر دون تمييز.

وسط 13 فتاة، تعيش منال رأفت، ابنة محافظة قنا، الطالبة بالصف الأول بكلية صيدلة الأزهر بنات، تدفع 200 جنيه شهريا أجرة النوم كواحدة ضمن 3 فتيات ينمن على سرير أجرته الشهرية 600 جنيه، داخل الشقة التى يقارب إيجارها 2500 جنيه.

استذكارها دروس كلية الصيدلة الصعبة يزداد مشقة بسبب معاناتها فى السكن، فالمعاناة لا تتوقف عند النوم فقط، ولكنها تمتد إلى الانتظار طويلا حتى تتمكن من دخول دورة المياه، وممنوع عليها رفع صوتها أثناء المذاكرة لعدم التشويش على باقى زميلاتها الـ13، أضف إلى ذلك صعوبة الاستذكار الناجمة عن تأجيل بعض المحاضرات بسبب خروج تظاهر طلاب وطالبات الجامعة المؤيدين للإخوان.

أصحاب الشقق الخالية فى مدينة نصر انتهزوا فرصة تأخر فتح المدينة الجامعية للأزهر، لاستغلال الطلاب برفع قيمة إيجارات الشقق المفروشة عن العام الماضى بنسبة وصلت إلى 50%، وهو ما برره محمد زكى، سمسار عقارات بالحى السابع، بقوله إن السكن مثل السلع عرض وطلب، وتابع: «لم نستغل الطلبة، وإنما سهلنا لهم توفير السكن القريب من جامعتهم بدلا من بياتهم فى الشارع بسبب غلق المدينة، ورفع الإيجار هذا العام من حقنا بسبب الضغط الشديد على الشقق من الطلبة، وحاجة الشقق إلى صيانة بشكل مستمر».

وانتقد أحمد عبدالرؤوف، الطالب بكلية الطب جامعة اﻷزهر، عدم التسكين فى المدينة الجامعية حتى اﻵن، مؤكدا أن إغلاقها لم يمنع خروج الطلاب فى مظاهرات، بل يزيد ما وصفه بـ«احتقان الطلاب ضد النظام»، بسبب ارتفاع أجرة السكن فى أحياء مدينة نصر، ما يشكل عبئا إضافيا عليهم.

ويؤكد عبدالرؤوف أن تسكين الطلاب فى المدن الجامعية يحد من المظاهرات، ﻷنهم يصبحون «تحت أعين اﻷمن»، على حد قوله، بينما سكنهم فى الشقق المفروشة يفتح لهم المجال للتخطيط لتنظيم مظاهرات حاشدة فى الجامعة، وقد يصل الأمر إلى حيازتهم ألعابا نارية وشماريخ داخل سكنهم الخاص.

لم يجد أحمد عبدالواحد، الطالب بكلية أصول الدين، ومقرها الدرَّاسة، من محافظة بنى سويف، حلا أمامه للهروب من استغلال سماسرة الشقق فى مدينة نصر، سوى استئجار غرفة ضيقة مع زميلين له فى أحد العقارات القديمة بعزبة النخل، الا أنه يضطر إلى النزول من منزله فى السادسة صباحا للحاق بمحاضراته التى تبدأ فى الثامنة والنصف، وقال عن معاناته: «أبى موظف على قد حاله، وعندى 4 أشقاء فى مراحل التعليم المختلفة، ولا أستطيع دفع ثمن إيجار شقة مفروشة فى مدينة نصر، فاضطررت إلى تأجير غرفة مع أصدقائى مقابل 75 جنيها لكل منا، إلا أننى فى ذات الوقت لا أستطيع تحمل مصاريف المواصلات التى تكلفنى يوميا 12 جنيها، بخلاف مصاريف الطعام، فألجأ فى حالات كثيرة إلى السير مسافات طويلة لتوفير أجرة الركوب».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية