x

أوكازيون... يابلاش!

الخميس 08-07-2010 00:00 |

بطفولته المعهودة جاءنا ابن قريبتى خلال زيارتى الأخيرة لألمانيا فرحاً، يزف لى بشرى حصوله على الجنسية الألمانية وتنازله عن الجنسية العراقية، لتتراقص مشاعرى على أصداء ضحكته فوق حبال الحيرة بين حزنى على وريد انتماء يجز، وأجيال قادمة لا تجد أو تمتلك منفذاً ولاء يطل على الوطن الأم. بعد أن تغرق فى بحر التغريب انتماء وعادات وتقاليد ومبادئ.

وسعادته بجنسية تشكل له حضن أمان تعليمى ومادى وسياسى واجتماعى ومفتاح لغد أفضل. وما إن سلطت والدته العراقية الجذور الفرنسية الجنسية ضوءها على دهاليز حيرتى حتى فاجأتنى بسؤال (هل تخافين حقا على القيم العربية والحضارة من الضياع بعد كل هذه الأحداث والانقلابات الاجتماعية والسياسية؟ اخرجى من أحلامك يا أمل وواجهى الحقيقة) وكأنها هوت على بكف من نار لتوقظنى من غفوتى وغفلتى وتثير نهم مجموعة من تساؤلات.؟ تُرى!

ما هو مفهوم الوطن؟ هل هو - كما نراه اليوم - أرض وحدود وأطلال وذكريات باهتة المعالم ومنظومة اجتماعية وأخلاقية وقيمية مبعثرة واختلافات وخلافات وثقافة جهل وإرهاب سلطوى وعصا وسَوْطاً تحمله المؤسسات الإعلامية المأجورة للنظام، وأصحاب تراخيص صحف مستوردة صفراء تقتحم بوابات من يشاءوون تحطيمه بمعاول الحقد والغيرة والمنافسة غير الشريفة، بتلفيق تهم وفضائح عارية من الصحة.

أو هو تلك السلطة التى عرفها «نيتشة» (أنها السلطة التى تستخدم الوهم وأيدولجيات الخداع وربما القرار السياسى فى مطبخها كما تشتهى وتشتهى مافيات النفوذ والمال موجهة جل اهتمامها لبناء بنية مالية لاعلاقة لها بمواصفات الدولة الحديثة التى يكون الإنسان وآدميته وحقوقه - التى شرعها الله وأرسل الأنبياء والرسل والكتب السماوية من أجله ومن أجل الرحمة به - محور اهتمامها وسيادة القانون والعدل والديمقراطية أساس دستورها من أجل احترامه ورفعة شأنه لا من أجل إذلاله ونحر كرامته قربانا لـ(بارانويا) السلطة وساديتها والحروب والكوارث. وتحويله إلى «سندان أخرس» تهوى عليه مطرقة الأخطاء دون أن ينبس بشكوى، أو يكون كوبرى لارتفاع فاشل إلى درجة أعلى فى سلم رضا النظام.

سؤال قريبتى وضع أمامى حقيقتنا العارية بعد أن أسقط ورقة التوت عن مجتمعنا المغمض العينين، ليدوس المبادئ بكلتا قدميه. وحقيقة معارضة مختلفة المشارب والأساليب والغايات وجمهور بلا ثقافة ووعى سياسى يدور فى فضاء الأساطير والأضرحة والطقوس المتخلفة يلعب به المنتفعون وفقا لغاياتهم.هذا غير نظام قاصر الأهلية والشرعية معياره الجشع والترهيب و(فرق تسد) وشعاره البيع والمنفعة وهذا هو السائد فى العراق الآن.

مواطنون محفور على جباههم حضارة وتاريخ وطن، يباعون باسم اللجوءالإنسانى بــ(جواز سفر أجنبى)، ووطن يباع للمحتل بوهم ديمقراطية، ودماء وأرواح تباع للموت بتهمة زور أو كلمة حق. وأجساد تباع لصفعات وركلات ظلم.هناك كل شىء من بترول إلى محافظات إلى مخطوطات وماض وحاضر وتراث وولاء قابل للبيع بتسعيرة ربما تتجاوز المليارات. إلا الإنسان فالتسعيرة أوكازيون (مجانى) ــ يا بلاش!!

إليــك:

أشرب رحيق الغضب المذاب بعلقم الصبر.أصحو من غفوة الأمس على هديل كاذب وتغريد نشاز، ووجوه متبلدة بلا حياء.أقاوم أشباح الحرية المتشح بالكوابيس.اخترق ضجيج الصمت وفضاء الوهم. تتبعنى العقبان.يلفنى إعصار خوف. أجدنى وحيدة خارج الزمان والمكان.أقبع فى عالم مبنى من بقايا خرافة محاط بتمائم وطلاسم خواء. وصمت كالموت، حيث لا ريح ولا برق ولا رعد ولا مطر ولا دبيب وجد.سكون.

مبهم ومشاعر مسترخية على أرائك غيبوبة.والدنيا ليست هى الدنيا وأنت لست أنت. لم تعد حلما ورديا أرانى فيه عشتار بابل المتوجة على جنائنك الخضراء المعلقة فى سماء الحب. راعيتها النجوم وحارسها القمر. لسْتَ غير ذكرى ترقد على فى تابوت النسيان تئن من صدأ المسامير وخربشات السوس. لسْتَ سوى فصل خامس خارج الفصول والحقيقة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية