حالة من الجدل أثارها فيلم «القط» لعمرو واكد في أول عرض عالمى له بمهرجان أبوظبى، بعد أن طرح رؤى مختلفة بين المشاهدين والنقاد، وذلك في الوقت الذي نجح فيه واكد في أن يحقق قفزات على الساحة العالمية أقوى بكثير من تجاربه المحلية بالإضافة إلى حملة التشويه التي يتعرض لها واتهامه بقرابته لزعيم بيت المقدس والذى تم قتله مؤخرا من قبل قوات الشرطة وتفاصيل أخرى عديدة في هذا الحوار:
■ ما هو رد فعلك بعد الجدل الذي حققه فيلم «القط» في أول عرض عالمى له في أبوظبى؟
- بصراحة لا أنكر أن هذا الجدل أشعرنى بسعادة لأننى أعتبر أن الاختلاف في وجهات النظر أو الجدل عموما هو نجاح، لأنه في النهاية استفزك لأن تعبر عن رأيك سواء كان هذا الرأى إيجابيا أو سلبيا، فمثلا فيلم «لوسى» حقق ما يقرب من 499 مليون دولار وللأسف وجدت أن هناك مقالى نقد «كويسين» و23 «وحشين»، لذلك فهذا الاختلاف في الآراء يعنى أن مضمون الفيلم من الممكن أن تتلقفه بطرق مختلفة، وبالتالى أرى أن ذلك نجاح من المخرج إبراهيم البطوط أن يقدم فيلما للمشاهد يستنتج منه الرمزية والشفرات وفقا لطبيعته ورؤيته الخاصة، وطالما أن الفيلم نجح في أن يؤثر فيك فعمنى ذلك أنه نجح.
■ عندما قررت تقديم هذا الفيلم كان لك هدف تجارى وهناك تعارض بين ذلك والشكل الرمزى الذي خرج عليه.. فما رأيك؟
- أعتقد أن الفيلم عن إبراهيم البطوط وما شاهدناه عن عنف ودم ورمزية هو تركيز واضح على الـ18 عاما التي عاشها البطوط وسط الحروب التي قام بتغطيتها وتصويرها، فقد رأى الموت أكثر من مرة وأطلق عليه النار، لذلك فهو لديه جرح كبير من الألم والكبت، ولكن أرى أن فيلما مثل القط قد حرره من هذا الكبت وأعطاه فرصة لأن يخرج ما بداخله إلى الشاشة ويقول: «أنا أهو يا جماعة.. هي دى حياتى.. وهى دى المأساة اللى انا عشتها أيام ما كنت مصور في حروب» لذلك أرى أن ذلك كان له تأثير كبير على مشاهد العنف الموجودة في الفيلم وأعتقد أن هذا الفيلم تحديدا هو الأقرب لشخصية إبراهيم نفسه.
■ ولكننى أتحدث عن الجمهور ومدى استيعابه لهذا الشكل الرمزى؟
- بصراحة وحتى نكون منصفين أرى أن الفيلم المصرى حتى الآن لم ينجح في جذب جمهور السينما الحقيقى، وهذا يعنى أن كل الإيرادات التي تحققها الأفلام لا تزال ضعيفة، والمنطق يقول إن الفيلم الناجح في سوق تضم 90 مليون شخص يجب ألا يقل الإيراد عن 200 مليون أو 150 مليون جنيه، ولكن للأسف مازلنا نعتبر الفيلم الذي يحقق الـ30 مليون جنيه «مكسر الدنيا» وهذا يعنى أن 80 أو 90% من رواد السينما «غضبانين» على السينما ولا يتحركون لمشاهدة الأفلام أولهم أخى الذي لا أتذكر آخر فيلم عربى قطع من أجله تذكرة ليشاهده بما فيها افلامى، وأرى أن هناك مثله كثيرين لا يشاهدون السينما إلا على فترات متباعدة قد تصل إلى 5 سنوات وعندما يشعر بأنه «اتضحك عليه» يعتكف تماما ويغضب على السينما، ويسلى نفسه بأفلام أمريكانى، ونحن الآن نبحث عن جمهور كل فيلم على حدة، وهى مهمة بالتأكيد ستكون صعبة لأنه عندما نوجد جمهورا محددا لكل فيلم السوق ستتسع بشكل كبير، وأزعم أن جمهور فيلم مثل «القط» سيكون أكبر من جمهور الأفلام التجارية الناجحة لأنه فيلم له معنى وقريب من الناس ولا يضحك عليهم وصادق في معانيه إلى حد بعيد وأعتقد أن الجمهور الغاضب من السينما عندما سيشاهد هذا الفيلم سيشعر ببارقة أمل في الصناعة بأكملها، وسيحكى لكل من حوله أن السينما بدأت تتغير وأن هناك أنواعا جديدة ستظهر على الساحة ستخلق معها جمهورها مثل الأفلام التاريخية والرعب والخيال العلمى وغيرها من الأفلام، وبصراحة لا أنكر أننا بدأنا هذا العام نتطلع لانطلاق سوق حقيقية خاصة أن إيرادات أفلام عيد الفطر كانت مبشرة ولأول مرة نجد فيلمين كل واحد منهما تجاوز الـ30 مليون جنيه إضافة إلى أن الأفلام المتنافسة ايضا حققت إيرادات جيدة، وهذه ارقام جديدة وتوحى بأن رواد السينما نجحوا في إعادة الثقة بالسينما المصرية وهذا مؤشر جيد، وأرى أن السوق لا تزال أمامها الكثير لأن سوق التليفزيون تجاوزت السينما بكثير لأن عدد دور العرض لا يزال محدودا لأنه مثلا في الشرقية لا يوجد دور عرض سوى في الزقازيق رغم أن المحافظة يسكنها 6 ملايين شخص، وهذا يعنى أن هناك سينما واحدة تخدم 6 ملايين شخص وهذه كارثة ونفس الحكاية في أسيوط وغيرها من المحافظات وهذا ما يجعل المحافظات محرومة من السينما، وبالتالى لن نكبر إلا عندما ننظر إلى هذه السوق وهذا الجمهور الذي تجاهلناه طوال هذه السنوات.
■ وهل تعتبر أن القط امتداد شرعى لفيلم «الشتا اللى فات»؟
- القط يرصد الحالة المظلمة الموجودة الآن في المجتمع، لذلك ففى هذا الإطار يعد الفيلم امتدادا لفيلم «الشتا اللى فات».
■ وما هو رهانك في تقديم مثل هذه الحالات السينمائية المنغمسة في الواقع الذي نعيشه؟
- بصراحة عندما قدمت فيلم «الشتا اللى فات» كانت طاقة الثورة هي المحرك الأساسى لنا حتى إن أول مشاهد الفيلم بدأ من داخل ميدان التحرير، وكنا مسيرين بطاقة الثورة ومعظم مشاهد الفيلم كانت تحدث تلقائيا ودون مجهود كبير، حتى الطاقة الإبداعية التي استهلكناها في الفيلم كانت مشحونة من الثورة ولم نبذل في شحنها أي مجهود، أما فيلم «القط» فهو فيلم مختلف وبعيد عن السياسة وعن الثورة لأنه فيلم عن الروح وقدسية الجسد وعن كمون الشر في الفعل وليس الفاعل.
■ الفيلم ليس منعزلا عن السياسة لأن سيطرة البلطجة على الشارع وغياب الشرطة هو في حد ذاته طرح سياسى؟
- هناك مناطق في مصر عديدة يحكمها أهل المنطقة وليس الشرطة وهى موجودة بالفعل سواء قبل الثورة أو بعدها، كما أننا لم نشاهد حكومة في الفيلم لأن القط في الأساس مجرم والفيلم يرصد علاقة بين مجرم يتحدى مجرما وهذه العلاقة لا يوجد فيها شرطة أو حكومة لأنه لا يوجد مجرم يلجأ للشرطة أو القضاء في مشكلاته خاصة إذا كان لديه دافع إنسانى قوى متمثل في اختطاف ابنته وليس مقصودا إطلاقا في هذا الجانب أن نقول إن «مصر مفيهاش حكومة».
■ ولماذا لجأت لممثلين يقدمون تجاربهم الأولى في هذا الفيلم؟
- هذا متعلق بطريقة عمل إبراهيم البطوط لأنه عندما يدخل إلى مكان ما يريد أن يعمل بشخوصه وبالناس الذي تعيش فيه، فالأطفال الذين استعنا بهم في الفيلم هم من سكان اسطبل عنتر، حتى إن الحلاق الذي ظهر في أول الفيلم هو إمام مسجد في المنطقة طلب أن يصور معنا، وأيضا مساعد الحاج فتحى هو أيضا من سكان المنطقة، وكذلك شخصية الغجرى كلها شخصيات طازجة تقدم أدوارها الأولى على الشاشة.
■ لماذا أرى أن قفزاتك العالمية أصبحت أهم وأقوى من القفزات المحلية؟
- أعتقد لأن فيه جهة «مش عايزانى أنجح في مصر»، وأكبر دليل على ذلك حملة التشويه والشائعات التي أتعرض لها منذ ما يقرب من عام، وأن 95% من الأخبار التي تنشر عنى في الفترة الأخيرة هي أخبار تحريضية وتشويهية واغتيال معنوى لشخصيتى، وهذا ما يؤكد أن هناك جهة بعينها تقف أمام أي خطوة أتخذها في السوق المصرية، بل تحرص دائما على تشويهى عندما أحقق أي نجاح في الخارج، ودائما ما تتزامن هذه الحملات عندما أسافر لتصوير أي عمل في الخارج أو عرض أي فيلم حتى عندما أتيت إلى أبوظبى لعرض فيلم «القط» انطلقت الحملة من جديد ووصلت هذه الأخبار إلى حالة «العبط» مثل «إنه جاله جرب ومرحش أبوظبى» أو «إن المصريين ضربوه في أبوظبى» لدرجة أن من يؤلف هذه الأخبار لا يريد أن يتعب ويجتهد قليلا في تأليفها حتى تكون منطقية، ومن الواضح أنه يريد أن «يطرطش وخلاص»، وقد يكون هذا سببا رئيسيا في أن خطواتى في السوق المصرية ليست بالمساحة التي أستحقها الآن مقارنة ببعض الزملاء، ولكن رغم ذلك أحمد الله أننى عندما أنظر خلفى كل عام أرى أن خطواتى في تقدم وليست في تأخر.
■ ولكن أرى أن أزمتك الحقيقية حدثت في السوق بعد أن اتهمت بعض الفنانين بـ«الفلول» في مهرجان كان؟
- لو كانت الأزمة التي تتحدث عنها في السوق المصرية كلفت أن البلد تقف على رجلها وتكون من دول العالم الأول وتحقق أهداف ثورتنا، وأن كل الشعب المصرى يعيش على الأقل في مستوى إنسانى يبقى بناقص نجاحى وشغلى وبناقص انى أكون ممثل أصلا بس نشوف ده بيحصل في مصر ولو هو ده التمن لدى استعداد لان أدفعه.
■ وحتى الآن لم تندم على ذلك؟
- إطلاقا، وعمرى ما أندم على شىء لأن عمرى ما كانت دوافعى شخصية ولكن أهدافها «ان ابنى اللى امه فرنساوية يبص على مصر بنفس الحب ونفس الانتماء وبنفس التقدير اللى بيبص بيه على بلده التانى فرنسا»، وهذا الذي حركنى والذى سيحركنى ولن أتراجع عن أي شىء في هذا الاتجاه، وهو أن أحسن من مصر بالطريقة التي أراها، ولكن ليس لأن طريقتى لم تعجبك تضطر أن تشوهنى أو تخرجنى عن المعادلة الوطنية أو تقول عنى الكذب، وتريد من الناس أن تصدقك لأن هذا في حد ذاته يؤذى مصر نفسها قبل أي حد.
■ أعتقد أن أكثر الشائعات التي أثرت فيك شخصيا هي قرابتك لزعيم بيت المقدس وليد واكد عطا الله؟
- أعتقد أن اللى كتب الخبر ده «ساقط إملاء» حتى يقول إن عمرو عبداللطيف واكد ابن عم وليد واكد عطا الله، فهذا في حد ذاته سفاهة، وأنا ألوم كل المنابر الإعلامية التي تسمح لهذه السفاهة أن تنشر لأنه واجب على رؤساء التحرير والصفحات أن يتبينوا من صحة الأخبار خاصة عندما تكون خطيرة لأن مثل هذه الأخبار تحريضية وتعرض أصحابها لمشكلات كبيرة فمن الممكن أن يصدق أحد الخبر ويقرر أن ينتقم منك بمجرد أنه علم أن زعيم بيت المقدس ابن عمك وبصراحة رفضت الرد لأننى لن أسمح لأحد بأن يأخذنى من عملى خاصة أننى وقتها كنت أصور في ماليزيا فهل من المنطقى أن أترك عملى وأعود لأوضح نفى الخبر لأنهم يريدون منى ذلك؟ بالطبع لن أفعل.