أبرز عدد من وسائل الإعلام الأمريكية البيان الذي تداوله مئات الصحفيين في مصر، الأحد الماضي، للتوقيع عليه إلكترونياً، وذلك للتعبير عن احتجاجهم على بيان رؤساء تحرير الصحف، الذي صدر أكتوبر الماضى.
ووصفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية البيان الذي جاء بعنوان «تكميم الأفواه انتصار للإرهاب»، ووقع عليه أكثر من 480 صحفياً، بأنه «تصرف نادر للمعارضة العلنية منذ إطاحة الجيش بالرئيس السابق محمد مرسى من السلطة، في يونيو 2013، كما أنه إشارة أولية على سخط الصحفيين من دعم جميع وسائل الإعلام للحكومة».
كان رؤساء تحرير الصحف، القومية والخاصة، قد عقدوا اجتماعاً، الشهر الماضى، تدارسوا فيه أوضاع الصحافة المصرية ومواقفها في إطار مواجهة الإرهاب، وخرجوا ببيان ينص على «دعم جميع الإجراءات التي اتخذتها الدولة في مواجهة العناصر الإرهابية وحماية الأمن القومى للبلاد في إطار الدستور والقانون»، ورفض البيان «محاولات التشكيك في مؤسسات الدولة أو إهانة الجيش أو الشرطة أو القضاء بطريقة من شأنها أن تنعكس سلباً على أداء هذه المؤسسات».
واعتبرت الصحيفة الأمريكية، في تقرير نشرته الاثنين، أن إصدار بيان رؤساء التحرير يعد بمثابة «فرض رقابة ذاتية» على الصحافة، معتبرة أن «ارتفاع حدة المشاعر القومية، وتصاعد حملة التضييق على المعارضة أدت إلى إسكات جميع الأصوات الإسلامية والعلمانية، على حد سواء».
وأشارت الصحيفة إلى أن بيان الصحفيين جاء فيه: «نرى أن بيان رؤساء التحرير وما تضمنه من ترويج لعودة عصور الاستبداد والقمع وسيادة الرأى الواحد، إنما يعنى قبول من أصدروه الهزيمة أمام الإرهاب، والخضوع لسلطة لاتزال تعصف بالحريات وتلاحق الصحفيين عبر وسائلها الأمنية، وعبر بعض من أبناء المهنة والمحسوبين عليها».
وتابع البيان: «إن مواجهة الإرهاب واجبٌ وشرف لا علاقة له بتأميم الصحف، والتنازل الطوعى عن حرية الرأى».
ونقلت الصحيفة عن خالد البلشى، رئيس تحرير جريدة «البداية»، أحد المسؤولين عن صياغة بيان الصحفيين، قوله إن «البيان يعكس المخاوف المتراكمة لدى الصحفيين».
وقالت الصحيفة إن «الغالبية العظمى من شبكات التليفزيون المصرية الخاصة تقع تحت سيطرة نخبة صغيرة من رجال الأعمال الكبار في البلاد، والتى تعهدت أيضاً بتجنب انتقاد الحكومة».
فيما قالت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية إن بيان رؤساء التحرير يقدم «دعماً شبه أعمى للدولة»، معتبرة أنه بمثابة «ردة إلى أيام الرئيس السابق المستبد، حسنى مبارك، أو الراحل السلطوى جمال عبدالناصر»، مشيرة إلى أنه في الوقت نفسه فإن البيان «يتماشى مع المزاج الشعبى العام في مصر، الذي سئم الاضطرابات والدماء والانهيار الاقتصادى في السنوات الثلاث الماضية».
وأضافت الوكالة، في تقرير نشرته الاثنين، أن «الخلاف بين الصحفيين ورؤساء التحرير هو أحدث حلقة في الصراع بين السلطات المصرية ووسائل الإعلام الموالية لها، والتى تهتم بالأمن أكثر من أي شىء آخر»، مؤكدة أن «هذا الصراع بدأ مؤخراً منذ تآكل العديد من الحريات التي حظى بها المصريون عندما ثاروا ضد مبارك في يناير 2011، وعلى رأسها حرية التظاهر».
وتابعت: «يسير تراجع الحريات في خط مستقيم بالتوازى مع قمع الناشطين العلمانيين المؤيدين للديمقراطية، والإسلاميين، فمصر باتت تتحرك بثبات إلى اليمين، مع انتشار حالة من الشوفينية، وكره الأجانب في وسائل الإعلام».
ومضت تقول: «تم اعتقال العشرات من النشطاء الشباب، ومحاكمتهم بتهمة المشاركة في المظاهرات دون الحصول على تصاريح، كما أن هناك حملة أقسى بكثير وأوسع نطاقاً تستهدف أعضاء جماعة الإخوان المسلمين».