في كل مساء تتجه الأنظار صوب الشاشة لمشاهدتها سواء كانت تختلف أو تتفق معها، وفي نظر قناة «cbc» تعد لميس الحديدي واحدة من أجرأ وأشهر مذيعات الـ«توك شو» في مصر والعالم العربي، الأمر، الذي جعلها ضمن قائمة أقوى 100 امرأة عربية في العالم، وفقًا لتصنيف صحيفة «أرابيان بيزنس».
الوجه الآخر من حياة لميس يكشف أن اسمها «لولو»، كما تناديها والدتها، التي ترى ابنتها فتاة «شاطرة وجميلة ومطيعة ومنمقة وحريصة».
وسيرتها الذاتية تحكي أنها مولودة، عام 1969، وسلكت طريق الدراسة حتى تخرجت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، وكانت عيناها تتجه بشغف إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون «ماسبيرو»، حالمة بإطلالة على الشاشة.
«طرقت الأبواب ولكن لم يكن لي نصيب وقتها».. هكذا تتذكر لميس مشوارها الإعلامي، في حوار أجرته مع صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، بعد شهور من اندلاع ثورة 25 يناير، لافتة إلى أنها لم تحظ بفرصة، فكان عملها في قناتي «الجزيرة» و«العربية» وبعدها عملت في صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية ثم الانضمام إلى شبكة قنوات «MBC»، بالإضافة إلى مشاركة الإعلامي عماد الدين أديب في تدشين مؤسسة «العالم اليوم».
وطوال رحلتها كانت عيناها لا تفارقان مبنى «ماسبيرو»، والأمل يراودها في الدخول إلى المكان راغبة في «السعي إلى تغييره إلى الأفضل»، فكانت الفرصة مع برنامج «فيش وتشبيه»، و«مانع وممنوع»، و«من قلب مصر»، الذي منحها لقب أفضل مذيعة بناء على أحد الاستفتاءات الجماهيرية.
وترجع لميس سبب تمسكها بالعمل في «ماسبيرو» إلى إيمانها بأن «تليفزيون بلدي هو الأهم، والمواطن المصري من حقه أن يشاهد عملًا محترمًا يعمل على تنويره فكريًا، وأنا أكثر واحدة قيل لها (لا) في التلفزيون المصري، وكثيرا ما شوّه مقص الرقابة أعمالي، لا أحب تصفية الحسابات، ولكن مواقفي مع المسؤولين في التلفزيون كانت صادمة».
لسان حالها يلخص عمر رحلتها في التليفزيون المصري بـ«أجمل سنين حياتي»، التي توقفت أمام قرار سامي الشريف، رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون، آنذاك، الذي أمر بإيقاف برنامجها «من قلب مصر»، معتبرة الأمر «ضربة قوية للحرية بعد ثورة 25 يناير».
وتتباهى بالبرنامج المذكور لحصوله على عائد إعلاني كبير، فضلًا عن أنه «كان مهددًا بالإيقاف في العهد السابق نظرًا لسقفه العالي، وانتقاده اللاذع للعديد من القرارات، ومع ذلك، لم يتمكنوا من إقصائه».
ولا تسلم الإعلامية المتزوجة من الإعلامي عمرو أديب، من انتقاد مواقفها السياسية لكنها ترد بهدوء غير معتادة عليه في برنامجها الحالي «هنا العاصمة»: «لأنني إعلامية أحترم رسالتي رفضت الظهور أثناء ثورة 25 يناير لأقول معلومات مغلوطة تخدم النظام، ولهذا منعت من الظهور على الهواء طوال فترة الثورة إلى أن جاء تنحي مبارك».
وتمضي في ردها: «لا أستطيع أن أكون ضد أحد أو معه، دوري الرئيسي هو توضيح الحقيقة وكشفها»، مدعمة كلامها باستضافتها قطاعا عريضا من الشخصيات العامة والمسؤولين في الدولة، مضيفة: «الصحفي المحترف يحاور جميع الشخصيات وقد حاورت أحمد عز، جمال مبارك، زكريا عزمي، الغزالي حرب وغيرهم. ومقالاتي من 2001 إلى قيام الثورة كانت واضحة الخطى».
كما تدعم رأيها بمقال منشور في «المصري اليوم» بعنوان: «بعد الانتخابات لم ينجح أحد»، ترى أنها أوضحت خلاله التزوير الذي حدث، عام 2010، معولة، آنذاك، على سقف الحرية، الذي أصبح عاليًا بقدر يساعدها على كشف الكثير من الخفايا للرأي العام.
سهام النقد الموجهة لها كأي إعلامي تنطلق من منصة قاعدتها سيطرة نظام مبارك على المشهد برمته، وهو ما يعني تأييدها له بحكم مشاركتها في حملته الانتخابية أثناء السباق الرئاسي، فكان ردها في حوار «الشرق الأوسط»: «مجرد وظيفة، وأرجو عدم خلط الأوراق، فقد كان هناك كثير من المذيعين والصحفيين ولكن غير معروفين فكنت أبرزهم، وقد احتسب الموقف ضدي بعد الثورة، ولكني كنت أقوم بعمل إداري».
وتمضي قائلة ردًا على اتهامات تطالها وغيرها بأنها «متحولة»: «شيء رائع أن أشارك في انتخابات الرئاسة في بلدي، وهذا أمر متعارف عليه، يحدث في أمريكا أن يشارك إعلامي في الانتخابات ولا أحد يتهمه بالتحيز للنظام، وكان عملي أثناء الانتخابات مقتصرًا على التعامل مع الصحفيين الأجانب، وقد دخلت الانتخابات وأنا مستقلة وخرجت كذلك، لم أنتم إلى الحزب الوطني واعتذرت عن مناصب كثيرة لها علاقة برئاسة الجمهورية».
صوتها العالي في طريقة تقديم برامجها غير موجود في حياتها الشخصية، فوفقًا لكلامها ترى أنها «شخصية معروف عنها الهدوء وخجولة جدًا»، وتهتم بأن تكون مقوماتها في العمل تعتمد على الجرأة واستفزاز ضيفها بأسئلتها.
كما تكشف أن زوجها عمرو أديب «يحب التنوع في فقرات برامجه، لأنه بدأ حياته العملية ببرنامج فني ثم انتقل إلى السياسة»، مضيفة: «أنا تخصصت في الاقتصاد والسياسة منذ بدايتي إلى الآن، وأنا أظهر على الشاشة جادة ولكن في الحياة العامة مرحة جدًا، أما عمرو فهو على الشاشة كما في الحياة بسيط ومرح ويبتعد عن التكلف، وأنا أراه أفضل مذيع في مصر لديه أدوات التفكير الناجح».
ومن نظام مبارك إلى نظام الرئيس المعزول، محمد مرسي، كانت لميس حاضرة بقوة كصوت يدعم الشعب في الحفاظ على هويته ضد جماعة الإخوان المسلمين، فكان خروج المصريين في 30 يونيو 2013.
وقتها خرجت لميس تعبر عن فرحتها بعد الإطاحة بحكم مرسي، والفرح يملأ صوتها، مهللة بلسان يردد: «الله أكبر»، و«ماحدش هيقدر يغتصبك يا بهية»، و«ماحدش يقدر يعتدي عليكي يا مصر».
وتواصل ظهورها على الساحة رافضة أفعال جماعة الإخوان في الشارع المصري، رافعة شعار «الحرب على الإرهاب»، ناقلة رسائل رجال الجيش إلى الشعب المصري، الذين شددوا خلالها على «الانتقام» للشهداء، الذين سقطوا في سلسلة هجمات غادرة بسيناء.
وترى لميس، التي تمكنت من اقتناص فرصة الحوار التليفزيوني مع المفكر السياسي الكبير، محمد حسنين هيكل، فضلًا عن محاورة المرشح الرئاسي، آنذاك، عبدالفتاح السيسي، وفي صحبتها الإعلامي إبراهيم عيسى، أن مسيرتها الإعلامية تتوقف «إذا كانت الموازنة المالية لا تساعد على العمل فتخرج الصورة بشكل سيئ، فالموازنة عليها عامل كبير في نجاح العمل، بالإضافة إلى انخفاض سقف الحرية، فلا أستطيع أن أقول الحق»