لأول مرة منذ عام 67 حين احتل العدو الصهيوني مدينة القدس يتم إغلاق أبواب المسجد الأقصي اليوم (الخميس الثلاثون من أكتوبر) ولأجل غير مسمي.
في فبراير عام 1994 قام الطبيب الإسرائيلي «باروخ جولدستين» بالهجوم على المصلين المسلمين في المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل وقام بقتل 29 فلسطينيا وإصابة 150 آخرين فيما يعرف بإسم «مذبحة الحرم الإبراهيمي»، وخلال ذلك تمكن بعض المصلين من قتله.
بعدها قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بغلق المسجد الإبراهيمي لأجل غير مسمي.
قبل إغلاق المسجد الإبراهيمي في ذلك الوقت كانت تحدث العديد من الاحتكاكات بين المسلمين واليهود الذين كانوا يصممون على دخول المسجد وأداء الطقوس التلمودية بداخله بحجة أن سيدنا إبراهيم مدفون فيه، ثم عندما تم فتح أبواب المسجد مرة أخرى في أغسطس من العام نفسه فوجئ الجميع بأنه قد تم تقسيم المسجد إلى قسمين، القسم الأول والأكبر هو «كنيس» يهودي بمساحة 60 بالمائة من المسجد الأصلي والقسم الثاني ظل مسجدا.
مرّت فترة 20 عاما ما بين الإغلاق والإغلاق، مابين إغلاق المسجد الإبراهيمي، وإغلاق المسجد الأقصى.
فهل تعلمنا الدرس واستوعبنا أن الصهاينة «حبالهم طويلة» وأنهم دائما ما يلجأون للمعارك ذات النفس الطويل، ويأخذون خطوات قد تبدو صغيرة الآن ولكنها بالتتابع تخدم أجندتهم الخاصة.
هم يريدون في البداية تقسيم المسجد الأقصي وتحديد ساعات لصلاة المسلمين واليهود، ثم يبدأ بناء «كنس» وأماكن لعبادة اليهود داخل ساحات المسجد، حتي يأتي اليوم الذي يقومون بهدم المسجد لبناء هيكلهم المزعوم على أنقاضه لتقوم بذلك دولة إسرائيل الكبري.
حرصت سلطات الاحتلال على تهويد القدس منذ احتلالها، وحرص الشعب الفلسطيني المقدسي على الوقوف لهم بالمرصاد، فبدأ الصهاينة بطردهم من بيوتهم أو بإغلاق المحلات والدكاكين الخاصة بالمقدسيين «إلي أجل غير مسمي» بحجة عدم دفع الضرائب المفروضة عليهم من سلطات الإحتلال، وطبعا تلك الضرائب دائما ماتكون مبالغا فيها.
ثم بدأت قوات الاحتلال بفرض شروط لدخول المسجد الأقصي، فلا يتم السماح للذكور ما دون الخامسة والأربعسن من الصلاة في المسجد الأقصي، فأصبحت الإناث كالأشواك في ظهور الصهاينة باستبسالهن ووقوفهن ضد محاولات اقتحام المسجد عن طريق المستوطنين اليهود حتي فاض بالصهاينة وقاموا بالاعتداء على المقدسيات داخل المسجد الأقصي في الآونة الأخيرة وظهر العديد من الفيديوهات التي توثق تلك الانتهاكات والاعتداءات التي وصلت لدرجة إقتحام الجامع القبلي وتكسير بعض من محتوياته.
وعلي مدار السنوات السبعة والأربعين الماضية منذ احتلال القدس تقوم قوات الاحتلال باتخاذ إجراءات كي تساعدها حين يأتي اليوم الموعود يوم إعلانهم بداية بناء «هيكل سليمان» على أنقاص المسجد الأقصي، فيقومون بالتنقيب تحت المسجد بحثا عن هيكلهم المزعوم، ثم يقومون بتنفيذ شبكة أنفاق كاملة تحت المسجد الأقصي وتستخدم الأنفاق في أغراض دينية وسياحية وتأمينية.
أحد تلك الأنفاق يحتوي على كنيس يهودي مقابل لقدس الأقداس المزعوم يتم الصلاة فيه يوميا، كما يوجد عرض للصوت والضوء بداخل شبكة الأنفاق ليقوم بتعريف السائح عن تاريخ اليهود في المنطقة، كما تربط تلك الأنفاق المسجد الأقصي بالمستوطنات القريبة منه بالتالي لن يحتاج المستوطنون للمرور عبر أي من الأحياء العربية إذا ما أرادوا دخول المسجد للصلاة كما تسهل تلك الأنفاق تحرك الجنود الإسرائيليين في حالة حدوث اجتياح للمسجد الأقصي.
إلى أن تم في مايو الماضي طرح مشروع على الكنيست الإسرائيلي ينص على تقسيم المسجد الأقصي على غرار الحرم الإبراهيمي ليتم السماح لليهود بالصلاة فيه ومعاقبة كل من يقوم بإعاقة دخول اليهود للمسجد الأقصي حتي ولو برفع الصوت، كما ينص على الحد من السيادة الأردنية على المسجد الأقصي الذي يتبع وزارة الأوقاف الأردنية.
هذا في الوقت الذي ازدادت وتيرة الاقتحامات اليهودية للمسجد الأقصى مما أدى مؤخرا إلى إطلاق النار على الحاخام «يهودا غليك» مسؤول منظمة «أمناء جبل الهيكل» والمعروف بقيادته لاقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، وما أعقب ذلك من قرار إسرائيل بإغلاق المسجد الأقصى.
توجد مقولة منتشرة على الإنترنت منسوبة لرئيسة الوزراء الإسرائيلية الأشهر «جولدا مائير» تقول فيها حين تم سؤالها عن أصعب يوم في حياتها كان ردها «يوم حريق المسجد الأقصي (عام 1968)، فعندما حدث ذلك خشيت ردة فعل العرب والمسلمين وتوقعت أن يتم محونا من على الخريطة» فسألوها عن أسعد يوم في حياتها فجاء ردها «اليوم التالي لحريق المسجد الأقصي لأنني رأيت أن العرب والمسلمين لم يحركوا ساكنا».
لم يتسن لي التأكد من صحة هذه المقولة، إنما إذا لم يحرك العرب والمسلمون ساكنا بعد خطوة إغلاق المسجد الأقصي، فسيكون ذلك إثباتا للمقولة، ولنخجل جميعا عندما نقف للصلاة ونحن نولي وجوهنا شطر المسجد الحرام الذي ربط الله سبحانه وتعالى بنص القرآن الكريم بينه وبين المسجد الأقصى قبلتنا الأولى الذي يغلقه الصهاينة اليوم.
يعني إيه يغلقوا المسجد الأقصى هل هو ورشة أو مطعم لم يدفع الضرائب للاحتلال في القدس فتقرر السلطات الإسرائيلية إغلاقه.