x

قاسم أمين في كتابه المجهول: لا يوجد نص في الشريعة يلزم بـ«الحجاب»

الخميس 30-10-2014 21:25 | كتب: اخبار |
كتاب حقوق النساء لقاسم أمين كتاب حقوق النساء لقاسم أمين تصوير : اخبار

بسم الله الرحمن الرحيم

بعد حمد الله والصلاة والسلام على أنبيائه..

لقد وعدنا حضرات القراء الكرام على غلاف «الفلسفة الحديثة» بطبع كتاب «حقوق النساء فى الإسلام» لسعادة المرحوم قاسم بك أمين وبراً بالوعد طبعناه لما فيه من غوالى الدرر فإن مؤلفه، رحمه الله، برهن فيه على احترام الدين الإسلامى للمرأة ومركزها فى الهيئة الاجتماعية وضرورة تعليمها وتربيتها، إلا أنه تطرف فى مسألة الحجاب ولو أنه لم يصرح فيها برأيه التصريح الكافى بل قال بالرجوع إلى الحجاب الشرعى، ومن حيث إن هذا الموضوع أخذ دوراً مهماً، خصوصاً فى هذا العصر فأحببت نشره خدمة للعلم وانتصاراً لأهله والله عنده حسن الجزاء. «على الحطاب».

«حجاب النساء»

سبق البحث فى الحجاب بوجه إجمالى فى كتاب نشرته باللغة الفرنسية من أربع سنين مضت رداً على الدوق داركور وبينت هناك أهم المزايا التى سمح لى المقام بذكرها ولكن لم أتكلم فيما هو الحجاب ولا فى الحد الذى يجب أن يكون عليه. وهنا أقصد أن أتكلم فى ذلك فأقول:

ربما يتوهم ناظر أننى أرى الآن رفع الحجاب بالمرة ولكن الحقيقة غير ذلك. فإننى مازلت أدافع عن الحجاب وأعتبره أصلاً من أصول الأدب التى يلزم التمسك بها. غير أنى أطلب أن يكون منطبقاً على ما جاء فى الشريعة الإسلامية. وهو على ما فى تلك الشريعة يخالف ما تعارفه الناس عندنا لما عرض عليهم من حب المغالاة فى الاحتياط والمبالغة فيما يظنونه عملاً بالأحكام حتى تجاوزوا حدود الشريعة وأضروا بمنافع الأمة.

والذى أراه فى هذا الموضوع هو أن الغربيين قد غالوا فى إباحة التكشف للنساء إلى درجة يصعب معها أن تصون المرأة من التعرض لمثارات الشهوة ولا ترضاه عاطفة الحياء، وقد تغالينا نحن فى طلب التحجب والتحرج من ظهور النساء لأعين الرجال حتى صيرنا المرأة أداة من الأدوات أو متاعاً من المقتنيات وحرمناها من كل المزايا العقلية والأدبية التى أعدت لها بمقتضى الفطرة الإنسانية وبين هذين الطرفين وسط سنبينه- هو الحجاب الشرعى- وهو الذى أدعو إليه.

إنى أشعر بأن القارئ الذى سار معى إلى هذه النقطة وتبعنى فيما دعوت إليه من وجوب تربية النساء ربما يستجمع قواه لمقاومتى فيما أطلب من الرجوع بالحجاب إلى الحد الشرعى ويستنجد بجميع الأوهام التى خزنتها فى ذهنه أجيال طويلة ليدافع بها عن العادة الراسخة الآن. ولكن مهما استجمع من قوة الدفاع عنها ومهما بذل من الجهد للمحافظة عليها فلا سبيل إلى أن تبقى زمناً طويلاً.

ماذا تفيد الشجاعة والثبات فى المحافظة على بناء آل أمره إلى الخراب والتهدم وقد انقض أساسه وانحلت مواده، ووصل حاله من الاضمحلال إلا أنك ترى فى كل سنة تمر جزءاً منه ينهار من نفسه، أليس هذا كل صحيحاً؟ أليس حقاً أن الحجاب فى هذه السنين الأخيرة ليس كما كان منذ سنة؟ أليس من المشاهد أن النساء فى كثير من العائلات يخرجن لقضاء حاجاتهن ويتعاملن بأنفسهن مع الرجال فيما يتعلق بشؤونهن ويطلبن ترويح النفس، حيث يصفو الجو ويطيب الهواء ويصحبن أزواجهن فى أسفارهم ونرى أن هذا التغيير حدث فى عائلات كانت أشد الطبقات تحرجاً من ظهور النساء؟ إذا قارنا بين ما نشاهد اليوم وبين ما كان عليه النساء من عهد ليس بالبعيد عنا حيث كان يشين المرأة أن تخرج من بيت زوجها وأن يرى طولها أجنبى وكان إذا عرض للمرأة سفر اتخذ كل احتياط ليكون سفرها ليلاً حتى لا يراها أحد من الناس. وحيث كانت أم الرجل أو أخته أو ابنته تستحى أن تجلس معه على مائدة واحدة، إذا قارنا بين هذا وذاك نجد بلا شك أن هذه العادة آخذة فى الزوال من نفسها.

وكل من عرف التاريخ يعلم أن الحجاب دور من الأدوار التاريخية لحياة المرأة فى العالم. قال لاروس تحت كلمة «خمار» «كانت نساء اليونان يستعملن الخمار إذا خرجن ويخفين وجوههن بطرف منه كما هو الآن عند الأمم الشرقية» وأضاف «ترك الدين المسيحى للنساء خمارهن وحافظ عليه عندما دخل فى البلاد فكن يغطين رؤوسهن إذا خرجن فى الطريق وفى وقت الصلاة. وكانت النساء تستعمل الخمار فى القرون الوسطى، خصوصاً فى القرن التاسع فكان الخمار يحيط بأكتاف المرأة ويجر على الأرض تقريباً. واستمر كذلك إلى القرن الثالث عشر حيث صارت النساء تخفف منه إلى أن صار كما هو الآن نسيجاً خفيفاً يستعمل لحماية الوجه من التراب والبرد. ولكن بقى بعد ذلك بزمن فى إسبانيا وفى بلاد أمريكا التى كانت تابعة لها».

ومن هذا يرى القارئ أن الحجاب الموجود عندنا ليس خاصاً بنا ولا أن المسلمين هم الذين استحدثوه، ولكن كان عادة معروفة عند كل الأمم تقريباً ثم تلاشت طوعاً لمقتضيات الاجتماع وجرياً على سنة التقدم والترقى. وهذه هى المسألة المهمة التى يلزم البحث فيها من جهتيها الدينية والاجتماعية.

«1»

«الجهة الدينية»

لو أن للشريعة الإسلامية نصوصاً تقضى بالحجاب على ما هو معروف الآن عند بعض المسلمين لوجب علىَّ اجتناب البحث فيه، ولما كتبت حرفاً يخالف تلك النصوص مهما كانت مضرة فى ظاهر الأمر، لأن الأوامر الإلهية يجب الإذعان لها بدون بحث ولا مناقشة، لكننا لم نجد نصاً فى الشريعة يوجب الحجاب على هذه الطريقة المعهودة. وإنما هى عادة عرضت عليهم من مخالطة بعض الأمم فاستحسنوها وأخذوا بها وبالغوا فيها وألبسوها لباس الدين، والدين براء منها. ولذلك لا نرى مانعاً من البحث فيها، بل نرى من الواجب أن نلم بها ونبين حكم الشريعة فى شأنها وحاجة الناس إلى تغييرها.

جاء فى الكتاب العزيز:

«قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن».

أباحت الشريعة فى هذه الآية الكريمة للمرأة أن تظهر بعض أعضاء من جسمها أمام الأجنبى عنها غير أنها لم تسم تلك المواضع، وقد قال العلماء إنها وكلت فهمها وتعيينها إلى ما كان معروفاً فى العادة وقت الخطاب. واتفق الأئمة على أن الوجه والكفين مما شمله الاستثناء فى الآية، ووقع الخلاف بينهم فى أعضاء أخرى كالذراعين والقدمين، فقد جاء فى حاشية ابن عابدين: «وعورة الحرة جميع بدنها حتى شعرها النازل فى الأصح خلا الوجه والكفين والقدمين على المعتمد وصوتها على الراجح وذراعها على المرجوح. وتمنع المرأة الشابة من كشف الوجه، لا لأنه عورة بل لخوف الفتنة كمسه، وإن أمن الشهوة لأنه أغلظ ولذلك ثبتت به حرمة المصاهرة كما يأتى فى الخطر. ولا يجوز النظر إليه بشهوة كوجه أمرد. فإنه يحرم النظر إلى وجهها ووجه الأمرد إذا شك فى الشهوة، أما بدونها فيباح ولو جميلاً». «صحيفة 336 جزء 1».

وذكر فى «كتاب الروض» من مذهب الشافعى «ونظر الوجه والكفين عند أمن الفتنة من المرأة للرجل وعكسه جائز. ويجوز نظر وجه المرأة عند المعاملة وعند تحمل الشهادة ونكلف كشفه عند الأداء». «صحيفة 109 و104 جزء «2»».

وجاء فى «تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق» لعثمان بن على الزيلعى «وبدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها وقدميها لقوله تعالى (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) والمراد محل زينتهن وما ظهر منها الوجه والكفان. قاله بن عباس وابن عمر. واستثنى فى المختصر الأعضاء الثلاثة للابتلاء بإبدائها ولأنه عليه الصلاة والسلام نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب. ولو كان الوجه والكفان من العورة لما حرم سترهما بالمخيط. وفى القدم روايتان والأصح أنها ليست بعورة للابتلاء بإبدائها». «صحيفة 96 جزء 3». وحكم الوجه والكفين وأنها ليست بعورة معروف كذلك عند المالكيين والحنابلة. ولا نطيل الكلام بنقل نصوص أهل هذين المذهبين.

ومما يروى عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت «إن أسماء بنت أبى بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فقال لها يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه» وورد أيضاً فى كتاب حسن الأسوة للسيد محمد صديق حسن خان بهادر: «وإنما رخص للمرأة فى هذا القدر لأن المرأة لا تجد بدا من مزاولة الأشياء بيديها ومن الحاجة إلى كشف وجهها خصوصاً فى الشهادة والمحاكمة والزواج. وتضطر إلى المشى فى الطرقات وظهور قدميها وخاصة الفقيرات منهن». «صحيفة 93».

خولت الشريعة للمرأة ما للرجل من الحقوق وألقت عليها تبعة أعمالها المدنية والجنائية، فللمرأة الحق فى إدارة أموالها والتصرف فيها بنفسها. فكيف يمكن للرجل أن يتعاقد معها من غير أن يراها ويتحقق شخصيتها؟

ومن غريب وسائل التحقق أن تحضر المرأة ملتفة من رأسها إلى قدميها أو تقف من وراء ستار أو باب ويقال للرجل هاهى فلانة التى تريد أن تبيعك دارها أو تقيمك وكيلا فى زواجها مثلاً. فتقول المرأة بعت أو وكلت ويكتفى بشهادة شاهدين من الأقارب أو الأجانب على أنها هى التى باعت أو وكلت، والحال أنه ليس فى هذه الأعمال ضمانة يطمئن لها أحد. وكثيراً ما أظهرت الوقائع القضائية سهولة استعمال الغش والتزوير فى مثل هذه الأحوال. فكم رأينا أن امرأة تزوجت بغير علمها وأجّرت أملاكها بدون شعورها. بل تجردت من كل ما تملكه على جهل منها، وذلك كله ناشئ من تحجبها، وقيام الرجال دونها، يحولون بينها وبين من يعاملها.

كيف يمكن لامرأة محجوبة أن تتخذ صناعة أو تجارة للتعيش منها إن كانت فقيرة، كيف يمكن لخادمة محجوبة أن تقوم بخدمة منزل فيه رجال؟ كيف يمكن لتاجرة محجوبة أن تدير تجارتها بين الرجال؟ كيف يتسنى لزارعة محجوبة أن تفلح أرضها وتحصد زرعها؟ كيف يمكن لعاملة محجوبة أن تباشر عملها إذا أجرت نفسها للعمل فى بناء بيت أو نحوه؟

وبالجملة، فقد خلق الله تعالى هذا العالم ومكّن فيه النوع الإنسانى ليتمتع من منافعه بما تسمح له قواه فى الوصول إليه، ووضع للتصرف فيه حدوداً تتبعها حقوق. وسوّى فى التزام الحدود والتمتع بالحقوق بين الرجال والمرأة من هذا النوع ولم يقسم الكون بينهما قسمة إفراز. ولم يجعل جانباً من الأرض للنساء يتمتعن بالمنافع فيه وحدهن، وجانباً للرجال يعملون فيه فى عزلة عن النساء، بل جعل متاع الحياة مشتركاً بين الصنفين، شائعاً تحت سلطة قواهما بلا تمييز- فكيف يمكن مع هذا لامرأة أن تتمتع بما شاء الله أن تتمتع به مما هيأها له بالحياة ولواحقها من المشاعر والقوى وما عرضه عليها لتعمل فيه من السكون المشتركة بينها وبين الرجل إذا حظر عليها أن تقع تحت أعين الرجال إلا من كان من محارمها؟ لا ريب. إن هذا مما لم يسمح به الشرع ولن يسمح به العقل. لهذا رأينا أن الضرورة أحالت الثبات على هذا الضرب من الحجاب عند أغلب الطبقات من المسلمين كما نشاهده فى الخادمات والعاملات وسكان القرى حتى من أهل الطبقة الوسطى، بل وبعض أهل الطبقة العليا من أهل البادية والقرى، والكل مسلمون، بل قد يكون الدين أمكن فيهم منه فى أهل المدن.

إذا وقفت المرأة فى بعض مواقف القضاء خصماً أو شاهداً كيف يسوغ لها ستر وجهها؟ مضت سنون والخصوم وقضاة المحاكم أنفسهم غافلون عما يهم فى هذه المسألة، متساهلون فى رعاية الواجب فيها. فهم يقبلون أن تحضر المرأة أمامهم مستترة الوجه وهى مدعية أو مدعى عليها أو شاهدة وذلك منهم استسلاماً للعوائد وليس بخاف ما فى هذا التسامح من الضرر الذى يصعب استمراره فيما أظن. وذلك لعدم الثقة بمعرفة الشخص المستتر ولما فى ذلك من سهولة الغش. كل رجل يقف مع امرأة موقف المخاصمة من همه صحة التمسك بقولها. ولا أظن أنه يسوغ للقاضى أن يحكم على شخص مستتر الوجه ولا أن يحكم له. ولا أظن أنه يسوغ له أن يسمع شاهداً كذلك، بل أقول إن أول واجب عليه أن يعرف وجه الشاهد والخصم، خصوصاً فى الجنايات وإلا فأى معنى لما أوجبه الشرع والقانون من السؤال عن اسم الشخص وسنه وصناعته ومولده، وماذا تفيد معرفة هذه الأمور كلها إذا لم يكن معروفاً بشخصه؟!

والحكمة فى أن الشريعة الغراء كلفت المرأة بكشف وجهها عند تأدية الشهادة كما مر ظاهرة وهى تمكن القاضى من التفرس فى الحركات التى تبدو على الوجه والعلامات التى تظهر عليه فيقدر الشهادة بذلك قدرها.

لا ريب أن ما ذكرنا من مضار التحجب يندرج فى حكمة إباحة الشرع الإسلامى لكشف المرأة وجهها وكفيها- ونحن لا نريد أكثر من ذلك.

واتفق أئمة المذاهب أيضاً على أنه يجوز للخاطب أن ينظر إلى المرأة التى يريد أن يتزوجها. بل قالوا بندبه عملاً بما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، حيث قال لأحد الأنصار- وكان قد خطب امرأة- «أنظرت إليها؟ قال: لا قال: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما».

هذه نصوص القرآن وروايات الأحاديث وأقوال أئمة الفقه كلها واضحة جلية فى أن الله تعالى قد أباح للمرأة كشف وجهها وكفيها، وذلك للحكم التى لا يصعب إدراكها على كل من عقل.

هذا حكم الشريعة الإسلامية كله يسر لا عسر فيه، لا على النساء ولا على الرجال ولا يضرب بين الفريقين بحجاب لا يخفى ما فيه من الحرج عليهما فى المعاملات والمشقة فى أداء كل منهما ما كلف به من الأعمال سواء كان تكليفاً شرعياً أو تكليفاً قضت به ضرورة المعاش.

أما دعوى أن ذلك من آداب المرأة فلا أخالها صحيحة. لأنه لا أصل يمكن أن ترجع إليه هذه الدعوى. وأى علاقة بين الأدب وبين كشف الوجه وستره، وعلى أى قاعدة بنى الفرق بين الرجل والمرأة؟ أليس الأدب فى الحقيقة واحداً بالنسبة للرجال والنساء، وموضوعه الأعمال والمقاصد لا الأشكال والملابس؟! وأما خوف الفتنة الذى نراه يطوف فى كل سطر مما يكتب فى هذه المسألة تقريباً، فهو أمر يتعلق بقلوب الخائفين من الرجال وليس على النساء تقديره ولا هن مطالبات بمعرفته، وعلى من يخاف الفتنة من الرجال أن يغض بصره كما أنه على من يخافها من النساء أن تغض بصرها. والأوامر الواردة فى الآية الكريمة موجهة إلى كل من الفريقين بغض البصر على السواء، وفى هذا دلالة واضحة على أن المرأة ليست بأولى من الرجل بتغطية وجهها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية