x

سيكولوجية التحرش

الإثنين 27-10-2014 17:49 | كتب: اخبار |
خدمة شكاوى المواطنين خدمة شكاوى المواطنين تصوير : بوابة الاخبار

يعد التحرش شكلا من أشكال العنف الشائعة التى تنتهك خصوصية الفرد وحقه فى الحفاظ على جسده وشعوره بالأمان الاجتماعى والنفسى، ومن هنا تأتى آثاره الهدامة على الفرد والمجتمع، والتحرش الجنسى بمعناه البسيط هو: أى قول أو فعل يحمل دلالات جنسية تجاه شخص آخر يتأذى من ذلك ولا يرغب فيه أو يعطيه إحساسا بعدم الأمان. هذه الظاهرة انتشرت فى المجتمع المصرى بشكل مريب. أيضاً تحتل مصر المركز الأول بين الدول العربية فى الجرائم الجنسية.. وعن العوامل التى تقف وراء هذه الظاهرة: تراجع القيم فى المجتمع وسيطرة المادة على كل شىء، أيضا نظرة المجتمع للمرأه على أنها مخلوق أدنى، أو أنها خرجت إلى الشارع وإلى الحياة لتزاحم الرجل وتخطف منه فرص العمل والتفوق. أيضا الخطاب الدينى والإعلامى غير المناسب، فالخطاب الدينى المتشدد نحو المرأة جعلها جسدا مرغوبا بالفطرة الطبيعية لدى الذكور، والخطاب الإعلامى الفاسد القائم على المصالح والماديات الذى يعرض جسد المرأة ويستخدمه للترويج للسلع والأفلام والأغانى فيبعث برسالة إلى المشاهد مفادها أن المرأة عبارة عن جسد جميل ملىء بالإغواء والإغراء ونداءات المتعة، أيضا هناك عامل مساعد، وهو هيئة وسلوك الشخص المتحرش به والمكان المتواجد به، والاقتراب بين الجنسين فى الشارع والمواصلات وأماكن الدراسة أو العمل المفتوحة والمغلقة وغيرها، أيضا عدم تفعيل القوانين التى سنتها الدولة تجاه هذه الظاهرة يزيد من حدتها، ولا ننسى الظروف الاجتماعية والاقتصادية غير الملائمة التى أدت إلى عزوف الشباب عن الزواج، وارتفاع نسبة العنوسة، وإن كان العديد من المتحرشين متزوجين وبعضهم فى مرحلة الشيخوخة وربما الكهولة.

أما عن علاج هذه الظاهرة فإننا نسمع الآن مثلا عن دعوات عبر الإنترنت عن وصفات لعمل بعض المستحضرات لكى تستخدمها النساء فى رش من يعتدى عليها والتى قد تصيبه بالعمى المؤقت، وأنا لا أعتقد فى هذه الحلول، لذا نريد أن نقف على أصل المشكلة وجذورها وأبعادها المختلفة، نريد تربية جنسية سوية معتدلة فى البيوت والمدارس، يواكب هذا توعية من خلال مؤسسات الدولة المختلفة وعلى رأسها الإعلام، ويجب تحقيق عدالة حقيقية كما نادت كل الثورات العربية بالعيش الكريم والحرية والكرامة الإنسانية، أيضا يجب تغيير النظرة الحالية عن المرأة والتى تمثل شريحة كبيرة من المجتمع، وأن ينمى المجتمع فى أبنائه ضوابط الضمير والضوابط الاجتماعية والقانونية للحفاظ على التوازن الصحى بين الدوافع والضوابط من خلال التعليم والثقافة.

د. وليد نادى

باحث بمعهد الدراسات التربوية - جامعة القاهرة

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية